كالثعبان المتسلل تحت ستر الظلام.. يتسلل أعضاء تنظيم الإخوان ومؤيدوهم والمتعاطفون معهم إلي كثير من مؤسسات الدولة. خاصة مؤسسات الإعلام والثقافة والجامعات.. وما لم يستطيعوا تحقيقه في عام استيلائهم علي السلطة يحاولون فعله الآن بالتسلل والتلون والدهاء والخداع.. فمن كان منفوخ الريش منهم في تلك السنة السوداء أصبح الآن وديعاً كالثعلب! قضية تسلل هذه العناصر ليست جديدة.. فهي سياسة لتنظيم الإخوان الدموي منذ أنشأته المخابرات الانجليزية عام 1928. فليست المواجهة العسكرية والاغتيال والتآمر مع أعداء الوطن هي آلياتهم وحدها. بل الاستيلاء الهادئ علي المؤسسات القومية في المجالات التي تحرك الرأي العام إعلاماً وصحافة وتعليماً وثقافة. وقد اكتظت بهم هذه المؤسسات طوال العقود الماضية.. وهذا أمر متوقع لأن الصدام لم يكن صريحاً ومعلناً كما يحدث الآن. إلا في فترات زمنية بعينها بعد اغتيال النقراشي وبعد محاولة اغتيال عبدالناصر وبعد اغتيالهم أنور السادات.. أما الأعوام الثلاثون لحكم مبارك فقد كانت العصر الذهبي للتنظيم الإرهابي في كل مجالات الحياة. ما ليس متوقعاً ولا منطقياً أن يستمر تسلل الإخوان والمتعاطفين معهم إلي هذه المؤسسات بعد ثورة 30 يونيه وإعلانهم جماعة إرهابية وإصرارهم علي استنزاف الجيش والشرطة كل يوم بأعمالهم الإرهابية في سيناء وفي المساجد والكنائس. وكذلك محاولتهم تدمير الاقتصاد القومي بالنهب والفساد ونشر الشائعات. وقد تفجرت قضية التسلل هذه علي ألسنة وأحلام كثيرين من المفكرين والكتاب والمثقفين الوطنيين عقب التنبه لتغلغلهم في قطاعات ثقافية عديدة. ناهيك عن استشرائهم في الجامعات المصرية وجامعة المنوفية نموذج لهذا. وكذلك دار العلوم.. والأمر المستفز والمثير للتساؤلات أن أحداً من المسئولين في هذه المواقع لا يواجههم ولا يتصدي لزحفهم. فكأن هناك تواطؤاً ما لتحقيق ما عجزوا عنه بالقوة من خلال هذا التسلل. كراسة تعريف نخبة من المفكرين والإعلاميين والأدباء رصدوا ظاهرة التسلل هذه.. وطرحوا مظاهرها وسبل معالجتها. * السفير سامي الزقم: هم يركزون علي الشباب والأطفال في سعيهم لاحتواء مؤسسات الدولة والسيطرة عليهم.. ومن هؤلاء الشباب والأطفال تتشكل كل المواقع القيادية في هذه المؤسسات مستقبلاً.. ومواجهتها يجب أن تهتم بهذا القطاع مع التنقية الدورية لمن تسللوا لهذه المؤسسات فعلاً من خلال وضع "كراسة تعريف" لكل شخصية في جميع المؤسسات المدنية كما يحدث في وزارة الخارجية والداخلية. وهذه وسيلة توفير معلومات متجددة للدولة لأن الأمن لا يستطيع وحده فعل كل شيء باكتشاف هؤلاء وتتبعهم. وهناك قطاع يفرضون فيه وجودهم كذلك وهو النقابات. فجميعها مخترقة والتعامل معها ينبغي أن يكون بالحوار والندوات الفكرية والمؤتمرات. مع التنبه للمشروعات الخيرية -في ظاهرها- والتي يتسللون من خلالها إلي عامة الناس. * د.