يستمر عرض المسرح القومي "حكاية ثورة 19" علي خشبة مسرح ميامي أيام الخميس والجمعة والسبت والاحد من كل اسبوع حتي منتصف أكتوبر القادم ويأتي نتاج ورشة عمل جماعية اشترك فيها حوالي 12 مسرحياً منذ 10 سنوات وإخراج أحمد إسماعيل. تضمن العرض كافة الانجازات الفنية الكبري لثورة 19 مثل تماثيل محمود مختار رائد النحت المعاصر الذي عبر بها عن رغبة الشعب المصري في التحرير والاشتياق الي الاستقلال ويا "عزيز عيني وانا بدي أروح بلدي" تعبيراً عن آلام المصريين من استخدامهم المجحف والعكس في الحرب العالمية الأولي وهي في الاصل اغان شعبية تم استلهامها بكلمات الشاعر رجب الصاوي وغناء الصوت الشجي "محمد محسن" تعبيراً عن صوت الثورة. وفي القلب من هذه الانجازات الفنية اغاني سيد درويش التي كتبها بديع خيري مثل "قوم يا مصري" و"القلل القناوي" فضلاً عن النشيد الوطني "بلادي بلادي لك حبي وفؤادي". وقد استخدم المخرج "أحمد إسماعيل" هذا التراث الخالد استخداماً درامياً في نسيج العمل فعبر "بقوم يا مصري" عن الانتفاضة الثورية الأولي عقب اعتقال "سعد زغلول" ورفاقه و"بلادي بلادي" عن تواصل القيم النضالية عبر الاجيال. العرض بشكل عام يجسد ويعبر عن تعزيز الانتماء كقيمة وطنية عليا وذلك من خلال المواطنين البسطاء الذين خلقوا الثورة. ومن خلال زعمائها الذين تفاعلوا مع الاحداث. كما يؤكد علي قيمة التواصل الوطني عبر الاجيال من "عرابي ومصطفي كامل ومحمد فريد وسعد زغلول" بإعتبار ان سؤال الاستقلال والنهضة والتقدم هو سؤال الشعب وسؤال الاجيال وليس لزعيم دون غيره أو لحقبة دون غيرها! فيما تعتبر القيمة والدلالة الاساسية للعرض. هو الوعي بقدر مصر التاريخي حضارياً بتاريخها العريق. وجغرافيا موقعها وفي الاطار يشير العرض الي قدر مصر التاريخي الأمر الذي جعلها مطمعاً لكل القوي الكبري والناهضة والاستعمارية. لذلك طالعنا العرض في البداية بخريطة مصر واسلوب العرض الذي اعتمد السرد منهجاً. المسرح السردي أو مسرح الحكاية أو المسرح الحميمي أو المسرح الغريب وفق كتاب أحمد إسماعيل عن تجربة "شبرا بخوم" هو هذا الابداع الخاص للمخرج وكان قد بدأه عند اخراجه لعرض "حكاية الشاطر حسن" للشاعر "فؤاد حداد" ومتولي عبداللطيف عام 1984 واستمر معه في عروض المسرح القومي التي تولي اخراجها مثل: بالاحضان وحي علي بلدنا.. في اسلوب مميز انعكس في عرضه "حكاية ثورة 19" فكان الطابع العام هو السرد والفضاء ولكن في هذه التجربة قام بتنفيذ عناصر عدة.. اللغة الدرامية المكثفة التي نقلت الوقائع التاريخية من حيز التسجيل التاريخي الي الفضاء الدرامي والمخرج بين الاغاني والمشاهد التمثيلية والتتابع الذي عمل بأسلوب المونتاج. كل هذا خلق اشاعات عديدة من الدلالات الفنية والسياسية. كان له بالغ الأثر في أمرين.. الأول اعجاب الشباب الذين يترددون لمشاهدة العرض والربط الدائم من قبل الجمهور بين ما يحدث في ثورة 19 وثورة 25 يناير التي نعيشها الآن! فهل حكاية ثورة 19 هي مرآة لثورة يناير أم هي عمقها التاريخي. اللافت للنظر هو هذا الحماس البالغ من كافة الممثلين ولا تستطيع ان تميز آداء ممثل عن الآخر.. إنها سيمفونية آداء متميز من الجميع وتنوع في تأدية الأدوار. فلكل من نجوم العرض أكثر من دور يلعبه في مباراة تمثيلية رائعة تباري فيها سلوي محمد علي وحمادة بركات ونيفين رفعت ومحمد محسن ومحمود البنا وإيهاب سليم معهم رحاب رسمي ومحمد دسوقي ويوسف إسماعيل وزين العابدين محمد وطارق إسماعيل وشهاب الدين عصام وعمرو سرور ومحمد صفوت وجميعهم من ابناء المسرح القومي رائد البيوت المسرحية في الوطن العربي.. وساهم فيها صانع الديكور ناصر عبدالحافظ. جدير بالذكر ان العرض سينتقل للاسكندرية للعرض بمسرح الليسيه منتصف أكتوبر لمدة 15 يوماً. ثم لكفرالشيخ وبعض المحافظات طوال الموسم القادم.