الوطنية للانتخابات: انتهاء التصويت في 31 مقرًا انتخابيًا بالخارج واستمرار العملية في 108 مقار    رئيس البورصة يوضح أسباب مدّ ساعات التداول (فيديو)    البورصة: 8 شركات تستعد للقيد في 2026.. ونشاط مرتقب في الطروحات الحكومية والخاصة    أوكرانيا: الاتصالات مع الأوروبيين والأمريكيين ستستمر للتوصل لحلول ملموسة    رئيس تايوان: التدريبات العسكرية الصينية تهدد الاستقرار الإقليمي    بدون تسجيل هدف، تأهل غريب للسودان في أمم أفريقيا    القبض على تيك توكر شهيرة بتهمة نشر محتوى خادش للحياء بالإسكندرية    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء على مواقع التواصل بالإسكندرية    ماس كهربائي.. التحريات الأولية تكشف أسباب حريق مخزن أوراق بالقاهرة    معتز التوني عن نجاح بودكاست فضفضت أوي: القصة بدأت مع إبراهيم فايق    محمد فؤاد يعود بأغنية مفاجأة بعنوان يا فؤش.. فيديو    نجاح جراحة دقيقة لسيدة سبعينية بمستشفى قنا العام لاستخراج دعامة مرارية مهاجرة    منسقة أممية للشئون الإنسانية بالسودان تصف الوضع الراهن بالصادم للغاية    إكسترا نيوز: التصويت بانتخابات النواب يسير بسلاسة ويسر    السجن المشدد 15 سنة للمتهمة الأولى وتغريمها 2 مليون جنيه في قضية سرقة «إسورة المتحف المصري»    تشكيل زد لمواجهة حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    أشرف صبحي يناقش استعدادات مصر لاستضافة جولة كأس العالم    عن اقتصاد السّوق واقتصاديات السُّوء    ظهور مميز ل رامز جلال من داخل الحرم المكي    هل يجوز الحرمان من الميراث بسبب الجحود أو شهادة الزور؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير «الصحة» يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لإحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد    "التعليم الفلسطينية": 7486 طالبًا استشهدوا في غزة والضفة الغربية منذ بداية 2025    مدافع جنوب إفريقيا: علينا تصحيح بعض الأمور حتى نواصل المشوار إلى أبعد حد ممكن    خالد الجندي: الله يُكلم كل عبد بلغته يوم القيامة.. فيديو    رئيس الوزراء يستعرض آليات تعظيم موارد هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد    الدبلوماسية الثقافية.. أحد الركائز الرئيسية للقوة الناعمة المصرية خلال عام 2025    التشكيل الرسمى لمباراة السودان ضد بوركينا فاسو فى كأس أمم أفريقيا 2025    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    «التضامن»: تسليم 567 طفلًا لأسر بديلة وتطبيق حوكمة صارمة لإجراءات الكفالة    حصاد جامعة العاصمة لعام 2025    مصرع شاب وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بقنا    محافظ الدقهلية: دراسة تطوير منزل أم كلثوم بمسقط رأسها    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    عاجل- الحكومة تتحمل ضريبة عروض الأفلام بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي    دون أي مجاملات.. السيسي: انتقاء أفضل العناصر للالتحاق بدورات الأكاديمية العسكرية المصرية    مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي تتهم روسيا بعرقلة التقدم الحقيقي نحو السلام    حصاد 2025| منتخب مصر يتأهل للمونديال ويتألق في أمم أفريقيا.. ووداع كأس العرب النقطة السلبية    مجلس الوزراء: تراجع ديون شركات النفط الدولية تدريجيا 2025 بفضل الخطة المالية    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    إجازة السبت والأحد لطلاب مدارس جولة الإعادة في انتخابات النواب بأسوان    انطلاق مبادرة «أمان ورحمة» بتعليم قنا    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    تراجع سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 31 ديسمبر 2025    مواعيد مباريات الأربعاء 31 ديسمبر - الجزائر وكوت ديفوار والسودان في أمم إفريقيا.. وكأس عاصمة مصر    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    "القومي للمسرح" يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    كليبرز ينتصر سكرامنتو كينجز وبيستونز يفسد احتفال جيمس بعيد ميلاده 41    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    قصف وإطلاق نار اسرائيلي يستهدف مناطق بقطاع غزة    شوارع وميادين الأقصر تعلن جاهزيتها لاستقبال احتفالا رأس السنة الجديدة    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    مصرع طفل صدمه قطار أثناء عبوره مزلقان العامرية بالفيوم    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وحديث صريح عن الفساد المجتمعى!
