يتصنع البعض الصدمة البلهاء بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القدس والذي أعلنه الأربعاء الماضي وكأن المدينة المقدسة ضاعت في هذا اليوم فقط.. لا يا "مصدوم" منك له سواء في مصر أو في الخارج.. ضياع القدس لم يكن وليد الأربعاء بل ضاعت مع فلسطين عام 1917 بوعد بلفور الانجليزي ثم أتي وعد ترامب الأمريكاني ليرسخ حقيقة علي الأرض. لقد ساهم في إصدار هذا القرار وقائع كثيرة علي مدي قرن من الزمان ونحن جميعا غافلون.. منها مخططات صهيونية وغربية قادتها بريطانيا فترة ثم أمريكا الآن. ومؤامرات تلو مؤامرات كلنا يعرفها منها جرنا لحرب فلسطين عام 1948 ثم العدوان الثلاثي عام 1956 ثم نكسة 5 يونيه 1967 حتي حررنا كامل ترابنا الوطني في 6 أكتوبر 1973 وما أعقبها من مفاوضات السلام التي رفض ياسر عرفات حضور المؤتمر التحضيري لها في مينا هاوس وكان بمثابة طوق النجاة للقضية الفلسطينية خوفا من صدام حسين الذي هدد من سيذهب بالقتل. ومنها نوم العرب في العسل حتي تمزقت أوصال الوطن الكبير بالحروب فيما بين دولة تارة وبسطوة المال تارة أخري وبالخيانة والعمالة تارة ثالثة وبثورات الربيع "العبري" تارة رابعة وبزرع تنظيمات ارهابية داخل دولنا لاسقاطها تارة خامسة.. ومازالت سلسلة التآمر مستمرة. يخطئ من يظن أن ترامب اتخذ قراره دون تفكير.. لا ياسادة.. الأرض كانت ممهدة أصلاً لإصدار القرار الذي ضرب به وبفجور الشرعية الدولية والحقوق المشروعة في مقتل وزيف التاريخ والجغرافيا متحديا كل القرارات الدولية.. في حين أن الرؤساء الثلاثة الذين سبقوه كانوا يرجئون قرار تنفيذ القانون الأمريكي الصادر عام 1995 بشأن القدس كلما حل موعد تنفيذه ليس خوفاً منا ولكن لأن المعطيات علي الأرض لم تكن مواتية لتنفيذه. نعم.. من حقنا أن نغضب ونثور وننفعل ونصب جام غضبنا علي ترامب وادارته دفاعا عن حقوق مسلوبة.. ان نقول ماشئنا عن بلطجة امريكية تدعم المغتصب وتستهزئ بالأممالمتحدة ومجلس أمنها وعن لصوص الأوطان الذين استحلوا السرقة واعتبروها حقا مكتسبا.. لكن ليس من حق أحد كائناً من كان ان يخلط الأوراق بوقاحة وانتهازية وبعمالة رخيصة لأعدائنا أو أن يفرغ القضية من مضمونها أو يذهب بها إلي منعطف آخر.. كان أولي بهؤلاء ان يطالبوا بخارطة طريق تعري المغتصبين وداعميهم وترد لهم الصفعة بأشد منها: 1⁄4 لماذا لا يطالبون بعقد مؤتمر قمة إسلامي عالمي تتخذ فيه قرارات وليس توصيات ضد أمريكا وإسرائيل وأي دولة تنقل سفارتها للقدس؟؟.. وأنا هنا لا أقصد قرار حرب "عسكرية" بل قرار حرب "اقتصادية وسياسية ودبلوماسية". 1⁄4 لماذا لا يطلبون من الدول العربية والإسلامية سحب أرصدتها واستثماراتها من أمريكا بالذات ومقاطعة المنتجات الأمريكية التي تتهافت شعوبها علي شرائها بفخر وتضخ ببلاهة أموالا ضخمة في الاقتصاد الأمريكي يحاربوننا بها..؟؟ 1⁄4 لماذا لا يطلبون عدم استقبال الوفود السياسية الأمريكية التي تأتي بكلاحة ودم بارد باعتبار اعضائها اشخاصا غير مرغوب فيهم علي الأراضي العربية والإسلامية؟؟.. لقد أخذ الإمام الأكبر زمام المبادرة ورفض ان يستقبل نائب الرئيس الأمريكي الذي سيقوم بجولة تخدير في المنطقة.. فهل تفعلها باقي الدول العربية والإسلامية..؟؟ 1⁄4 لماذا لا يطلبون التصعيد القانوني والدبلوماسي دولياً؟؟.. وان هذا التصعيد يجب أن يكون علي محورين متلازمين: الأول.. في دول العالم لتجييش الدنيا إلي جانب القضية الفلسطينيةوالقدس. والثاني.. داخل الأممالمتحدة خاصة ان قرار ترامب هذا منعدم قانونا حيث يخالف 7 قرارات للمنظمة الدولية منها 5 قرارات خاصة بالقدس وحدها.. والقرارات السبعة هي "قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 الذي وضع القدس وبيت لحم تحت الوصاية الدولية. القرار 303 لعام 1949 الذي أقر بعدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. القرار 242 لعام 1967 الذي ينص علي عودة اسرائيل إلي حدود ماقبل 5 يونيه 1967. القرار 253 لعام 1968 الذي أدان جميع الإجراءات التي تقوم بها اسرائيل لتغيير الوضع داخل القدس. القرار 476 لعام 1980 الذي نص علي بطلان الإجراءات الإسرائيلية لتغيير طابع القدس. القرار 478 لعام 1980 الذي دعا الدول إلي سحب بعثاتها الدبلوماسية من القدس. القرار 1322 لعام 2000 الذي أدان دخول شارون بقواته إلي القدس. كل هذا كان يمكن أن يطلبوه وهناك بدائل وإجراءات أخري أكثر من ذلك.. لكن.. الشغل الحنجوري لن يفيد.. وحصر الحل في أن تدخل مصر الحرب ضد إسرائيل فإن هذا من رابع المستحيلات.. كفانا جدا 4 حروب خضناها لتحرير فلسطينوالقدس أو بسببهما فقدنا فيها 100 ألف شهيد من خيرة رجالنا غير أضعافهم من المصابين وأكثرهم بعاهات مستديمة وتأخرنا مئات السنين وانهار اقتصادنا نتيجة ذلك.. نحن الآن نخوض حربي "البناء ومواجهة الإرهاب".. نبني بلادنا التي خربت بفعل فاعل من جديد ونحارب ارهابا فرض علينا بلا ذنب جنيناه. لكل من يتساءل في بلاهة "أين جيش مصر..؟؟" نقول له: "انسي" ياشاطر.. جيش مصر لن يحارب إلا دفاعا عن مصر أو عن أمنها القومي وفقط.. وصلت الرسالة..؟؟ وتحيا مصر [email protected]