المرصد السوري: سقوط أكثر من 350 قتيلا في أحداث السويداء منذ اندلاع أعمال العنف    يديعوت أحرونوت: حماس تصرّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خطوط 2 مارس    الرئيس السوري: "الدروز" جزء من نسيج الوطن وحمايتهم أولوية    "هل ينتقل لبيراميدز؟".. إعلامي يفجر مفاجأة بشأن مستقبل وسام أبو علي مع الأهلي    كراسة شروط شقق أصحاب الأولوية بسكن لكل المصريين 5 (صور)    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الخميس بالصاغة    سعر الطماطم والبطاطس والخضار بالأسواق اليوم الخميس 17 يوليو 2025    صدمة في وول ستريت بعد تصريح ترامب عن مناقشة إقالة رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي    المئات يحتفلون ب مولد الششتاوي بالمحلة الكبرى (صور)    «أنا المصري كريم العنصرين»!    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    روبيو: تم الاتفاق على خطوات محددة لإنهاء الاشتباكات في سوريا الليلة    وزير خارجية إيطاليا: نعمل مع الشركاء على التوصل لاتفاق لضمان الاستقرار في سوريا    الدفاع الجوي الروسي يسقط طائرتين مسيّرتين أوكرانيتين كانتا في طريقهما إلى موسكو    خدمات مالية غير مصرفية تتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية نهاية جلسة الأربعاء    أسامة نبيه يختبر 39 لاعبا في ودية منتخب الشباب أمام الكويت    رد فعل غاضب من الخطيب تجاه وسام أبو علي.. ياسمين عبدالعزيز تكشف    «كانو بيمثلوا».. الحنفي: وليد سليمان وأيمن حفني وأحمد عيد اعتادوا ادعاء السقوط بمنطقة الجزاء    عمقها 20 مترا، لحظة انتشال جثتين ومصاب من حفرة داخل منزل بسبب التنقيب عن الآثار بالغربية (فيديو)    شبورة كثيفة وارتفاع بدرجات الحرارة.. تحذير عاجل من الأرصاد ل أهالي مطروح والسواحل الشمالية الخميس 17 يوليو    من أسرة واحدة.. إصابة 5 أفراد في حادث انقلاب سيارة ب طريق «وادي النطرون – العلمين»    تامر حسني بعد ترند "لينا ميعاد": تعبت تعب مش طبيعي ودخلت مستشفيات وبحاول أكون واجهة جميلة لمصر    أول رد رسمي من «كوكاكولا» على تصريحات ترامب عن إضافة السكر الطبيعي    5 نصائح تجنبك الإصابة بالانزلاق الغضروفي    مصرع شخصين اختناقًا داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار في الغربية    الدولار ب49.37 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الخميس 17-7-2025    الحكومة: مقترح شامل لتأسيس كيان موحد لمنظومة التعليم الأهلي في مصر    البابا تواضروس يهنئ الناجحين في الشهادة الإعدادية    ترامب: نقترب من اتفاق بشأن التعريفات الجمركية مع الهند    زلزال قوي يضرب ألاسكا وتحذيرات من تسونامي    متحدث التعليم: وضعنا استراتيجية لتغيير الصورة النمطية السلبية عن التعليم الفني    حدادًا على رحيل ميمي عبد الرازق.. المصري يجمّد أنشطته 3 أيام    حدث بالفن | وفاة مطرب وتعرض نجل مخرج لحادث وسوزي الأردنية تدخل التمثيل    أول تعليق من ريهام عبدالغفور قبل عرض مسلسل "كتالوج"    المفتي يكشف حكم الحقن المجهري    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع.. أمين الفتوى يوضح التصرف الصحيح شرعًا (فيديو)    أمين الفتوى يحسم حكم فوائد البنوك.. حلال أم حرام؟    