لم أجد شعباً يبيع بلده بثمن بخس مثلنا نحن المصريين.. ولمن نبيعه؟! للأسف نبيعه للشيطان!! مصر الآن بلد مرفوعة من الخدمة. وهي كالآلة التي تعطلت تروسها فتوقفت عن الإنتاج. مصر الدولة تنهار ككيان.. وكل الأنظار في العالم تتجه إليها.. البعض شامت وفرح ويتمني مزيداً من الانهيار.. فإضعاف مصر فرصة لإسرائيل وتأكيد لهيمنتها علي المنطقة.. ورغم ضآلة حجمها فإنها تلبس ثوب المارد في غياب البلد الوحيد القادر علي ادخالها القمقم. دول أخري في المنطقة وخارجها تراقب وترقب.. وهي تدرك أن وضع هذا البلد الاقتصادي ضعيف.. وما يحدث يزيده ضعفا.. وهي فرصة للمن والأذي المعنوي علي الأقل.. فالحاجة ذل وهوان.. ومن بيدهم العون والمساعدة ليسوا فوق مستوي الشماتة.. وإذا تقدموا بعروض سيتقدمون بها وهم يشعرون أن يدهم هي العليا!! خسائر البورصة بلغت 12 مليار جنيه.. ولم يقتصر الأمر علي ذلك وإنما أغلقت أبوابها منعاً لمزيد من الخسائر والانهيار.. مصانع العاشر من رمضان ومدينة أكتوبر توقفت وتم تسريح عشرات الآلاف من العمال.. التجارة كسدت في ظل تزايد الأسعار وضعف القوة الشرائية.. مؤسسات وشركات علي وشك إعلان إفلاسها.. المواطنون قابعون في بيوتهم لا يخرجون منها خوفاً من المجهول.. المجرمون واللصوص يرتعون في كل مكان ولهم الكلمة الأولي والأخيرة بالنسبة للأمن. ماذا بعد؟! هل نتحدث عن التعليم والصحة والخدمات والمرافق وكل ما يتعلق بالحياة اليومية للناس في ظل هذه الأجواء؟! وماذا نقول؟! هل ننتظر تعليماً ينهض بالبلد؟! وهل ننتظر خدمات صحية وطبية لشعب يعاني أمراضاً مستعصية ومزمنة؟! وهل ننتظر خدمات للمواطنين في مرافق منهارة ومن موظفين منفلتين لا يقدرون المسئولية؟! مرة أخري.. نحن نبيع بلدنا إلي الشيطان.. لقد أصبحت مصر كثوب مهلهل كل منا يشد طرفاً منه ليقتطعه لنفسه.. طلبات لا تنقضي من فئات وفصائل وجماعات مختلفة.. وحكومة لا تسمع ولا تري ولا تتكلم.. ومجلس عسكري لم يثبت حتي الآن قدرته علي إدارة البلاد بكفاءة تلبي طموحات الناس وهدفهم من الثورة. والآن نري رأي العين نبوءة الرئيس السابق حسني مبارك أو بالأصح تهديده يتحقق عندما قال "إما أنا وإما الفوضي العارمة التي لا تبقي ولا تذر"!! أي بلد متحضر في العالم يلتقي فيه الفرقاء وهم يضعون مسئوليتهم التاريخية علي مائدة المفاوضات ليتحدثوا ويتناقشوا ويصلوا إلي الحلول التي تحقق مصالح الوطن لا مصالحهم الشخصية.. لكن أن يقف كل منا علي بعد من الآخر نتنابز ونتشابك.. فذلك حوار الطرشان لا حوار المتحضرين. ان اقتحام وزارة الداخلية لو تم لن يكون إهانة للوزارة والوزير والعاملين فيها.. وإنما إهانة لمصر وإسقاط لهيبة الدولة.. وزارة الداخلية ليست هي الوزير والضباط والجنود. وإنما رمز لكيان الدولة.. ولا أعتقد أن شباب الثورة هم الذين يحاولون اقتحامها وإنما فئة منحرفة مندسة بين الثوار.. وعلي هؤلاء الثوار أن يعوا ذلك ويعملوا علي إجهاض هذه المحاولات التخريبية. أكتب هذه الكلمات وأدفع بها إلي المطبعة قبل أن يصدر ما قيل انه بيان من المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو من المشير محمد حسين طنطاوي.. ونرجو إذا صدر هذا البيان أن يلبي طلبات الثوار الحقيقيين لتهدأ الأمور وتعود مصر إلي أبنائها.. ويعود أبناؤها إليها. اللهم اكشف هذه الغمة.. فمصر لا تستحق مثل هذه الفوضي وهذا الانهيار.. وشعبها أهل خير.. وجندها خير أجناد الأرض.