لأن الحدث متكرر. فقد غابت الأسئلة حول عدم المد للدكتور سيد خطاب. رئيساً لهيئة قصور الثقافة. وتعيين صبري سعيد بدلا منه. تعاقب علي رئاسة الهيئة - في السنوات الأخيرة - عدد من الرؤساء اقتصرت مدة بعضهم علي اسابيع وامتدت مدة البعض إلي أشهر. إن هدف إنشاء هيئة قصور الثقافة "لماذا استبدل بالثقافة الجماهيرية. الاسم القديم الجميل؟" هو توفير الثقافة الحقيقية للملايين من أبناء شعبنا. وأن تصل انشطتها إلي أصغر قرية مصرية وأبعدها لا تغلب نشاطا علي أنشطة اخري وانما السعي إلي التكامل هو ما تحرص عليه في أنشطتها المختلفة وبالتحديد فإن الثقافة الجماهيرية هي المعني الذي يجب أن تكون له - في أنشطة الهيئة - أولوية مطلقة وهي كذلك المعني الذي لابد أن يتحرك فيه الرئيس الجديد للهيئة. لا يختلف أحد من المتابعين للنشاط الثقافي في مصر - والكلام للروائي والناقد محمد قطب - علي الدور المهم الذي تقوم به هيئة قصور الثقافة في خدمة الثقافة المصرية الهدف الاساسي من إنشائها هو اكتشاف المواهب الأدبية والفنية في بقاع مصر وقراها البعيدة.. هذا هو الدور الحقيقي: أن تنشر الثقافة في ربوع البلاد علي الهيئة أن تدفع بموظفيها إلي الاماكن التي تحتاج للثقافة عبر تكوين قوافل ثقافية وعقد الملتقيات والمؤتمرات وأن يتم التنسيق مع وزارة التربية والتعليم. فلا معني للحياة الثقافية مالم تشارك وزارة الثقافة مع وزارة التربية والتعليم ووزارة الشباب.. لا يمكن تصور تقديم ثقافة في معزل عن تعاون هذه الوزارات. البحث عن الطاقات المبدعة والتوسع في العمل الثقافي هو الهدف الذي يجب تعني أن به هيئة قصور الثقافة. حرث ربوع البلاد لاكتشاف كل ما هو جديد وتقديمه. السؤال الذي يطرح نفسه أين قصور الثقافة من حلايب وشلاتين ومن الحواري والعشوائيات؟ أرجو أن يأتي رئيس جديد فيقصي الاكفاء من العاملين في الهيئة ويأتي بمن يطبل ويزمر. هذا لا يفيد الثقافة ولا المواطن المصري. ومن واقع تجربته كرئيس سابق لهيئة قصور الثقافة يبادر الكاتب المسرحي محمد عبدالحافظ ناصف بالقول: أنا أدعو الله أن يقوي الرئيس الجديد للهيئة ويعينه في البحث عن الكفاءات وعن وسائل علاج الكثير من المشكلات التي تعانيها الهيئة الآن وعليه أن يراجع ملفات عدد كبير من القيادات المظلومة الذين تمت الاطاحة بهم لمجرد أنهم عملوا مع محمد عبدالحافظ ناصف وأبوالفضل بدران ثم استعادة كل أدباء وفناني الهيئة الذين طردوا وشردوا وأبعدوا عن العمل داخل الهيئة وخارجها في قطاعات وزارة الثقافة أو الوزارات الاخري.. أخيراً فإن عليه أن يتخلص من الشلة أو البطانة التي كانت سبباً مباشرا في الوصول لهذه الحالة. التضاد يري القاص أشرف خليل أن المشكلة الأولي التي تعانيها هيئة قصور الثقافة هي بعد المسافة - بل والتضاد - بين طموحات المثقفين والأداء البيروقراطي لقيادات الهيئة. تحدد الأداء - منذ عقود - في انشطة محددة تتسم بالمركزية والموسمية والضجيج الإعلامي دون محاولات حقيقية لوصول العمل الثقافي إلي كل الاقاليم بصورة دائمة وثابتة. ويشير الروائي مصطفي نصر إلي الوصف الذي أطلقه فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق علي هيئة قصور الثقافة بأنها الحزب الحقيقي للشعب المصري وأنا أوافقه تماماً ليس علي المستوي الثقافي فحسب وإنما علي السياسية والاجتماعية هناك قري ونجوع لا يوجد