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    فرج عامر ناعيا ميمي عبد الرازق: رحل رفيق الدرب    ما حكم "تجميد البويضات"؟.. مفتي الجمهورية يجيب    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و"الليل وآخره" يحمل رسائل دينية    حب وتفاهم مستمران.. هذه الأبراج لديها أنجح العلاقات    لغز يكشف الحلم الذي تخفيه في قلبك.. ماذا ترى أولاً؟    كان حالة خاصة.. رانيا فريد شوقي تكشف إمكانية تقديم السيرة الذاتية لوالدها (فيديو)    الآن.. سجل بياناتك للحصول على نتيجة الثانوية العامة 2025    ظلام تام في عز الضهر.. تفاصيل أطول كسوف كلي للشمس تشهده 10 دول عربية    ميكالي: حلمي لم يكتمل مع منتخب الشباب.. وأتمنى العودة للتدريب في مصر    بشرى للموظفين.. جدول صرف مرتبات شهر يوليو 2025 بعد قرار المالية (تبكير موعد وزيادة جديدة)    متى يصدر قانون الإيجار القديم.. 1 أغسطس آخر موعد وفقا للمادة 123 من الدستور    السيطرة على حريق محل فى التجمع دون إصابات    عميد القلب السابق يكشف المعدن السحري لصحة الإنسان (فيديو)    مستشفيان بالفيوم يحصدان المركز الأول في جراحات الأورام والقلب المفتوح على مستوى الجمهورية    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    غلق باب الطعون في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء.. وإعلان النتيجة 20 يوليو    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    الرئيس الأمريكى ترامب يطرح حل أزمة سد النهضة مقابل تهجير الفلسطينيين والسيسي يرحب    جامعة القاهرة تناقش دمج الذكاء الاصطناعي في العلاج الطبيعي بمؤتمر دولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في انتظار الاستفتاء في جنوب السودان

يستشرف السودان في‏9‏ يناير‏2011‏ إجراء الاستفتاء علي حق تقرير المصير لمواطني جنوب السودان‏,‏ وهو أحد البنود الأساسية في اتفاقية السلام الشامل التي تم توقيعها في نيفاشا في كينيا عام‏2005
حيث حدث توافق علي منح الجنوبيين الحق في تقرير المصير بالتصويت‏:‏ إما لبقاء جنوب السودان ضمن السودان الموحد‏,‏ أو لانفصاله عن السودان في إطار حق تقرير المصير‏,‏ بحيث يفضي الاستقلال إلي دولة جنوبية ذات سيادة‏,‏ وسيكون لها اسمها ونشيدها الوطني وعلمها الخاص وجيشها الخاص وعملتها وسفاراتها في الخارج وعضويتها في الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية‏.‏ وقد وقعت نزاعات عديدة بين شمال السودان وجنوبه‏,‏ ودامت أكثر من عقدين من الزمن‏,‏ وتعددت مبادرات السلام بين الطرفين وهي‏:‏ بروتوكول مشاكوس الذي وقع في كينيا عام‏2002,‏ وبروتوكول الترتيبات الأمنية الذي وقع في نيفاشا في كينيا عام‏2003,‏ وبروتوكول تقاسم الثروة الذي وقع في نيفاشا عام‏2004,‏ وبروتوكول تقاسم السلطة الذي وقع في نيفاشا عام‏2004,‏ وبروتوكول حسم النزاع في جنوب كردفان وقع في نيفاشا عام‏2004,‏ وبروتوكول حسم النزاع في أبيي الذي وقع في نيفاشا عام‏2004,‏ وآخرها اتفاقية نيفاشا عام‏2005.‏
وأبرز نقاط اتفاق نيفاشا هي ما يلي‏:‏
حق تقرير المصير للجنوبيين
نص اتفاق السلام علي حق تقرير المصير لجنوب السودان في نهاية الفترة الانتقالية لتحديد ما إذا كان الجنوب سينفصل عن البلاد أو لا‏.‏
تقاسم السلطة
