ما حدث ويحدث في شارع مجلس الشعب أمام مقر مجلس الوزراء أمر غير مقبول لا عقلا ولا منطقاً. ولا يمكن تبريره بأية صورة من الصور. الذي يدقق في وجوه الشباب والأطفال الذين يقذفون مبني المجلس ورجال الأمن بالطوب يدرك بغير شك أنهم ليسوا ثوارا ولا ينتمون إلي الثورة بأية صلة. هؤلاء مجموعة من البلطجية المحترفين الذين قبضوا أموالاً من جهة ما أو من أشخاص لهم أهداف ومصالح لزلزلة كيان الوطن لأنك لو سألت أحدهم عن الثورة سوف يكون رده: يعني إيه ثورة؟! محاولة اقتحام وزارة الداخلية التي جرت منذ أسبوعين أو أكثر تتكرر الآن أمام مقر مجلس الوزراء لضرب هيبة الدولة واطفاء فرحة الاحتفال بعرس الديمقراطية بنجاح المرحلتين الأولي والثانية لانتخاب مجلس الشعب. كل المعلقين السياسيين والاستراتيجيين وأفراد الشعب العاديين أكدوا بالإجماع من خلال مداخلاتهم في القنوات الفضائية التي تتابع الموقف ان هذه الأحداث مدبرة من أفراد أو جهات كارهة للثورة وكارهة لاستقرار مصر لإحداث فوضي عارمة والالتفاف علي الثورة لإسقاطها. قوات الشرطة والجيش تقف مكتوفة الأيدي ولا تريد التدخل خوفا من سقوط ضحايا وعندها سيقال -كما قيل من قبل- ان الجيش والأمن يضربان الشعب. وتخرج الفضائيات المغرضة التي تجدها مادة ثرية لصب الزيت علي النار والمزايدة علي مصالح الوطن. وسط تبادل الضرب بالطوب والحجارة بين هؤلاء البلطجية وأفراد الأمن الذي لم يعرف سببه فوجيء الناس بأن هناك قنابل مولوتوف. وطلقات رصاص وحدوث وفيات كما حدث تماما من قبل في شارع محمد محمود. الصورة إذن تتكرر بنفس السيناريو.. ومعني ذلك أن المخطط قائم ومستمر. وهناك مراقبة ومتابعة للحالة السياسية. وكلما هدأ الوضع ولاحت بوادر الاستقرار يتم إشعال الموقف لإحداث الفتن والقلاقل. الرأي العام والأغلبية التي تتابع في صمت تطالب الدولة ممثلة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة ووزارة الداخلية أن تتصرف وتثبت أنها حريصة علي هيبة مصر أمام العالم كله. الدولة قادرة من خلال أجهزتها المختلفة أن تعرف الجهات أو الأشخاص الذين يحركون هذه الأحداث وتعلن ذلك صراحة علي الملأ وتنفذ القانون فيما يتعلق بهم. حتي كتابة هذه السطور كان المجلس الاستشاري المشكل من حكماء مصر وقادة الرأي فيها مازال مجتمعا لبحث الموقف من هذه الأحداث. وهناك أقوال بأن هناك خلافات ومحاولات للانسحاب من هذا المجلس. وهنا تكون الطامة الكبري. فإذا كان حكماؤنا لا يستطيعون الاتفاق علي موقف محدد لمواجهة هذه الأحداث فقل علي مصر السلام. وإذا كانت الجهات الأمنية لا تعرف المحركين لهذه الأحداث فهذه مصيبة وإذا كانت تعرف ولا تعلن فالمصيبة أعظم كما يقولون.. لكن المحصلة من كل ذلك أننا نعيش حالة يأس تام.