مؤامرات المتطرفين والإرهابيين من إخوان وتنظيمات أخري خرجت من عباءتهم. لم تتوقف طوال عقود لهدم الدولة المصرية متخذة من الدين عباءة. ومن نبذ الفكر والعقل وسيلة إلي حد أن شرط الالتحاق بتنظيم الإخوان هو "خلع العقل" كما يخلع الإنسان حذاءه! يوم كاشف لخطط الهدم والتدمير شهده مبني دار الوثائق بالفسطاط. احتفالاً بمرور 125 عاماً علي إنشاء دار الهلال حاضنة الفكر والابداع منذ أقامها جورجي زيدان حتي هذه اللحظة. الاحتفالية حملت شعار "دور الإعلان والتعليم والصحافة والفن في نشر التنوير ومواجهة التطرف والإرهاب" وأعد لها مسئولو الدار: مجدي سبلة رئيس مجلس الإدارة وخالد ناجح رئيس تحرير الهلال وسليمان عبدالعظيم مدير عام المؤسسة لتحظي بحضور رموز مهمة من رجال الصحافة والإعلام والأزهر وتحديداً مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلي لتنظيم الإعلام وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة ود. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ود. أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية. الذين تحدثوا في جلسة الافتتاح مع مجدي سبلة وخالد ناجح.. كما شارك في الاحتفالية عدد من رموز الصحافة والآدب. ومنهم إبراهيم حجازي ويوسف القعيد ود. عصام فرج وعبدالله حسن وعلي حسن وحمدي رزق الذي قدم الجلسة الافتتاحية. بينما غاب عن جلسة الافتتاح حلمي النمنم وزير الثقافة وابن دار الهلال!! والذي كان مقرراً أن يلقي كلمة رئيس الوزراء راعي الاحتفالية.. لكنه آثر أن يستمتع بشمس شرم الشيخ في مؤتمر أدباء الأقاليم!! وتجاهل حدثاً كهذا لن نشهده بعد ذلك ربما إلا بعد ربع قرن قادم.. فآخر احتفالية هذه المؤسسة الثقافية الصحفية العرقية كانت منذ 25 عاماً بدار الأوبرا أيام رئاسة مكرم محمد أحمد لمجلس إدارتها. جدول الأعمال تضمن محاور: "التنوير والخطاب الديني" و "التعليم والصحافة والإعلام والفن والتنوير" و "الشباب والمرأة.. كيف يصبح التنوير قضية وطن" في ثلاث جلسات برئاسة د. عبدالمنعم سعيد وجمال الشاعر ود. سوزان القليني. واختتمت بتوصيات قرأها خالد ناجح. بمشاركة عدد من المتخصصين في هذه المحاور. منهم: د. أسامة الأزهري وثروت الخرباوي وعبدالمحسن سلامة وعلي أبو شادي وعماد الدين حسين ود. مدحت العدل وأشرف رشاد ومني نشأت ود. محمد شومان وسحر الدسوقي.. وقد تغيب كذلك عن هذا الحدث المهم جابر عصفور الذي كان مقرراً أن يدير إحدي الجلسات. هارب من بطش الأتراك!! * ذكر خالد ناجح في كلمته الموجزة أن أول عدد صدر من الهلال كان عام 1892 علي يد جورجي زيدان الذي جاء إلي مصر هارباً من بطش الأتراك في بلاد الشام.. ومعه أخوه إميل زيدان. وتولي رئاستها بعده نخبة من القامات العالية كالدكتور أحمد زكي وفكري أباظة ورجاء النقاش وصالح جودت وكامل زهيري.. وشهدت المجلة وقائع وطنية كبري وسجلتها علي صفحاتها. ومنها رسالة أحمد عرابي من المنفي وذلك مقالات لعدد من زعماء مصر السياسيين وحكامها. * وأكد مجدي سبلة أن الهلال انحازت للشعب في ثورته ضد الانجليزي عام 1919 وساندت ثورة يوليو 1952. ودعمت الرئيس السيسي في ثورة 30 يونيه ومازالت علي هذا الموقف الوطني محافظة ومؤكدة علي دعم الفكر المستنير في مواجهة التطرف والإرهاب اللذين تقف لها بالمرصاد في كل إصداراتها. * وأكد د. محمد مختار جمعة أن مجتمعاً كمجتمعنا المصري. بكل ما يضم من مفكرين وعلماء ومبدعين لا يمكن أن ينتصر فيه الظلام.. ولذا فنحن نلحظ أن الأدب الجيد أبعد أثراً في النفوس من أية وسائل أخري.. والخطيب في المسجد. والإعلامي في صحيفته أو قناته لن يؤثر بعمق إلا إذا كان