أحداث إرهابية متتابعة تشهدها مصر منذُ إندلاع الخامس والعشرين من يونيو وحتى الآن ، وكان آخرها إغتيال النائب العام الشهيد هشام بركات ، وإستهداف عدد من المواطنين المدنيين في حافلة هيئة الطرق والكباري ، ثم مهاجمة عدد من الكمائن في الشيخ زويد أسفرعن إستشهاد سبعة عشر من ضباطنا وجنودنا وغيرهم من المدنيين. كل هذه الأحداث أثارت غضبا كبيرا عند الشعب المصري وأنا واحدة منهم. إن نواة الإرهاب في أي بقعة من الأرض هو إستشراء الفساد ، الذي يُشعِر المواطن الشريف بأنه وحيد لا يسانده أحد لأن الفاسدين يعملون مع بعضهم البعض في دوائر مغلقة ، ويحاولون بشتى الطرق إغتيال الشرفاء معنويا والتعتيم عليهم ومحاربتهم داخل المؤسسات التي يعملون بها. وإذا لم تتدخل الأنظمة السياسية وأجهزة الدولة في الوقت المناسب لإحقاق الحقوق ، ومحاسبة الفاسدين في مجتمعاتهم لتحقيق العدل والعدالة ، لا تسألوا عن مجتمعات خالية من الإرهاب. إن المواطن الشريف الذي ينجو من تسلل الإحباط له والذي يحوله من شخص مسالم الى مواطن إنتقامي ، لن ينجو منه أبنائه أو من شاهدوا وعايشوا أجواء الفساد التي يكافئ فيها الفاسدون بعضهم البعض بالترشيحات والمناصب ، ولا يوجد هذا التقصير في محاسبة الفاسدين إلا أجيالا كافرة بكل قيمة وطنية ، وهي الأسباب الرئيسية لتخليق إرهابي.
وإذا مانظرنا الى مايدور في مصر الآن نجد أن الدولة برمتها توجه جهودها لمحاربة الإرهاب المُسلح ، في حين أن مجموعات الفساد في مؤسسات الوطن تعمل بكامل طاقتها. وفي الوقت الذي يستشهد يستشهد فيه كل يوم جنود وضباط ومدنيين في محافظات مصر المختلفة على أيدي الإرهاب الذي أوجده الفساد ، نجد هناك بعض القيادات في مؤسسات الدولة مازالت تعين أفراد ينتمون أو موالون لجماعة الإخوان الإرهابية في هذه المؤسسات ، أو يصعدونهم الى درجات وظيفية أعلى ، بدلا من تصفية مؤسسات الدولة من هذه الفئة إما الإرهابية أو الإنتهازية. ولعل أبرز هذه التعيينات هي التي تمت في شهر يونيو في واحدة من المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة الثقافة حيث تم تعيين أحد الأشخاص من جماعة الوزير الإخواني علاء عبد العزيز ليصبح أستاذا جامعيا ، وما أدراكم ماهي مهنة الأستاذ الجامعي ، هي هذه المهنة التي تشكل وعي وأيدلوجية أجيال . وبالرغم من وجود مقاطع فيديو على اليوتيوب لعدد من التظاهرات والإعتصامات التي شارك فيها الشخص المذكور كتفا بكتف مع المدعو علاء عبد العزيز الوزير الإخواني الذي كان عضوا في حزب البناء والتنمية الذي يرأسه طارق الزمر الذي شارك في إغتيال الرئيس محمد أنور السادات ، وكانوا يهتفون في هذه التظاهرات ضد مؤسسات الدولة وقياداتها آنذاك ، وهي قرائن واضحة على إنتماءات المجموعة التي شاركت في هذه التظاهرات والإعتصامات. وبالرغم من علم وزير الثقافة بهذه الواقعة تفصيليا منذُ شهر تقريبا إلا أنه لم يحرك ساكنا حتى الآن. هنا علينا أن نتساءل: هل التهدئة التي نادى بها معالي دولة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب عدة مرات في حواراته الإعلامية ، هي بمثابة خطاب تكليف لقيادات الدولة بأي طريقة حتى لو كانت ضد الوطن؟ وهل المقصود من التهدئة التصالح مع الفساد والجماعات المصنفة إرهابية والمتعاطفين معهم؟ وهل رؤساء مؤسسات الدولة يتواصلون مع أجهزة الأمن الوطني في التعيينات التي تتم بالمسابقات في مؤسسات الدولة أم أنها تتم بالمحبة؟ إن مصر تواجه ظروفا صعبة وحرجة ،ومؤسسات الدولة لا تحتمل تعيينات جديدة لأفراد من ذوي الأيدلوجيات المتطرفة الإرهابية ، ويكفي مؤسسات الدولة مافيها ، فمازال هناك ذيول لجماعة الإخوان الإرهابية في جميع مؤسسات الدولة ومنها الجامعات الأكاديميات المصرية يعرقلون مسيرة إستقرار الوطن وتقدمه ، والأوضاع لا تحتمل وجود قيادات تزيد الطين بلة إما بتواطئها أو جهلها. اللهم قد بلغت اللهم فأشهد.