إذا كنت قد تابعت المعركة الدامية بين ثوار ليبيا وكتائب القذافي عبر شاشات التليفزيون قبل اصطياده وقتله فبالتأكيد لابد وأن تكون قد شاهدت المدفع الرشاش الموضوع علي السيارات النصف النقل وأحد آلات القتل المستخدمة في هذه المعارك.. وللأسف ومع حالة الانفلات الأمني وتهريب الأسلحة بالجملة من ليبيا إلي مصر أصبحت هذه النوعية من المدافع هي السمة الرئيسية لأفراح الأثرياء بغرب الإسكندرية حتي الحمام. ولا تستخدم أسرة العروسين مدفعا واحدا ولكنك تفاجأ بستة أو سبعة من هذه النوعية تطلق الذخيرة الحية في الهواء. وهي إما مثبتة علي الأرض أو موضوعة أعلي السيارات وبالطبع لا يوجد من يحاسب من يطلق الرصاص لأن جميعهم ينتمون إلي قبائل كبيرة ومعروفة ولا يستطيع أحد أن يخترق أفراحهم بدعوي قانون الطوارئ أو كلمة ممنوع طبقا للقانون. كما لا أحد يعلم أين يتم إخفاء هذه المدافع التي أصبحت أعدادها الرهيبة والمنتشرة في غرب الإسكندرية ربما تفوق ما تم استخدامه في حرب ..1973 والأغرب أنك كلما تعمقت في داخل الإسكندرية اختلفت نوعية أسلحة الأفراح ففي منطقة الدخيلة ومينا البصل يتم استخدام "الآلي" كما يطلقون عليه أي البنادق الآلية.. ويضع المعازيم وأسرة العروسين البنادق الآلية أمامهم علي الطاولات بجوار مخدر الحشيش المعروف في مثل هذه الأفراح ويظل صاحب الأسلحة الآلية يتبادل إطلاق النيران طوال العرس كتحية للعروسين. وكلما زاد عدد الأسلحة الآلية وأشكالها التي يحضرها صاحب الفرح دل ذلك علي وضعه في المجتمع المحيط به وقوة علاقاته ومركزه بين العائلات. أما في شرق الإسكندرية فيتم أيضا بالمناطق الشعبية استخدام السلاح الآلي مجاملة في الأفراح ولكن الأكثر انتشارا في وسط الإسكندرية هي "المسدسات" بمختلف أنواعها والشماريخ ويتم إطلاق الرصاص الحي طوال الليل في الشوارع أثناء زفة العروسين الأخيرة وكلما خلي الشارع من المارة تسمع أصوات الرصاص بكثافة حتي ولو كانت المنطقة ليست محل سكن العروسين.. ولكنها استعراض قوي وتعد سافر لقانون الطوارئ. والحقيقة أن أي ضابط أو شرطي سيقترب من أماكن إطلاق "ذخيرة الفرح" سيسقط صريع رصاصة علي الفور. المؤسف حقا هو السباق الليلي علي الكورنيش وبمنطقة الداون تاون أمام زفة العروسين بالسيارات التي يخرج منها الشباب مطلقين "الشماريخ" والرصاص.. ولا أحد يحاسبهم أيضا.. إن أغرب ما تعانيه الإسكندرية هذه الأيام هي أن عملية تقدير الآخرين لحفل عرسك أو عرس أقاربك يقف علي كمية السلاح المستخدم ونوعيته وطريقة استخدامه. ولم يعد لنا سوي أن نشاهد مدرعة أو دبابة تم تهريبها من ليبيا وتستخدم في زفة العروسين بعد أن أصبح السلاح هو أساس التقييم لك. إذا ما كنت من الأثرياء ولا تهاب القانون.. أم أنك مواطن "سيس" أي تخاف القانون وتمشي جنب الحيط .