نشر في الوطن يوم 29 - 09 - 2014

عرضنا فى مقال الأسبوع الماضى نماذج للفساد الذى تتبناه الدولة وترعاه بوعى أو بغيره، والذى يشكل مع «الإرهاب» الخطر الأكبر الذى يهدد الدولة والوطن. وينشأ ذلك الفساد عن تصرفات الدولة أو تراخيها وامتناعها عن التصرّف اللازم فى أوقات كثيرة ويترتب على ذلك فراغ تشريعى أو إدارى يؤدى إلى ظهور ونمو وانتشار أنواع أخرى من الفساد يمارسه أفراد وجماعات وطوائف فى المجتمع يستغلون ذلك الفراغ لتحقيق منافع لهم فى غياب سلطة الدولة ورقابتها، والنتيجة تكون اتساع دائرة الفساد وإهدار مزيد من موارد الدولة وضياع حقوق مواطنين يستولى عليهم من هم غير مستحقين لها، إلى حد تهديد أرواح مواطنين أبرياء، كل ذنبهم أنهم وثقوا فى قدرة الدولة على حماية حقوقهم وممتلكاتهم وأرواحهم!
ولعل المثال الأوضح والأخطر هو ما تمارسه الجماعة الإرهابية وأعوانها من اغتيالات وتفجيرات تودى بحياة مواطنين شرفاء من الشرطة والقوات المسلحة وأبناء الشعب، مستغلة تباطؤ الدولة فى إصدار قانون الإرهاب واختيارها اللجوء إلى القضاء العادى فى محاكمة الإرهابيين والخونة وأعداء الوطن، بدلاً من إخضاعهم للقضاء العسكرى!
وما نشأة ونمو التجمعات السكنية العشوائية وشيوع ظاهرة البناء بغير تصاريح بناء أو بالمخالفة لشروط التراخيص وبغير الالتزام بقواعد الارتفاعات إلا مظهر لفساد مجتمعى يستند إلى فساد إدارى فى أجهزة الدولة. ونحن نعتقد أن قانون التصالح فى مخالفات البناء يدعم فشل الدولة فى فرض قوانين وقواعد البناء، الأمر الذى يشجع على المخالفة التى يكافئها القانون. وما حالات انهيار العقارات فى كل مدن المحروسة إلا نتيجة للفشل فى مواجهة الفساد المجتمعى الذى يستغل الفراغ التشريعى والإدارى والفساد السائد فى الإدارات الهندسية فى المحليات وعدم قدرة الدولة على فرض القانون نتيجة فشلها فى تحقيق مطالب المواطنين فى الحصول على مسكن آمن.
من جهة أخرى، فإن فشل الأجهزة الهندسية والأمنية المختصة فى فرض الالتزام بمواصفات ومعايير البناء فى المناطق السكنية ينشأ عنه انتشار ظاهرة العقارات المخالفة لتصاريح البناء، أو التى لم تصدر لها تصاريح من الأصل، ثم فى بعض الأحيان تستفيق بعض المحافظات وتبدأ فى إزالة عقارات تكلفت مئات الملايين من الجنيهات! كما تتفشّى ظاهرة البناء على الأراضى الزراعية فى غيبة أو تجاهل من أجهزة الدولة المسئولة عن منع تلك التعديات!
كذلك ينمو الفساد المجتمعى لفشل الدولة وأجهزة المحافظات فى منع وجود أنشطة صناعية أو مقلقة للراحة أو ضارة بالبيئة وصحة الإنسان وسط التجمعات السكنية، مما ترتب عليه أن شغلت أهم العقارات فى وسط القاهرة والقاهرة الخديوية مثلاً بورش صناعية ومخازن تهددها بالخطر الجسيم، فضلاً عما تسببه لقاطنى تلك العقارات من أضرار مادية ونفسية، وما تلحقه بالعقارات ذاتها من إتلاف وانتشار المخلفات بها.