سيشكل حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبيةحكومة وحدة وطنية ذات نظام إدارة لامركزية‏,‏ كما ستشكل الحركةإدارة منفصلة تتمتع بحكم شبه ذاتي في الجنوب‏.‏ وستكون نسب المشاركة في الحكومة المركزية‏52%‏ للمؤتمر الوطني‏,28%‏ للحركة الشعبية‏,‏ و‏14%‏ لباقي القوي السياسية‏.‏ كما ستكون العربية والإنجليزية اللغتين الرسميتين للبلاد‏,‏ وسيشغل سكان الجنوب‏30%‏ من الوظائف الحكومية‏.‏
جارانج نائبا أول للرئيس
سيتولي زعيم الحركة العقيد جون جارانج منصب النائب الأول للرئيس في حكومة الوحدة الوطنية بصلاحيات واسعة‏,‏ كما ستجري انتخابات عامة علي كافة المستويات في مدة لا تتجاوز السنة الرابعة من بداية الفترة الانتقالية‏.‏
تقاسم الثروة
يتم تقاسم الثروة القومية بالتساوي خصوصا من عائدات آبار النفط في المنطقة الجنوبية التي يوجد بها معظم النفط المستغل‏,‏ فيتم تقاسمها مناصفة بين الحكومتين الجنوبية والمركزية بعد منح‏2%‏ علي الأقل للولايات التي ينتج النفط فيها‏.‏ وتخصص نصف عائدات البلاد غير النفطية من الضرائب والرسوم التي تجمعها الحكومة الوطنية في الشمال لحكومة الجنوب بإشراف هيئة مشتركة‏.‏ ويتم تشكيل نظام مصرفي مزدوج بحيث يكونفي الشمال إسلاميا يحظر التعامل بالفائدة وفي الجنوب تقليديا‏.‏ كما يفتتح في الجنوب فرع للبنك المركزي الذي سيصدرعملة جديدة بتصاميم تعكس التنوع الثقافي في البلاد‏.‏
إدارة جبال النوبة وولاية النيل الأزرق
سيكون لجبال النوبة وولاية النيل الأزرق اللتين تشكلان مناطق تماس بين الشمال والجنوب‏,‏ حكومتان يرأس كلا منهما بصفة دورية حاكممن الحركة الشعبية أو حزب المؤتمر الوطني‏,‏ وبعد إجراء الانتخابات منتصف الفترة الانتقالية ينتخب الحاكم مباشرة من الناخبين المسجلين بالولاية‏.‏ وسيكون للمنطقتين برلمانان منتخبان يكون التمثيل فيهما علي النحو التالي‏:55%‏ لحزب المؤتمر الوطني و‏45%‏ للحركة الشعبية‏.‏
منطقة أبيي
ستمنح هذه المنطقة الغنية بالنفط التي تعتبر حاليا جزءا من ولاية غرب كردفان وضعا خاصا‏,‏ وسيعتبر سكانها في الفترة الانتقالية مواطنين في ولايتي شمال كردفان‏(‏ شمال‏)‏ وبحر الغزال‏(‏ جنوب‏)‏ وستدار من قبل مجلس تنفيذي محلي ينتخبه سكانها‏.‏ وسيتم نشر مراقبين دوليين لمراقبة تطبيق الاتفاق في أبيي‏,‏ في حين سيصوت سكانها في استفتاء منفصل يتزامن مع استفتاء جنوب السودان لتحديد ما إذا كانت ستحتفظ بمكانتها الخاصة في الشمال أم أنها ستكون جزءا من ولاية بحر الغزال في الجنوب‏.‏
الترتيبات الأمنية
ينص الاتفاق علي سحب أكثر من‏100‏ ألف جندي حكومي منتشرين في الجنوب‏,‏ وقوات الحركة الشعبية المنتشرة في ولاية جبال النوبة والنيل الأزرق تحت إشراف دولي‏,‏ مع مراعاة احترام الحدود الشمالية الجنوبية التي رسمت عام‏1956‏ ويقوم مجلس جديد للدفاع المشترك مؤلف من كبار الضباط من الجانبين بالتنسيق بين قيادة قوات الحكومة والحركة الشعبية‏.‏ ولن يتم دمج القوات الحكومية وقوات الجيش الشعبي بل سيتم التعامل معهما بالتساوي في إطار القوات المسلحة السودانية‏.‏ وخلال الفترة الانتقالية يساهم الجانبان بأعداد متساوية من القوات لتشكيل قوات مشتركة لنشرها علي جانبي الحدود‏.‏ وسيكون انتشار القوات المشتركة كالتالي‏:24‏ ألف جندي في جنوب السودان‏,6‏ آلاف جندي في جبال النوبة‏,6‏ آلاف جندي في ولاية النيل الأزرق‏,3‏ آلاف جندي في العاصمة الخرطوم‏.‏