محمد فايد هيكل الأستاذ بجامعة الأزهر: بدأ تغلغل هذا التنظيم الإرهابي بين الناس من خلال سلوكيات بسيطة وإنسانية وتبدو عادية. كأن يدعو الأطفال والشباب لصلاة الفجر وشيئاً فشيئاً يتمكنون من تجنيدهم. ومع قطاع الشباب والأطفال هم يوجهون نشاطهم للطبقة متوسطة الثقافة وقليلة الوعي. كما أن طلاب الإخوان في الجامعات يمارسون أنشطة سرية وعلنية يجذبون بها زملاءهم. والغريب أنهم يجدون من يدافع عن تصرفاتهم هذه من عمداء الكليات!! وقائع التخريب!! * الكاتب الصحفي خالد ناجح رئيس تحرير مجلة "الهلال": الدولة يدها مرتعشة في مواجهتها الحقيقية لهذا التنظيم. ونحتاج إلي حسم أكثر مما نري الآن. وعلينا أن ننظر إلي خصمنا التركي وكيف تعامل ويتعامل مع المعارضين له بكل عنف وبلا خوف أو تردد. علينا أن نضع أمام من يندسون في مؤسساتنا من التنظيم الارهابي وأتباعه خياراً واضحاً إما الانتماء إلي الوطن والدولة والقانون. أو الانتماء لهذا الكيان الدموي. ولا يصح أن يجمع أي مواطن بين هذين النقيضين. وبذلك نتخلص من وجودهم في مؤسسات الدولة من إعلام وصحافة وثقافة وتعليم. وعلي البرلمان أن يبادر بتشريع قانون لكشف المتسترين منهم والمندسين في كل مكان. ويتيح للدولة التخلص منهم. ووقائع تغلغلهم ومخاطرهم كثيرة. منها مثلاً العبث بالنشرات الإخبارية في التليفزيون الرسمي عقب ثورة 30 يونيه. ولم تتم معاقبتهم.. إذن لابد من حسم ورفض أي سياسة لاحتوائهم.. فالخائنون لا ينصلحون. * الكاتب الصحفي أيمن السيسي رئيس قسم التحقيقات الاستقصائية ب "الأهرام": هناك ما هو أكثر من التهاون مع الإخوان. فهم كثيرون في الجامعات والتعليم والصحافة والثقافة والإعلام. وموجودون قبل ثورة 30 يونيه وبعدها. ولا أحد نظر في هذا الوضع المقلوب. بل انهم مازالوا في مواقع قيادية بهذه القطاعات وينكلون برجال ثورة 30 يونيه حتي الآن. إذا لم تتدخل الدولة في أسرع وقت وبكل حسم فإن مؤيديها أنفسهم سيحبطون وينصرفون عنها. وبالتالي يتوحش أعضاء التنظيم والمتعاطفون معهم والمتواطئون ضد الوطن. الغربلة * الروائي والباحث أحمد عبده: الخطر قائم ويتضخم كل يوم. وهو قضية لا تمس أفراداً سواء في الإعلام أو الثقافة أو الجامعة. بل تهز كيان الدولة نفسها. وبالتالي فالمواجهة لهذا التسلل مسئولية الدولة والأفراد -مثلنا- معاً. ولا أظن الدولة متواطئة معهم. لكن معركة الإرهاب المباشر استأثرت باهتمام الدولة وتصرفها عن غربلة هذه المؤسسات التي انتشروا فيها بدرجاتهم المختلفة أعضاء ومحبين أو متعاطفين ومخدوعين ومغيبين. ومع دورالمثقفين الذين ينبغي أن يؤدوه علي مستوي الفكر والمواجهة العقلية هناك دور مهم لوعاظ المساجد. * الباحث السياسي عبدالقادر الهواري: بعد سيطرة التنظيم علي الدولة ككل -طوال عام- كان في خطتهم السيطرة علي وزارة الثقافة. فولوها وزيراً تابعاً لهم ليحتوي المثقفين وينفي المستعصين منهم والرافضين للتطرف. ثم استمرت سياستهم عبر بسط نفوذهم الأيديولوجي في كل المواقع من خلال الندوات والمؤتمرات والمهرجانات ونشر الكتب حتي وصلت للأوبرا ومراكز الإبداع في الاسكندرية ودمنهور وغيرهما. ومادامت الجماعة مصنفة إرهابية فإننا في حاجة إلي كشف كل عناصرها في كل مكان للمبادرة بإحباط مخططاتهم قبل تنفيذها. خاصة أنهم يطورون دائماً من آلياتهم ووسائلهم لتدمير المجتمع.