بالمنطق نفسه، فإن انتشار ظاهرة احتلال الباعة الجائلين لأرصفة الشوارع والميادين فى عاصمة المحروسة ومدنها جميعاً هى صورة صارخة لفشل الدولة فى فرض القانون والمحافظة على حقوق المواطنين الذين يملكون متاجر والسكان القاطنين فى العقارات فى تلك المناطق.
ومن صور الفساد المجتمعى المترتب على الفساد الناشئ عن فشل الدولة فى تنفيذ ما تعلن عنه أن تراكمت أكوام وتلال القمامة فى أغلب مناطق العاصمة ومدن المحروسة وفشل مشروعات «الفصل من المنبع» وعدم القدرة على فرض رقابة دقيقة على شركات جمع القمامة سواء المحلية أو الأجنبية المتعاقدة مع المحافظات. والنتيجة تمادى المواطنين فى سلوك غير إيجابى بإلقاء القمامة والمخلفات فى الشوارع، وتشارك فى تلك الممارسات الضارة بالبيئة مستشفيات ومصانع وفنادق وغيرها من مؤسسات كان مفروضاً فيها الالتزام بالقانون والحرص على الصحة العامة والمحافظة على البيئة!
ولعل من مظاهر الفساد تقاعس الدولة المستمر عن دعم شركات قطاع الأعمال العام بعد برامج البيع والخصخصة، إذ يجد عمال تلك الشركات أنفسهم ضائعين، فلا هم ينعمون بمساعدة الدولة فى ضخ الاستثمارات اللازمة لتجديد آلات ووسائل الإنتاج وتطوير وتحديث المنتجات، ولا هم لحقوا بشركات القطاع الخاص، ومن ثم نشأت صورة من الفساد المجتمعى هى أن لجأ العاملون إلى الاعتصامات والتظاهر ومناهضة الإدارة وتبادل الاتهامات بينهم والمطالبات المستمرة بعزل القيادات الإدارية وحل مجالس الإدارة وحتى مجالس النقابات، والدولة فيما يشبه المغشى عليه أو هى من كل ذلك فى حالة موات!!
وتتزايد مظاهر الفساد المجتمعى الناشئ عن فساد الجهاز الإدارى للدولة المتمثل فى إهمال إحياء مشروعات مضى عليها عشرات السنين، وهى متعثرة أو متوقفة تماماً، فوسفات أبوطرطور ومشروع فحم المغارة، وحديثاً كُشف النقاب عن مشروع مياه القاهرة الجديدة الذى أحاله وزير الإسكان إلى النائب العام!
كذلك فإن إهمال أجهزة الدولة فى تطبيق لوائح ومعايير الترخيص بإنشاء العيادات والمستشفيات الخاصة أو التابعة لجمعيات أهلية مع غياب الإشراف الفعلى عليها، شجع على وجود آلاف من تلك المؤسسات الطبية والعلاجية لا تتصف بالحد الأدنى من المتطلبات التى تسمح لها بممارسة مهن الطب والعلاج! وبالمنطق نفسه، انتشرت مصانع «تحت السلم» للأدوية تنتج سموماً وليس دواءً فيه شفاء للناس!
والأمثلة لا تُعد ولا تُحصى على انتشار الفساد المجتمعى الذى يمارسه الناس فى المحروسة، مستغلين فساداً أكبر تمارسه أجهزة الدولة بإصدارها قوانين وقرارات لا تُنفّذ، أو بضعف الرقابة وغيابها عن كثير من الأنشطة المجتمعية، ومن ثم يتضافر الفاسدون والمفسدون فى الجهاز الإدارى للدولة مع الأفراد والجماعات فى المجتمع، المستفيدون إفشال جهود التنمية الوطنية وتطوير شكل الحياة فى المحروسة.
وإلى الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.