لم يفصح الدكتور عمرو الجارحي وزير المالية عن تفاصيل الموضوعات التي تناولتها المفاوضات بين الوفد المصري وكريس جارفس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي حول المباحثات الخاصة بحصول مصر علي قرض من البنك قيمته 12 مليار دولار علي 3 سنوات. واكتفي الوزير بأن المفاوضات التي حضرها طارق عامر محافظ البنك المركزي بمقر البنك تناولت أوضاع للاقتصاد المصري ومحادثات ومناقشات عامة.. وأوضح الوزير أنه سيتم وضع آلية للافصاح عن تطور المحادثات بين الجانبين علي أن يتم الإعلان عن تطور المناقشات كل ثلاثة أو أربعة أيام. ورغم أن مصادر حكومية أكدت أن الحصول علي التمويل من المؤسسة الدولية بقيمة 12 مليار دولار لن يمس بأي حال من الأحوال حياة محدودي الدخل والفئات والشرائح الاجتماعية ولن يمس خفض قيمة الجنيه المصري أو إلغاء الدعم علي السلع التموينية والبترولية فهذا غير وارد علي الإطلاق في تلك المحادثات لأن الدولة تقوم بترشيد تلك المنظومة لتصل إلي مستحقيها بكفاءة في التوزيع. لكن مصدراً مسئولاً رفيع المستوي أكد أن الحكومة المصرية رفضت عدة طلبات طرحها ممثلو صندوق النقد الدولي خلال المفاوضات علي تحديد قيمة القرض قبل ثلاثة أشهر.. وكانت البعثة قد تقدمت ب 14 شرطاً منها ما تمت الموافقة عليه ومنها ما رفضته الدولة. وأول ما رفضته الحكومة المصرية هو المساس بأي أعداد من الموظفين داخل الجهاز الإداري لها والبالغ عددهم 5 ملايين ونصف المليون موظف بعد أن أبدي الصندوق تحفظه علي وجود عمالة زائدة.. وقال إنها تساعد علي تآكل ربع الموازنة العامة في الأجور. وذكر المصدر المسئول أن مصر رفضت توصيات الصندوق بتسريح 2 مليون موظف. مؤكداً أن البرنامج المصري المقدم للصندوق لا يمس أي موظف أو عامل.. وأن هناك خطة تدريب الموظفين وإعادة تدويرهم بين المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية وفق نتائج اجتياز مراحل هذا التدريب. إننا نعتبر أن مطلب صندوق النقد الدولي بتسريح 2 مليون موظف إنما يقصد به وضع مصر في حرج بالغ.. فالمشكلة الأولي التي تواجه الحكومة المصرية الآن هي زيادة عدد العاملين عن العمل يوما بعد يوم. ولا يوجد لديها خطة مدروسة للحد من هذه البطالة. مصر تعاني من ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تودي بحياة أبنائها غرقاً في البحار أو من يسلم منهم تقوم البلدان التي هاجروا إليها بردهم علي أعقابهم إلي مصر.. ناهيك عن غلق أبواب كانت مفتوحة أمام هؤلاء الشباب مثل ليبيا والعراق التي كانت تستوعب مئات الآلاف منهم بعد أن صارت البلدان مرتعاً للإرهاب.. فضلا عن أن بعض البلاد الأخري بدأت في تقليص عدد المصريين العاملين لديها وعودة الكثيرين إلي بلادهم. فعندما يطالب صندوق النقد بتسريح هذا العدد الضخم من الموظفين فإنما يكون كالشاعر الذي بدأ قصيدته بالكفر.. ونحن نعتقد أو علي الأقل نخاف من احتمالات خفض الجنيه أكثر أمام الدولار.. ومن إعادة النظر في دعم السلع التموينية والبترولية لأنها سوف تنال من الفئة المطحونة ولن تؤثر بحال علي أصحاب الثروات الضخمة. يقيني أن وعود الحكومة بوضع خطة لإعادة تدريب الموظفين وتدويرهم بين المؤسسات إنما هي خطة موضوعة علي الورق فقط ولن نري لها بادرة أمل من خلال الحكومة الحالية أو الحكومات القادمة.. ولذلك سيظل أغلب الموظفين "تنابلة" في مكاتبهم مهمتهم الأولي تعطيل دولاب العمل بدلاً من الإسراع في إنجازه.. وقد جاء قانون الخدمة المدنية ليعطيهم امتيازات أكبر دون أن يكون لهم جهد أكبر في عملهم. وقد رأيت في بلد مثل كندا أن الموظف يعمل بالساعة ويسجل ما أنجزه علي الكمبيوتر ليصل إلي مديره المباشر فإن لم ينجز مقابل أجره لا يصرف له راتب عن الساعة التي تكاسل فيها.. ونحن لا نطالب بذلك وإنما نطالب بأن يكون هناك إنجاز حقيقي للموظفين والعاملين لتحريك عجلة الانتاج من خلال منظومة مراقبة لعملهم وإلا سنظل ندور في حلقة مفرغة!!