صناعة العسل الأسود باتت مهددة بالانقراض بسبب عدم وجود فرص حقيقية للتسويق وعدم تجديد الآلات المستخدمة في إنتاجه.. من محافظة قنا التي تعد أهم قلاع صناعة العسل الأسود تحدث إلي "المساء" صُناع العسل وأصحاب العصارات. قال محمد منصور أحد تجار العسل إن صناعة العسل الأسود بدأت في التدهور في السنوات الأخيرة بسبب انعدام فرص التسويق. إلي جانب أن الصناعة لم يطرأ عليها جديد منذ نشأتها. فتقوم بتوزيع العسل للمحافظات المجاورة وهي تقوم بتنقيته وإعادة تعبئته وتوزيعه بضعف السعر. مؤكداً أن عدم تطوير تلك الصناعة وإدخال المعدلات الحديثة إليها سيؤدي إلي اندثارها بالكامل في سنوات قليلة. خاصة أن العصارات الحالية عبارة عن مباني مقامة بالطوب اللبن ومسقوفة بجذوع النخيل. لأن ملاكها توارثوها عن أجدادهم من عشرات السنين والحكومة تحارب التوسع في إنشاء العصارات. يقترح ممدوح عبدالحميد سليمان أحد أصحاب مصانع العسل الأسود بقرية أولاد نجم ببهجورة أن يتم إنشاء شركات مساهمة مصرية تضم بعض رجال الأعمال والجمعيات الأهلية ويكون مقرها مركز نجع حمادي لتمركز الصناعة به من أجل الحفاظ علي الصناعة الوطنية. ومن خلالها تطرح أسهمها للمصلحة العامة لتسهيل مهمتها في استيراد المعدات الحديثة اللازمة لمحصول القصب وتصنيعه محلياً وبيع وتأجير تلك المعدات بأسعار تتناسب مع المنتجين وشركات السكر وأصحاب العصارات لاستفادة الطرفين. حيث توفر عائداً لأصحاب العصارات والمزارعين. كما يطالب بضرورة التنسيق بين وزارة الصناعة والهيئات العامة للتنمية والصناعة والتعاون معهم لتنمية صناعة العسل الأسود. بالإضافة إلي ضرورة الاستفادة من الأراضي الصحراوية المتروكة وزراعتها بمحاصيل القصب بمعدات حديثة تعمل علي تطوير الصناعة وتسهم في خلق فرص عمل للشباب. مشيرا إلي أنهم تواصلوا مع كثير من الهيئات الحكومية وغيرها من الشركات ولم يجدوا سوي خطب رنانة ووعود كاذبة لم يتحقق منها شيء علي أرض الواقع. أكد وجود 400 عصارة متمركزة في نجع حمادي وأبوتشت وفرشوط. ورغم هذا العدد الهائل من أصحاب العصارات إلا أننا نري صناعة العسل الأسود في خطر وتجاهل من المسئولين والحكومة في الصعيد. وتقتصر جهود الاهتمام بها علي مجهودنا الشخصي للتعامل مع شركات خاصة بالقاهرة تقوم باستلام كميات محدودة للغاية من العسل الأسود تتراوح ما بين 2 إلي 3 أطنان خلال شهر أو ثلاثة أشهر ليتم تصديرها. ولكن إن لم يكن هناك تحركاً جاداً من قبل الحكومة فإن صناعة العسل الأسود في الصعيد ستندثر قريباً. أكد النائب فتحي قنديل عضو مجلس النواب عن دائرة مركز نجع حمادي أهمية إعادة النظر في صناعة العسل الأسود في الصعيد والعمل علي إعادة هيكلتها وتنميتها.. مشيرا إلي أن وزير الصناعة والتجارة استجاب لمطلبه بشأن تطوير الصناعة وكلف مركز تحديث الصناعة بسرعة دراسة أوضاع صناعة العسل الأسود بصعيد مصر لوضع خطة متكاملة لتطويرها وإعادة هيكلتها. مؤكداً أن صناعة العسل الأسود تعاني انخفاض أسعار المنتج داخل العصارات. إضافة إلي اعتماد الصناعة علي وسائل بدائية عرقلت عملية تصدير المنتج مباشرة من محافظة قنا إلي الأسواق الخارجية دون عمل معالجة. إضافة إلي زيادة الفاقد في محصول قصب السكر الذي تقوم عليه صناعة العسل الأسود. وعن المعدات والماكينات المستخدمة في صناعة العسل الأسود.. يقول سيد بهلول أحد أصحاب مصانع العسل بنجع حمادي إنها ماكينات بخارية تعمل من خلال مجموعة من السيور والبكرات والتروس التي تعمل علي طحن العيدان لإخراج الخام من العسل الأسود. وبعد ذلك يتم نقل العسل إلي مكان مجاور به أواني نحاسية لإتمام العملية والتصنيع. مشيرا إلي وجود العديد من المشكلات التي تواجه أصحاب العصارات وباتت تهدد هذه الصناعة المهمة في الصعيد. وأهمها ارتفاع أسعار أجور العمالة وعدم وجود العمال لإنتاج أطنان القصب بالعصارات وعدم توافر القصب في الفترة التي تعقب حصاده في كل موسم. فضلاً عن عدم استخدام المعدات الحديثة في الزراعة وحصاد المحصول أو في مراحل التصنيع. قال عبدالصبور الخطيب أحد أصحاب مصانع انتاج العسل الأسود إن من أهم المشكلات التي تواجه الصناعة غياب دور الحكومة عن دعم الصناعة والاهتمام بها. خاصة فيما يتعلق بعملية التسويق. الأمر الذي يؤدي إلي تراجع الصناعة لاسيما أن هناك تعقيدات من جانب الحكومة في منح التراخيص لعمل عصارات. وهو ما أدي إلي وجود عصارات غير مرخصة داخل نجع حمادي بسبب القرار الصادر من الحكومة في عام 1976 بوقف منح تراخيص لتشغيل مصانع جديدة لمنع تسريب محصول القصب من شركات السكر والصناعات التكميلية إلي العصارات. وفوق كل ذلك ارتفاع أسعار المحروقات التي أثرت سلبياً علي الصناعة التي لا تجد أي دعم من الحكومة.