أثار حكم القضاء باستعادة ثلاث شركات جديدة من براثن الخصخصة بسبب فساد عقودها تخوف عدد من خبراء الاقتصاد الذين أبدوا قلقهم الشديد من جراء الحكم الذين يرون انه قد يؤدي إلي إقامة دعاوي دولية.. فيما أكد خالد علي رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية ان الدعوي لا تنطبق علي تلك الواقعة لأن العقد المتحصل عليه بطريق الفساد غير جدير بالحماية الدولية والمقررة للاستثمارات الأجنبية. وكان مجلس الدولة قد أصدر حكما جديدا ببطلان عقود شركات المراجل البخارية وشبين الكوم للغزل والنسيج وطنطا للكتان. يري عادل العزبي رئيس لجنة العمل باتحاد الصناعات المصرية ان قرار محكمة القضاء الإداري ببطلان ما يمكن تسميته "النهب العام" جاء نتيجة الصورة الذهنية العامة لدي جموع الشعب المصري بأن الاجراءات التي تم إتخاذها خلال الفترة السابقة بشأن خصخصة تلك الشركات أصابها الفساد.. بالإضافة إلي عدم رشادة أساليب التعامل والتنفيذ في مثل هذه الأمور.. والتي غالبا كانت تتخذ بدون تعمق أو إجراءات الدراسات الجادة بشأنها كما هو متبع في الدول الاقتصادية الأخري. أضاف العزبي انه علي ضوء التطورات التي حدثت بعد 11 فبراير الماضي تولد إحساس لدي قطاع كبير من الاقتصاديين ونشطاء المجتمع المدني.. بجانب العاملين في الشركات التي تم خصخصتها بأن هذا الخلل لابد من علاجه.. من خلال عدد من الدعاوي القضائية التي استطاعت بالفعل الفوز بهذا الحكم الذي استند لأصول قانونية.. مشيرا إلي أن هذا الحكم جاء أيضا تصحيحا لخطأ قائم. ومع هذا لم يستطع العزبي إخفاء تخوفه مما سيؤل إليه الأمر بعد اللجوء المتوقع للمستثمرين الذين آلت إليهم تلك الشركات عن طريق الخصخصة إلي التحكيم الدولي قائلاً: علي الرغم من ان هذا الحكم جاء تصحيحا لوضع خاطيء.. إلا أن تصحيح الأخطاء ليس دائما مفيدا.. مضيفا انه من الأفضل إجراء حوار مع هؤلاء المستثمرين للوصول إلي نقاط تفاهم محددة مثل إعادة التعاقد معهم بعقود جديدة وفقا للمتغيرات الحالية وآليات السوق المفترضة بدلا من اللجوء إلي القضاء الدولي والذي سوف يؤدي إلي تحمل الدولة أعباء جسيمة. كما اقترح العزبي تصورا آخر لحماية تلك الشركات من كبوتها وتعويضها من أي خسائر محتملة.. وذلك من خلال البحث عن شركاء جدد من داخل مصر أو خارجها بأسلوب المشاركة في الإدارة أو التسويق أو المساعدة الفنية.. حتي لو اقتضي الأمر إلي التصرف في بعض الأصول وضخها للمساعدة في عملية إعادة التشغيل. "اللجوء إلي التحكيم الدولي من أسوأ ما يمكن أن تتوقعه الحكومة المصرية" هذا ما أكده د. محمود عبدالحي صلاح استاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي.. مشيرا إلي أن الحكومة المصرية دخلت معترك عشرات القضايا المشابهة لدي التحكيم الدولي ولم تستطع التغلب علي الخصوم إلا في قضية واحدة. اتفق عبدالحي مع العزبي بشأن ضرورة الدخول في مفاوضات مع المستثمرين أصحاب تلك الشركات لإثنائهم عن التحكيم الدولي.. فضلا عن ضرورة تحمل الدولة لالتزامها تجاه تعويض هؤلاء المستثمرين.. وطالب الدولة بدفع جميع مستحقاتهم المالية التي أنفقوها في شراء تلك الشركات شاملة فوائد تلك المبالغ. أكد عبدالحي ان الحكم الصادر بعودة الشركات إلي القطاع العام سوف يؤثر سلبا علي عملية جذب المستثمرين الأجانب إلي مصر.. لكنه أدان نظام الحكم السابق وسياساته. أضاف عبدالحي قائلاً: يجب أن تظل الدولة شريكا أساسيا في قطاع المشروعات المباشرة بهدف مقاومة الفساد.. بالإضافة إلي اتباع أنماط جديدة لإدارة المشروعات مثل اسلوب "الخصخصة بالإدارة" وهو يهدف إلي جذب عدد من المستثمرين لإدارة الشركات الحكومية في مقابل نسبة من الأرباح.. وطالب الحكومة بعدم التخلي عن موقفها في تبني نظام اقتصاد السوق.. داعيا إلي ضرورة استقرار النظام الأمني والسياسي. من جانبه قال خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وأحد الذين قاموا برفع الدعاوي أمام القضاء الإداري ان المال العام والملكية العامة لا يمكن بيعه أو تملكه بالتقادم خاصة إذا كانت مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو صناعية تعمل علي التنمية والتشغيل. قال ان المحكمة أوضحت ان الاتفاقية الدولية الخاصة بتسوية المنازعات الناشئة عن الاستثمار "إكسيد" لا تنطبق علي تلك الواقعة لأنه من أجل تطبيق تلك الاتفاقية يجب أولا أن يكون المستثمر قد اختار طريق التحكيم المحلي.. كما ان العقد المتحصل عليه بطريق الفساد غير جدير بالحملة الدولية والمقررة للاستثمارات الأجنبية. أشار علي إلي أن الصناعة المصرية شهدت حالة من عدم الاستقرار الذي خلفته الحكومات السابقة من إبرام صفقات خاطئة أثرت علي صورة الاقتصاد الوطني وكان القضاء لها بالمرصاد وأعاد الحقوق المسلوبة للدولة والعمال.. في محاولة لاستعادة شركات القطاع العام التي تم بيعها وخصخصتها بأبخس الأثمان.. بالإضافة إلي فضح عمليات الفساد وإهدار المال العام التي صاحبت إجراءات الخصخصة.. وان الحكم بعودة الشركات الثلاث "المراجل البخارية وشبين الكوم وطنطا للكتان" لملكية الدولة.. أوجد حالة من الارتياح لم تشهده الأوساط العمالية منذ سنوات. كانت المفاجأة في الشركة التي آلت إليها ملكية شركة "النصر لصناعة المراجل البخارية وأوعية الضغط" التي لعب الزعيم الراحل جمال عبدالناصر دورا هاما في إنشائها لتكون مصدرا استراتيجيا لدعم صناعة الطاقة والصناعات الاستراتيجية الأخري قد آلت إلي شركة "بابكوك وويلكوكس مصر" اللتين يملكهما يهوديان ينتمون إلي الصهيونية العالمية.