رئة جديدة افتتحها د. أحمد مجاهد رئيس هيئة الكتاب لهذه الهيئة العجوز التي شاخت بشيخوخة من تولوها بعد رحيل د.سمير سرحان.. هذه الرئة كانت مساحة شاسعة أكثر من ستة أفدنة في شارع حيوي ومنطقة مهمة هي شارع فيصل وتملكها الهيئة منذ عشرات السنين وكانت طوال هذه السنين تعتزم اقامة مطابع بها.. وخصصت الخطة المالية للدولة . كما يقول د. مجاهد - ثلاثة ملايين جنيه لهذا الغرض ولم تنفق في وجهها الصحيح بل تم تحويلها إلي مكتبة الأسرة وبقيت هذه الارض مهملة فتحولت إلي مطمع لبعض الجشعين الذين استولوا علي مساحات منها وبعضها اقام محل جزارة علي بابها واستولي بذلك علي الارض من بابها وخاض مجاهد معركة طويلة - ثلاثة اشهر - لابعاد الجزار وابعاد الثعابين والحشرات والقمامة والهيش الذي ملأ هذه الارض لتتحول إلي "معرض القاهرة للكتاب". زحام شارع فيصل وبعد المكان عن وسط البلد ومواقع تجمع المثقفين كان يوحي بركود هذا المعرض لكن ما حدث كان اقبالا جماهيريا وكان تنشيطا جيدا لعملية بيع الكتاب. ومواكبة للمعرض الذي تشارك فيه عشرات من دور النشر العامة والخاصة وضع برنامج ثقافي اختيرت له عناوين مهمة كان منها "وثيقة الأزهر بين الواقع والمأمول" وهي الوثيقة التي وضعت الأزهر في قلب الاحداث الوطنية بصفته جهة علمية ذات ثقل تاريخي ووطني.. وتدخل الأزهر وتحركه في الوقت الراهن ربما يشارك في إزالة البقعة السوداء التي لحقت بالإسلام في مصر علي يد المتطرفين الذين يدعون التدين وينحون الوطن عن اهتماماتهم تماما كما ظهر في ميدان التحرير في الأونة الأخيرة. عقدت الهيئة ندوة لعرض هذه الوثيقة وتوضيح بنودها ادارها وشارك فيها د. محمود عزب وتحدث في الندوة د. محمد كمال إمام. قال د. عزب ان مصطلحات كثيرة شاعت بعد ثورة 25 يناير وتحدث لبسا شديدا لدي الناس وفي وسائل الإعلام ومنها "دولة مدنية" و"ليبرالية" و"نظام برلماني" وغيرها.. وقد اخذ الأزهر زمام المبادرة لتحديد موقفه الملتزم بقضايا الوطن في ضوء ما يحدث من لغط حول هوية مصر ومستقبلها.. وبادر بوضع هذه الوثيقة القائمة علي اتساع الرؤية وشمول التفكير. ذكر د. محمد كمال إمام ان الوثيقة نقلة في علاقة الأزهر بالمثقفين.. فهي ليست في الأساس من إعداده بل بمبادرة من بعض هؤلاء المثقفين وعقدت لها جلسات بحث ونقاش امتدت ستة أسابيع قبل الإعلان عنها.. ولم تخرج اللائحة مجهلة بل وقع عليها كل من شارك فيها فاتسمت بالمصداقية فكان منهم د.أحمد الطيب ود.علي جمعة ود.أحمد كمال أبو المجد ود.محمد عبدالفضيل القوصي ود. محمود فهمي زقزوق وبهاء طاهر ومحمد فاضل ود.سمير مرقص. البند الأول من الوثيقة اهم بنودها - كما يؤكد د.إمام - ويتحدث عن دولة تتصف بأربع صفات واضحة هي أنها دولة ديمقراطية. مدنية. وطنية. حديثة.. للخروج من المصطلحات الملتبسة كمصطلح الدولة المدنية الذي صكه الغرب في مواجهة "الدولة الدينية" التي كانت تعني سيطرة الكنيسة علي مقدرات الشعب والدول. وتضمنت الوثيقة كذلك مبدأ "الأمة المصرية" وما تحمله من عمق حضاري علي مدي خمسة آلاف عام يدخل فيها حضارة مصر القديمة والحضارة المسيحية ذات الطبيعة المصرية الخالصة والمخالفة للغرب ثم حضارة الإسلام الممتدة لاكثر من 14 قرنا من الزمان وتجسد تاريخ مصر العلمي والثقافي والابداعي وقد صنعها المسلمون وغير المسلمين في هذه البلاد فجاءت ممثلة للقيم المشتركة لكل المصريين بدون انتماء لحزب أو دين أو اتجاه.. وفي هذا السياق يأتي تعبير "المواطنة" كحل عصري لما يظنه الناس تميزا غير محتمل في عالمنا الراهن.