بها أي ثقافي إلا بيت الثقافة إنه اصلح الاماكن لتجديد الخطاب الديني بالاضافة - طبعا - إلي الندوات والمؤتمرات الأدبية ولعلي أشير إلي بعض الاسماء التي أضافت إلي انشطة هيئة قصور الثقافة مثل سعد كامل وسعد الدين وهبة ومحمود دياب والفنان كمال حسين وحسن مهران ومحمد غنيم من المهم - في المقابل - أن أشير إلي رأي أحد العاملين في مسرح تابع لقصور الثقافة بأن المسرح حرام! كيف يعمل مثل هذا الشخص في مسرح تابع لقصور الثقافة بأن المسرح حرام! كيف يعمل مثل هذا الشخص في العمل الثقافي؟! يستعيد مصطفي نصر كذلك فترة تولي محمد غنيم رئاسة الهيئة لأنه مثقف كبير ومتابع للثقافة العالمية فقد أسهم بدور واضح في أنشطة قصور الثقافة. وفي فترة السيدة الفاضلة عواطف عبود عمل مؤثر في قصر التذوق أثرت في كل المبدعين الذين استضافهم القصر. ناقشوا كبار الأدباء. وأفادوا من أمومتها الطيبة وحبها للثقافة وللأسف فإن بعض العاملين الآن في الحفل الثقافي لا يحبون الثقافة. ويطلب الروائي أحمد محمد عبده أن يعود إلي الهيئة اسمها الاصيل وهو الثقافة الجماهيرية لأنها معنية بالاصل والاساس لتثقيف الجماهير من شتي الفئات لأنها - في رأيي الشخصي - أهم منبر ثقافي في مصر يجمع ما بين الثقافة والتنوير. في حين أن المنابر الاخري يسيطر عليها - في أحيان كثيرة - الفكر المتشدد يخطئ من يظن أن الثقافة الجماهيرية منبر للشعر والرواية والفن التشكيلي وما إلي ذلك ينبغي أن يكون المحور الاساسي فيها هو التنوير بكل معني الكلمة وأقصد هنا التنوير الديني لأن المثقف غالبا ما يطلع علي جميع الثقافات بعكس المنابر الدينية - مثلا التي يعني خطباؤها بالتثقيف الديني فقط من هنا تأتي أهمية الثقافة الجماهيرية ولو بوضع حد لمهزلة التغيير الرئاسي لهذه الهيئة لأن الرئيس المنتدب لا يعطي مجهودا يذكر لأنه يعرف أنه سيغادر مكانه في أقرب وقت. علي حساب القيمة ويذهب الشاعر والقاص ابراهيم عطية إلي أن رئيس هيئة قصور الثقافة الجديد يجب أن يكون مدركا لقيمة العمل الثقافي الميداني ويعرف طبيعة الثقافة الجماهيرية ودورها المهم في المجتمع لقد عانت الهيئة في الفترة السابقة من قيادات أهملت المشروعات القومية والمشكلات المتعلقة بقصور وبيوت الثقافة واهتمت بالشكل علي حسب القيمة لابد من وضع معايير في الشخصية التي يتم اختيارها وتكون قادرة علي التطوير وعلي دراية بطبيعة العمل في الثقافة الجماهيرية وليس من الموظفين الذين نخرهم سوس الفساد رغم وجود من هم علي درجة عالية من الكفاءة لكن زملاءه من النفعيين وأصحاب المصالح سيحاولون اسقاطه وافشاله يبقي أن الرئيس الجديد للهيئة يجب أن يضع في مقدمة أولوياته وضع رؤية استراتيجية للثقافة الجماهيرية لمواجهة المشكلات التي تطرأ علي المجتمع المصري. الهدف الذي قامت هيئة قصور الثقافة من أجله - في تقدير د. حاتم رضوان - هو وصول الثقافة إلي أبعد وأصغر قرية مصرية.. وهو هدف طال تمنيه وطال غيابه لعدة أسباب منها: تسلط البيروقراطية المركزية.. التعامل مع الاقاليم الثقافية بمنطق "الشروة" دون اعتبار للخصائص البيئية والجغرافية التي لا تري لكنها تمثل سمات مميزة لكل اقليم.. إهمال الخبرات الاكاديمية ممثلة في الجامعات الاقليمية والابداعية ممثلة في المبدعين الكبابر الذين لم يغادروا أقاليمهم.. التحرك علي أرضية المجاملة والمصالح