لقد دخل تطبيق هذا الاتفاق الآن إلي مرحلة حرجة حيث يحتدم الجدل في الداخل السوداني حول عدد من القضايا العالقة‏,‏ وهي الحدود وقسمة الموارد النفطية وقضية أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب حيث يجري الجانبان مفاوضات في أديس أبابا بهدف التوصل لحلول لهذه المشكلات‏.‏ بخلاف ذلك‏,‏ تطرح في هذه الآونة مسألة الجنسية في حال اختار الجنوبيون الانفصال في الاستفتاء‏,‏ حيث تقترح الحركة الشعبية الجنسية المزدوجة أو إبقاء ما سمته الحركة ب المواطنة المشتركة‏.‏ وفي الحقيقة فإن التداعيات الناجمة عن انفصال الجنوب عديدة‏.‏ فعلي الصعيد الداخلي‏,‏ هناك مخاوف من أن يكون الانفصال بداية صراع جديد بين الشمال والجنوب نتيجة لعدم حسم قضايا عالقة كثيرة وأبرزها مناطق التخوم الفاصلة بين الشمال والجنوب مثل جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة وأبيي‏,‏ فضلا عن احتمال انتقال العدوي إلي بؤر صراعية مفتوحة مثل أزمة دارفور في غرب السودان‏.‏ وبالنسبة للكيان الجنوبي الوليد يتمثل التحدي في مدي قدرته علي إدارة شئون دولة والقدرة علي مواجهة التحديات الأمنية‏.‏ وعلي الصعيد الإقليمي‏,‏ هناك تأثير للانفصال علي دول الجوار الإفريقي مثل إثيوبيا وأوغندا وكينيا من خلال ما يسمي في الكتابات بتدحرج كرة الثلج الجنوبية‏,‏ لاسيما أن الدول السابقة تعاني من تركيبة اثنية وعرقية غير منسجمة‏,‏ الأمر الذي يحمل في طياته انتشارا للفوضي والاضطرابات‏.‏
ولكن ربما كانت المشكلة الأعظم واقعة في شمال السودان‏,‏ فهو من الناحية الجغرافية الأكبر في المساحة من الجنوب‏,‏ ومن الناحية الديموغرافية فإنه الأكثر عددا والأفضل تقدما من النواحي الإنتاجية والتعليمية‏.‏ ولكن هذه الميزات كلها ربما تخفت أمام حالة التفتت في النخبة السودانية التي ضبطت نزاعاتها حتي الآن القوات المسلحة السودانية التي سوف تقع في موقف المحاسبة باعتبارها مسئولة عن ضياع الجنوب‏.‏ ولكن الأخطر من هذا الضياع سوف يوجد في البحث عن هوية للدولة السودانية التي سوف تولد من جديد‏.‏ لقد قامت هذه الدولة عند انفصالها عن مصر علي عام‏1956‏ علي أساس من كونها أولا دولة متعددة الأعراق علي خلاف مصر المتجانسة‏;‏ وثانيا لأنها دولة تقوم علي الديمقراطية لاستيعاب هذا التعدد علي خلاف مع مصر التي كانت السلطوية قد طالتها مع استبعاد اللواء محمد نجيب وله أصول سودانية عن الحكم‏,‏ ووضع نهاية لتعدد الأحزاب مما كان يعني وضع نهاية للأحزاب التي تسعي للوحدة مع مصر مثل الحزب الوطني الاتحادي الذي فاز بالانتخابات في السودان ثم بعد ذلك أخذ القرار بالانفصال عنها‏.‏ ومن عجب أن هذه القصة تكررت مرة أخري بين مصر وسوريا حينما أدي وضع نهاية للنظام الحزبي إلي أن حزب البعث الذي سعي للوحدة مع مصر لم يلبث بعد إتمام الوحدة أن قام بالانقلاب عليها وقاد إلي الانفصال‏.‏
ولكن العجب ليس موضوعنا الآن‏,‏ فقد مر الزمان دورة كاملة وأصبح علي السودان مرة أخري أن يبحث عن هوية جديدة بعد أن ضاع جزء كبير من تعدده مع انفصال الجنوب إذا ما كان ذلك وهو الأرجح خيار الجنوبيين في الانتخابات القادمة‏.‏ فهل يكون الاقتراب من مصر هو النتيجة الطبيعية التي تعطي للبلدين مزايا إستراتيجية هائلة فضلا عن إعطاء الجنوبيين حافزا للاستمرار في علاقة قريبة من الشمال بدلا من أن يكون قاعدة للخصام معه؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.