تدل مؤشرات الأحداث التي تشهدها مصر حالياً علي أن هناك قوي تعمل علي إحداث صدامات دموية بين الجيش والشعب. وبالتالي تؤدي إلي تأجيل الانتخابات الرئاسية. وإدخال البلاد في دوامة فوضي تشل كل مظاهر الحياة فيها. الدلائل كثيرة.. وظاهرة للعيان ولاتخفي علي المراقبين للأحداث. وإلا فماذا تعني المعارك الدامية وحمامات الدم التي شهدها ميدان العباسية والتي جرت وقائعها بين المعتصمين أمام وزارة الدفاع وبين من أطلقوا عليهم لقب "بلطجية". ماذا يريد المعتصمون الذين توجهوا إلي وزارة الدفاع؟! ماهي طلباتهم؟ هل يريدون إقصاء المجلس العسكري ولم يبق علي انتهاء مهمته الا عدة أسابيع بعدها يتم تسليم السلطة إلي رئيس مدني منتخب؟ أم هل يريدون إفشال المسيرة الديمقراطية التي أوشكت أن تستكمل أركانها فيتم تأجيل انتخابات الرئاسة؟! إن هذا التخطيط تتضح معالمه من خلال دعوة "قوي ثورية" الي تنظيم مليونية باسم "الزحف الثوري" غدا الجمعة باتجاه مقر وزارة الدفاع للانضمام إلي ما عرف ب "حركة ثورة الغضب الثانية" بمحيط الوزارة. وكلتاهما تطالب بتسليم السلطة لمجلس انتقالي مدني يتولي اجراء الانتخابات الرئاسية في أجواء نزيهة لايشوبها التزوير!! ومعني ذلك أن هناك اتهاما مباشرا للمجلس العسكري الذي أدار الانتخابات البرلمانية بمنتهي النزاهة أنه سيعمل علي تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح معين!! والسؤال هنا: لو فرضنا أن ذلك صحيح.. فهل في استطاعة المجلس وسط هذه الظروف. وبعد أن خلع الشعب رداء الخوف أن يزور الانتخابات؟! وماهي الوسيلة التي يمكن أن يتبعها وكل العيون ستكون مركزة لفضح أي محاولة من هذا القبيل؟! ثم ما هي مصلحة المجلس في فوز مرشح وسقوط آخر؟! هناك من يقول إن أعضاء المجلس يريدون تأمين أنفسهم من الملاحقة السياسية أو الجنائية بعد عودتهم إلي ثكناتهم؟! فماذا ارتكب هؤلاء من جرائم حتي تتم ملاحقتهم بعد ذلك؟! لقد حاولوا بكل السبل إدارة شئون البلاد في فترة عصيبة لم تشهدها مصر من قبل ووسط ظروف وأنواء كادت تعصف بها.. وقادوا البلاد علي درب الديمقراطية باجراء أنزه انتخابات برلمانية في تاريخها.. وهم الآن يعملون علي تتويج جهودهم بإجراء انتخابات رئاسية تحت سمع وبصر الجميع لتسليم السلطة إلي الرئيس المنتخب. لقد احتجز المعتصمون ضابطا من ضباط الجيش برتبة رائد داخل كشك خشبي ووضعوا خمسة ملثمين حراسا عليه بدعوي دخوله منطقة التظاهر رغم أن الضابط أوضح لهم أنه مقيم بالاسكندرية وكان في زيارة لوالده بالمطرية. وأنه توجه بحسن نية إلي العباسية للتعرف علي الأحداث عن قرب لكن المتظاهرين احتجزوه. مما اضطر الشرطة العسكرية للتدخل لتخليص الضابط منهم. ومن هنا حذر مصدر عسكري المتظاهرين وطلب منهم عرض مطالبهم بعيدا عن الاحتكاك بأفراد القوات المسلحة. منبها إلي أن البعض فهم التزام القوات المسلحة بضبط النفس خطأ مما جعله يتجرأ علي الاحتكاك بأفرادها بالطريق العام. المرشحون للرئاسة جميعهم اعلنوا استنكارهم للمذابح التي تجري في ميدان العباسية وقرر بعضهم تعليق حملاتهم الانتخابية احتجاجا علي هذه المذابح واشار بعضهم إلي أن هناك طرفا ثالثا معروفا لكل المصريين هو السبب وراء مايجري. وهو الذي ارتكب مذابح موقعة الجمل وماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء. لقد بلغ عدد قتلي معارك العباسية حتي الآن 7 وأكثر من 50 مصابا ولا ندري ما ستسفر عنه الأحداث من مليونية "الزحف الثوري" غداً الجمعة.. لكن كما سبق أن قلت نخشي أن يصطدم الجيش بالشعب فتدخل البلاد في منحني دموي.. وتنفجر انفجارا ذريا لا خلاص منه.