المتبادلة.. السعي للإفادة من المنصب.. تقديم الكثير من المحاضرين في موقع الاستاذية والأولي بهم مقاعد التلمذة تصاعد النشر في مواجهة تلقص واضح لأنشطة المسرح والسينما والفن التشكيلي وغيرها من الانشطة الفنية والتطبيقية.. والاهتمام بالكم علي حساب الكيف - الذي يفترض أن يكون له الاولوية - في نشاط الهيئة الخدمي.. ثبات مستويات القيادة دون اتاحة فرص حقيقية للأجيال الطالعة من البدعين والفنيين والاداريين بما تمثله من طاقات فاعلة. ويركز القاص وائل وجدي علي جانب من أنشطة الهيئة يقول: إذا أعطيت النفس الحق - كمتابع قديم لمؤتمرات هيئة قصور الثقافة - فإن الملاحظة الأولي تتصل بدلالة تلك المؤتمرات الملاحظة أن فكرة المؤتمر تطرح في البداية ثم تطرح - عدها - محاور المؤتمر أي أن فكرة انعقاد المؤتمر تسبق المحاوت التي تطرح - أو هذا هو المفاوض - فكرة انعقاد هو لأن القضايا - بضرورتها الملحة - تغيب عن أذهان المسئولين عن تلك المؤتمرات فإنها تواجه التأجيل حتي يقترب موعد نهاية العام المالي فتتولي بغزارة مدهشة بصرف النظر عن نوعية المحاور الأهم هو انعقاد المؤتمر وليس ما يطرحه للمناقشة وإذا كان محورالمؤتمر - كمانعرف - محاضرات أو ندوات تتخللها إقامة للمدعووين إلي المؤتمر فإن الاصل - بالطبع هو المحاضرة أو الندوة فتظل القاعة بالتالي - منذ بداية المؤتمر إلي نهايته - ممتلئة بالحضور لأنهم قدموا للاستفادة وللمشاركة الحقيقية بما يضيف إلي الموضوعات التي يناقشها المؤتمر دعك من أكذوبة استضافة النجوم ليضيفوا إلي المؤتمر.. فالاضافة تأتي بالمشاركة الجدية وبالمداخلات وليس بالتسكع في الشوارع. أو الجلوس علي المقاهي واعتبار الأمر مجرد نزهة. لا يشغل النجم منها إلا مواعيد الوجبات والحجرة المنفردة التي تطل علي الموقع الأفضل!. هيئة قصور الثقافة تدعو إلي المؤتمرات الاقليمية. بهدف تنشيط الحياة الثقافية. وتحقيق التواصل بينالمثقفين في امتداد المدن المصرية. والتقليل - ما أمكن - من مركزية النشاط الثقافي في العاصمة.. لذلك فإنها تحرص علي دعوة الكثير من الاسماء اللامعة للمشاركة في تكل المؤتمرات. سواء بإلقاء المحاضرات أو المشاركة في الندوات أو حتي بالوجود الشخصي بما يعنيه ذلك من إثراء مستهدف لنشاط المؤتمر بعامه لكن معظم المدعوين من الشخصيات العامة وهذه كما قلت ظاهرة متكررة يكتفون في كل مؤتمر بالمشاركة السلبية فهم يظهرون في حفل الافتتاح ولحظات العودة إلي القاهرة فضلا عن مواعيد الطعام وتدبير اماكن الاقامة أما نشاط المؤتمر نفسه فذلك ما لا شأن لهم به جلسات المقاهي - في تقديرهم - أفضل وما يدور في قاعة المؤتمر ليس أكثر من جلبة للصداع. هؤلاء الذين عزفوا عن الحياة العامة لا يترددون علي المقاهي. أو القعدات الخاصة ويرفضون العلاقات العامة والتربيط.. هل يعني بهم شاغلوا المواقع الثقافية نفس عنايتهم بالاصدقاء والجلساء والمحاسيب؟.. هل تتساوي الفرص؟.. وهل يتم الاختيار دون تقيد بمناصب. وصداقات ومجاملات.. وتطلع إلي منفعة؟.. هل القيمة - وحدها - هي الفيصل؟ وفي المقابل فإن الاحباط لابد أن يتسلل إلي نفوس الذين يتصورون في أنفسهم قدرة علي المشاركة الإيجابية وعلي الاضافة.. لكن ابتعادهم عن دوائر الصداقة الشخصية وخلو القوائم الثابتة من أسمائهم سيجعل الفرصة في المشاركة مستحيلا جديدا يضاف إلي العنقاء.. والخل الوفي!.