بعد مرور 7 أشهر علي انفصال جنوب السودان عن شماله.. وفق استفتاء شعبي في شهر فبراير عام 2011 والإعلان عن الاستقلال التام عن الشمال ليعلن ميلاد الدولة الجديدة في الجنوب وتقسيم السودان إلي شمال وجنوب.. ومن المعروف أن الشمال يعيش فيه الأكثرية المسلمة السنة أما الجنوب فيعيش فيه الوثنيون وبعض المسيحيين. حاولت "المساء" أن تستطلع آراء الخبراء والمهتمة بالشأن الأفريقي والتداعيات التي سبقت هذا الاستقلال وهل سيؤثر علي حصة مياه النيل أو الثروات أو التدخل الأجنبي.. وما هي المؤشرات قبل الاستقلال وما الذي حدث بعد ذلك؟! يقول د.سعد نصار أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والخبير العالمي في شئون أفريقيا.. مما لا شك فيه أن أكثر بنود اتفاقيات نيفاشا المثيرة للجدل من وجهة نظر أغلب الباحثين في الشأن الأفريقي بصفة عامة والسودان بصفة خاصة هو البند الخاص بمنح الجنوبيين حق تقرير المصير في استفتاء تم عقده في عام 2011 أي بعد مرور 6 أعوام علي بداية تنفيذ تلك الاتفاقيات فالكل يجمع علي أن الخبرات التاريخية لمناطق أخري في دول العالم طبق عليها هذا المبدأ وكانت النتائج في صالح الانفصال وأبرز تلك الأمثلة ما حدث في إقليم "كوسوفو" بيغوسلافيا السابقة واستقلال دولة أريتريا عام .1993 قال إن اتفاق نيفاشا أدي إلي عدم إنهاء الحرب الأهلية في الجنوب فقط بل أمتد تأثيره إلي جنوب السودان إلي إقليمين إحداهما الأقليم الجنوبي "أوليات" والذي عهد به طبقاً للاتفاق إلي الحركة الشعبية لتحرير السودان. أوضح د.رضا أن من الطبيعي والمؤكد أن انفصال الجنوب عن الشمال أثر تأثيراً مباشراً علي مصر وسوف يؤثر أكثر مستقبلاً.. موضحاً أن السودان يمثل مجال مصر الحيوي وحزامه السياسي والأمني من منظوم تعامل مصر مع الدول الأفريقية فهو مصدر لموارد مصر المائية التي تأتي من خارج حدود السودان وبالتالي فالسودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي. أضاف أن السودان مصدر قوة بالنسبة لمصر وأهم عناصر خدمه لها. ولقد حذرنا النظام السابق في مذكرات رسمية بضرورة الحفاظ علي وحدة السودان لأن الحفاظ علي استقراره أمر لابد أن يحظي باهتمام خاص في إطار الاستراتيجية المصرية موضحاً أن التأثيرات السلبية التي حدثت في الانفصال له تأثير علي الأمن القومي المصري وبصفة خاصة في المجال المائي وما يشكله نهر النيل من أهمية قصوي لمصر. أشار أن هناك شواهد كانت في انفصال السودان تركها النظام السابق دون أن يتحرك وأهمها أنه باستقراء بسيط للأحداث وبنود اتفاقية نيفاشا علي الساحة السودانية وبعد مرور أكثر من 5 سنوات علي تنفيذ الاتفاقية فإن الأوضاع في جنوب السودان بدأت ترجح سيناريو انفصال جنوب السودان عن شماله وهذا ما حدث بالفعل. ويقول د.أحمد جويلي ا لعالم الاقتصادي الكبير ووزير التموين والتجارة الأسبق.. إن الشواهد علي الانفصال كانت في المجال السياسي والدبلوماسي.. والتي كانت في النص علي اتفاقية تقسيم السلطة علي أحقية حكومة جنوب السودان في توقيع اتفاقيات وبروتوكولات دولية مع أي دولة أو منظمة دولية أو إقليمية وهو ما أعطي الحق لحكومة الجنوب في الانفراد بتوقيع اتفاقيات خالفت التوجهات الرئيسية للدولة كما تم منح 18 سفارة ومكاتب تمثيل دبلوماسي ومكاتب اتصال تمثل حكومة الجنوب في الخارج وهي مستقلة تماما عن السفارات السودانية. وتعد نواة لسفارات جنوبية قادمة.. وعندما كان يقوم بعض مندوبيها بزيارات لهذه الدول تقوم هذه المكاتب بترتيب برنامج الزيارات والمقابلات بعيداً عن سفارة السودان في ذلك البلد وكان أنشط هذه المكاتب هو مكتب الحركة في واشنطن والذي أبرم اتفاقيات مع شركات أمريكية لتدريب وتسليح جيش الحركة الشعبية بالرغم من أن سفير السودان في أمريكا آن ذاك من الحركة الشعبية إلا أنه علي خلاف دائم مع مكتب الحركة. حمل د.جويلي النظام السابق مسئولية التقاعس في انفصال السودان.. موضحاً أنه افتعل خلافات شخصية بين السودان مما أثر تأثيراً مباشراً علي الانفصال.. موضحاً أن لمصر دائماً ثقلها التاريخي سواء علي المستوي الأفريقي أو العربي. أضاف أن انفصال الشمال عن الجنوب سيؤثر حتماً علي مصر ليس فقط في المياه وإنما في الثروات لأن التواجد ا لخارجي بدأ شديداً سواء من أمريكا أو إسرائيل أو الصين أو دول غرب أوروبا لأن الهدف هو عمل كماشة علي الدول العربية والأفريقية وأهمها مصر. قال لكن هناك وقتا ومتسعاً وقد حدث الانفصال منذ أكثر من 7 أشهر فلابد أن نتدارك الأمور ونبني جذور ثقة في الجنوب السوداني وألا نهرب ونواجه وأن يكون التواجد أكبر سواء بالخبرات أو التدريب أو الزراعة. ويؤكد الدكتور محمود أبوزيد وزير الموارد المائية والري الأسبق ورئيس مجلس المياه العربي أن النية كانت قائمة للانفصال وقد جاءت في تصريحات "سلفا كير" والذي كان يشغل نائب الرئيس آن ذاك وهو الرئيس الحالي.. والذي قال في نهاية عام 2009 بعد عودته من مصر إن المصريين يخشون من انفصال الجنوب وأن مصر فعلت شيئاً ولكن بسيطاً من أجل الوحدة وأن من يريد أن يقنع الجنوب بالوحدة عليه أن يعمل رغم أنه سيكون عملاً في الوقت الضائع. هذه كانت إشارة واضحة للانفصال وقد حذرنا وقتها النظام السابق ولكن لم يستمع إلي النصائح وقلنا إن الوقت مازال موجوداً لرأب الصدع. موضحاً أن أي انفصال في أي دولة عربية سوف يكون ضرراً علي باقي الدول.. لأن وحدة الدول قوة للأمة العربية.. وانفصال الجنوب عن الشمال سوف يؤثر تأثيراً سلبياً علي مصر.