ما بين الحين والآخر تقع خلافات بين التيارات الاسلامية حيث يحاول كل حزب أو جماعة فرض سطوته علي الآخرين والظهور علي الساحة الدينية خاصة بعد أحداث 25 يناير مما جعل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ان يلتقي بقادة هذه الجماعات ويطالبهم بالحفاظ علي التمسك بتعاليم الإسلام التي تدعو إلي وحدة الصف والبعد عن الفرقة والنزاع والتمسك بأصول السنة الحقيقية. مؤكداً ان العالم الاسلامي أجمع علي ان الأزهر الشريف هو المرجعية الشرعية في أمور الدين لذا فانه ينبغي في ظلاله الحرص علي الاجتماع والمودة والاعتصام بحبل الله والاكتفاء علي كل ما ينفع المسلمين. السؤال الذي يفرض نفسه هل تنجح لقاءات الإمام الأكبر بالإخوان والسلفيين وغيرهم في رأب الصدع وما هي الضوابط التي يمكن وضعها حتي تتكاتف الجهود ويواكب الجميع موجة الحرية في ظل مباديء الدين الحنيف؟ يؤكد الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الأزهر: لم يعرف الاسلام تشرذم أتباعه علي هيئة جماعات أو نجل أو تيارات فكرية كل منها ينتهج نهجاً مختلفاً عن غيره.. ولأجل هذا فان الله سبحانه وتعالي دعا إلي وحدة الصف بين المسلمين فقال سبحانه "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا".. وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "كونوا عبادا لله اخوانا المسلم أخو المسلم" وقال صلي الله عليه وسلم " افترقت النصاري واليهود علي اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي علي ثلاث وسبعين كلها في النار إلا واحدة.. قالوا وما هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي. ومن ثم فإن هذه الفرق والشيع المتناحرة التي تنتهج مناهج شتي لم يعد خافياً علي السذج من الناس حقيقة مبتغاها من هذه الثورة العارمة والضجة المفتعلة لها في وسائل الاعلام وكل هذه الضجة في أغلبها لا يراد بها وجه الله تعالي أو صلاح حال المسلمين. ولأجل هذا كان من المناسب ان يخرج صوت متعقل تطبيقاً لقول الله سبحانه وتعالي: "أليس منكم رجل رشيد".. وهذا الرمز المتمثل في شيخ الأزهر من خلفه من رجالات الأزهر الذين لم يسلم أحد منهم من طعون هذه الجماعات واستخفافها وهمزها ولمزها لرأب الصدع في هذه السفينة حتي تسير سيرها المعهود لتصل بهذا البلد إلي بر الأمان.. ليس بحسبانها الدولة التي خرج منها قطاع الطرق ومجموعة السلب والنهب والمعتقلين الآن وانما بحسبانها حصن الاسلام وركنه الركين ورائدة العالم الاسلامي في العالم وهذا أمر لا ينكر.. وكان من الطبيعي والواجب علي شيخ الأزهر وعلمائه ان يتقدموا إلي هذه الجماعات المتناحرة وهذه الأحزاب المتناخرة لرأب الصدع بينها حتي لا يتسع الخرق علي الراكع ويصب اندمال الجرح الذي مازال ينزف وذلك للملمة الجراح وتقريب وجهات النظر ووضع هذه الاتجاهات كلها في صندوق واحد للدفاع عن مصالح أهل هذا البلد الذين ظلموا في الماضي والحاضر ويواجه مستقبلهم ظلمات لا يعلم الا الله تعالي علام تنقشع. ومن أجل هذا كما يقول د. إدريس ان هذا الموقف من الأزهر ورمزه موقف تمليه ريادة الأزهر واعتداله ووسطيته التي هي منهج الاسلام الصحيح. تصحيح الأفكار يقول د. حمدي طه الاستاذ بجامعة الأزهر إنه يجب أولا علي الإسلاميين في هذا الوقت بالذات ان يقفوا موقفا واحداً لتصحيح الأفكار.. فلا ينفع في هذا الوقت التشدد والتجمد ولا ينفع ان يحتكر الانسان رأيه ولكن يجب علي الجميع ان ينهجوا منهج الوسطية قال تعالي "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً" وما خيّر رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا واختار أيسرهما. الأمر الثاني يجب علي التيارات الاسلامية أن يأخذوا منهج الأزهر منهجا لهم.. فما غفلت عنه وسائل الاعلام في إظهاره ان الأزهر منذ إنشائه كان للرأي والرأي الآخر فنجد ان الدراسة في الأزهر تقوم علي تدريس جميع المذاهب الاسلامية. والفرق الاسلامية وغير الاسلامية بدون تعصب لرأي ما أو مذهب ما.. فالأزهر كان يربي أبناءه ومازال علي تعدد الآراء والمذاهب.. فإذا كان المذهب قويا في دلائله وبرهانه اعتنقه ما يشاء.. والدليل علي ذلك مازال رواق الأزهر موجوداً.. وهناك رواق للمالكية وآخر للحنفية والشافعية والحنابلة. كما ان هناك مادة تدريس لطلاب الأزهر وهي احدي المواد الأساسية في الأزهر وهي دراسة التيارات الدينية في العالم سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو سيخ أو جوزية أو ما أشبه ذلك. أضاف د. طه أنه يجب علي التيارات الاسلامية التي ظهرت علي السطح بأحزاب سياسية ان يجعلوا الأزهر إماماً لهم في مخاطبة الجماهير.. فمن طبيعة الانسانية أنها تنفر من التشدد والتذمت.. كما تنفر من الإباحية.. فيجب علي القائمين علي الأزهر ان يجعلو امصلحة العالم الاسلامي نصب أعينهم ولا يكون ذلك الا اذا كان الأزهر مستقلاً استقلالاً تاما عن أي نظام في الدولة.. وان تكون له ميزانية خاصة لا يخضع فيها لحاكم أو حكومة أياً كان وان يكون شيخ الأزهر ووكيله والمجلس الأعلي للأزهر ان يكون بالانتخاب الحر المباشر بعيداً عن تعيينات الحاكم وعن أهواء النظام السياسي ليتحرر في اتخاذ قراره. يري د. طه أنه بدون التحرر المالي للأزهر وبدون ان يكون الانتخاب الحر المباشر هو الذي يوصل قيادات الأزهر إلي مناصبهم لا يستطيع الأزهر بحال من الأحوال ان تعادله مكانته في الداخل أو الخارج. كما لا يستطيع الأزهر ان يكون حرا في اتخاذ قراره اذا حدث ذلك سيكون الأزهر إماماً للعالم الاسلامي نحو تطبيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبإمامة الأزهر للعالم الاسلامي سيرتقي العالم الإسلامي ويتجه نحو الديمقراطية الحقة ويختفي فيه الظلم والخضوع للدول الأوروبية التي تستنزف ثرواته وتتخذ منه قواعد لضرب من لا يطيعها. ان العالم الاسلامي الآن يحتاج إلي صحوة كالتي حدثت في تونس ومصر ويحتاج إلي مجاهدين أشداء كالذين نهضوا في ليبيا وإلي صامدين كالذين يصمدون في اليمن.. ان لم يتخذ العالم الاسلامي في هذا الوقت بالذات نحو الارتقاء ونبذ الظلم والتفرقة العنصرية بين أبنائه ستتكالب عليه الأمة أكثر مما هي متكالبة العالم الاسلامي كما شرذمت السودان وستحدث فيه الفتن كما حدث في الصومال. توحيد الكلمة يقول الدكتور عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر ان توحيد الكلمة بين التيارات الاسلامية أصبح ضرورياً في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة.. لذلك لابد من نبذ الخلافات الفكرية والشخصية من أجل مصلحة الوطن حتي ينهض الاقتصاد وتتوحد الصفوف من أجل مصر التي في حاجة الآن لمساندة من الجميع سواء كان التيارات الاسلامية أو من المؤسسات الأخري. أضاف د. هلال ان الجميع لابد ان يلتزم بالوسطية والاعتدال ومن هنا جاءت دعوة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لهذه التيارات حتي يكون الجميع علي قلب رجل واحد لأن السفينة اذا غرقت سوف تغرق وعلي متنها الجميع.