أديباً أو مثقفاً حقيقياً.. والمثقف الحقيقي هو الذي لا يباع ولا يشتري. فلا تستطيع دولة أو قوة في الأرض أن تزيف موقفه أو أن تجعله ينحرف عن دوره الوطني والإنساني.. أما الدخلاء علي الفكر والثقافة وكذلك الهامشيون في هذا المجال فمن السهل توظيفهم واحتواؤهم وتوجيههم لما يضر بمصلحة الوطن. ومن هذه الحقيقة انطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي وهو يؤكد علي مواجهة الفكر المتطرف عبر ثقافة جماعية وعمل تضامني لكل المجمع. وفي الصدارة منه المثقفون الذين عليهم أن يخاطبوا الشباب في كل تجمعاتهم لا يقتصرون علي الأماكن المغلقة. استرداد مصر * أشار كرم جبر إلي أن هذا المؤتمر هو بداية معركة استرداد مصر. وقد خطونا خطوات كبري في هذا المجال بعد أن استولت عليها تيارات الظلام والتطرف والإرهاب لمدة عام وعلينا الآن أن نواصل معركتنا لتطهير المجتمع: عقلاً ووجداناً من شوائب هذا التطرف. وثقافة البداوة والتصحر والتقاتل والعنف وهذه السلوكيات التي لم تعهدها مصر من قبل.. ولا عودة للحضارة والاستنارة بدون أن يتصدر المثقفون المشهد. وعليهم عبء تجديد الخطاب الديني بما يلبي الاحتياجات المصرية الراهنة. وبما يخلص المجتمع من العداء للوطن الذي يشيعه هؤلاء المتطرفون كجزء من خططهم ومؤامراتهم.. فهل يتعارض حب الوطن مع الدين؟! وهل يصح أن يستبدلوا علم مصر بأعلام أخري؟! وهل من المنطق إطلاق شعارات وهمية كالخلافة علي حساب الوطن والوطنية المصرية؟!. * وعن دار الهلال ودورها القومي وتاريخها ذكر مكرم محمد أحمد أن نصيبه من 125 عاماً هي عمر دار الهلال 27 عاماً.. وقال إنها محل فخر لي رئيساً لهذه المؤسسة. وهل تمثل نصف عمر. قضيناها في تنوير مصر. ولولاها ما وصل التعليم إلي هذا الحد. ولا أقيمت جامعة مصر الاهلية ولا قطعنا هذا الشوط الطويل في الثقافة العربية. وبهذا فلها اليد الطولي في هزيمة التطرف والإرهاب.. وكنا سباقين في خوض هذه المواجهة وإفشال خطط تدمير الوطن. والدار هي الوحيدة التي تخاطب الطفل والمرأة والسياسي والمثقف والفنان.. وسائر فئات المجتمع بإصداراتها الثرية. * يوسف القعيد: كنت أتمني أن يكون شعار الاحتفالية هو التعبير الوارد في كلمة كرم جبر. أي "استعادة مصر" فإن لم نستردها الآن فلن نتمكن من استعادتها مرة أخري ودورنا هنا بارز ومستمر ويتجاوز حدود مصر إلي الساحة العربية والعالمية. فكثيرون من مشاهير الروائيين العرب والعالميين عرفهم القارئ من خلال هذه الدار وإصدارها "روايات الهلال" تأليفا وترجمة. * أسامة الأزهري: تهدف تيارات التطرف والإرهاب. وفي القلب منها تنظيم الإخوان. أن يفقد الإنسان المصري ثقته في مؤسساته ووطنه وذاته.. فأرادوا أن يدفعوه إلي فقد الثقة في جهاز الشرطة. ثم في القوات المسلحة. ثم في القضاء حين حاصروا المحكمة الدستورية. ثم في الأزهر الشريف. ليصلوا إلي تاريخ الإنسان المصري نفسه حتي يضل الطريق إلي صنع الحضارة.. ولذا كان لابد من رد معاكس لكل هذه المؤامرات والخطط الخبيثة. من خلال البناء والتشييد لكل المؤسسات ولذات الإنسان نفسه.. والمعيار الحقيقي للتدين هو حب الوطن. فكلما أحب الإنسان وطنه اقترب من ربه. أشار ثروت الخرباوي إلي تغلغل أفكار المتطرفين في كل ثنايا المجتمع حتي وصلت إلي طبقاته الدنيا. عبر رموز وشعارات وآليات بعينها. بدأ وضعها منذ عام 1976 علي يد عمر التلمساني مرشد الإخوان حينذاك بعد أن رصد انصراف الشعب عن تنظيم مهم في كل الكوارث التي مرت به قبل ثورة يوليو وبعدها.. ومنذ عام 1976 بدأ التنظيم الإعداد للتصادم مع المجتمع المصري وهو ما لمسناه في المواجهات الأخيرة بعد ثورة 30 يونيه.