في يوم 7 فبراير سنة 1923 وقع اعتداء علي واحد من الرعايا البريطانيين هو مستر امبار الذي يعمل في السكة الحديد المصرية .. ورغم أن هذا الاعتداء لم يسفر عنه اصابة أو أذي .. إلا أن اللورد اللبني المعتمد البريطاني في مصر أصدر أمراً عسكرياً بتعيين الكولونيل كوك كوكس حاكما عسكرياً للقاهرة وذلك خشية استمرار الاعتداءات علي الرعايا البريطانيين .. وبالتالي فقد أصدر هذا الحاكم بمجرد تعيينه أمراً عسكرياً يمنع كل الاجتماعات العامة إلا بعد الحصول علي إذن خاص من حكمدار القاهرة أو مدير مديرية أمن الجيزة .. وإذا لم يحصل المجتمعون علي هذا الإذن فإن يلقي القبض علي كل الحاضرين للاجتماع ومحاكمتهم عسكرياً. وأصدر أمراً عسكرياً آخر باعتبار بعض المناطق والأحياء المدنية .. مناطق عسكرية لا يسمح لأي شخص دخولها أو الخروج منها إلا من أمام مكتب الشرطة .. وكل ما يحاول الدخول أو الخروج من أي نقطة يعرض نفسه لاطلاق الرصاص عليه. والأغرب من ذلك أصدر الحاكم العسكري قرارا بضرورة الحصول علي تصاريح دخول وخروج للمنطقة التي يحدها شمالاً شارع ترعة جزيرة بدران وشرقاً ابن الرشيد وجنوباً خط السكة الحديد وغرباً شارع أبوالفرج.. وإذا لم يبادر أحد بالابلاغ عن المعتدي علي أي من البريطانيين أو إلقاء القبض عليه فإن هناك غرامة قدرها 600 جنيه يدفعها سكان هذه المنطقة. ورغم كل هذه القرارات فقد ألقي مجهول في 12 فبراير قنبلة علي المعسكر البريطاني أصابت يونانيا في مقتل وأصدر اللبني قراراً بفرض غرامة أخري قدرها 180 جنيهاً. وهكذا كان الحال في مصر منذ 89 عاماً .. المحتل البريطاني كان يمنع المصريين من حرية الحركة وعدم المرور في بعض الشوارع والأحياء إلا بالحصول علي تصاريح مرور .. ولكن هذه التصرفات كانت تتم من عدو للبلاد والمصريين .. وهو المحتل البريطاني .. ضد المصريين الذين يبحثون عن أي وسيلة لطرد هذا الاستعمار. كان المصريون يضربون ويحتجون ويعلنون العصيان المدني .. ومعهم الحق لأن كفاح مسلح من شعب أعزل يبحث عن استقلاله. كان هذا في أعقاب ثورة 1919 .. وتمر الأعوام وتقوم ثورة اخري في 25يناير 2011 .. ثورة شعب ضد نظام أستأسد في البلاد وظن مصر أنها عزبة .. ومع طول مدة الحكم والفساد الذي استشري طالب الثوار وغالبيتهم أو كلهم من الشباب باسقاط النظام .. وسقط النظام بعد 18يوماً من الثورة ولكن ما حدث بعدها كان أمراً غريباً عجيباً .. إذا امتدت أيدي الشياطين لتعبث بأمن واستقرار البلاد وحدثت أعمال بلطجة واعتداءات كان آخرها ما حدث في مدينة بورسعيد من مجزرة راح ضحيتها شباب في عمر الزهور .. ذهب إلي هناك للاستمتاع بمشاهدة مباراة كرة القدم .. وليس للموت..!! واندلعت المظاهرات وتركزت في ميدان التحرير ومحيط وزارة الداخلية واندست عناصر البلطجة والتخريب وحاصروا السكان وأصحاب المحلات التجارية في حي عابدين واضطر السكان إلي اغلاق مداخل الشوارع التي يسكنون فيها ولا يسمحون بالمرور إلا للسكان وذويهم. وهكذا تكررت المأساة .. المحتل أغلق مناطق في مواجهة أصحاب الأرض والبيوت زمان والسكان الآن أغلقوا مداخل الشوارع المؤدية لمساكنهم حفاظاًعلي أرواحهم وممتلكاتهم من المخربين والبلطجية. وهكذا تغلق الشوارع والمناطق للحماية .. ولكن فارق كبير بين حماية المستعمر وحماية المصريين لممتلكاتهم!!