أكد فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أنه يجب أولاً صنع السلام بين رجال الأديان أنفسهم وليس بين رجال الدين الواحد.. وهذه معضلة تحتاج إلي حوار باحث عن المشتركات بين الأديان وما أكثرها وأهمها. فما لم يتصالح رجال الأديان فيما بينهم فإنه لا أمل في قدرتهم علي الدعوة للسلام والتبشير به بين الناس. إذ فاقد الشيء لا يعطيه. أوضح الإمام الأكبر -في كلمته بملتقي "مقومات السلام في الأديان" بجامعة مونستر بألمانيا- أن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة إن صح التعبير.. ويكفي للتدليل العاجل علي ذلك أن نعلم أن كلمة "السلام" بمشتقاتها وردت في القرآن مائة وأربعين مرة مقابل كلمة "الحرب" التي وردت بمشتقاتها ست مرات فقط. ومن هنا لم يكن مستغرباً أن يقرر الإسلام مبدأ "السلام" كأصل في معاملة المسلمين وعلاقاتهم بغير المسلمين. وأن فلسفة القرآن لا مكان فيها لعلاقات الصراع والقتال مع المسالمين من غير المسلمين. قال إنه يجب أن نبحث عن أسباب غياب السلام في سلوك الحضارات الكبري المعاصرة التي لا تجد بأساً في اختراع عدو موهوم تدير عليه رحي الحرب وتصّدر له الصراع بعيداً عن أراضيها. أشار إلي أن الأديان السماوية ما نزلت إلا لترسم للإنسان طريق السعادة في الدنيا والآخرة وتعلمه قيم الرحمة والحق والخير. وأن الله كرمه علي سائر الكائنات الأخري واتخذه خليفة له علي الأرض وحرم دمه وماله وعرضه. وإذا سمعتم أو قرأتم أن ديناً من الأديان السماوية سمح بإراقة الدماء واغتيال الحقوق فاعلموا أن ها هنا تدليساً في تصوير حقيقة هذا الدين.. وقال: نؤمن نحن المسلمين بأن الإسلام ليس ديناً منفصلاً عن الأديان السماوية السابقة عليه كالمسيحية واليهودية والإبراهيمية. بل يعلمنا القرآن أن الدين الإلهي دين واحد اسمه الإسلام. بمعني الخضوع لله تعالي وعبادته وإسلام الوجه إليه. وأن ما يسمي بالأديان في محادثاتنا هو رسالة إلهية تشكل حلقات متصلة في سلسلة الدين الواحد. أكد أن الإرهاب العابر للقارات إن تُرك ينمو ويقوي فالنتيجة الحتمية هي عودة البشرية كلها إلي حالة من الهمجية والفوضي.. موضحاً أن الحروب الجديدة لا يتوجه الصراع المسلح فيها إلي عدو خارجي. بل إلي أبناء الوطن الواحد بعد أن تمهد الأرض وتُفرش ببؤر التوتر المذهبي والطائفي. وقد برع المستفيدون من الحروب في استغلال الدين كوقود يضمن اشتعال الحرب واستمرار الخراب والدمار. أضاف أن التخلص من الأنظمة الديكتاتورية لا يتطلب قصف الشعوب الآمنة بالطائرات وهدم البيوت علي رؤوسهم.. مشيراً إلي أن الأديان والمذاهب ليست وليدة اليوم وقد عاشت في سلام تحت ظلال الحضارة الإسلامية لم تُرزأ في معتقداتها ولا مقدراتها.. وقال: بحثت بين قارات العالم عن منطقة أسمع فيها قعقعة السلاح أو أري شلالات الدماء. فلم أجد مسرحاً لهذه المآسي غير الحزام العربي والإسلامي. وبإمكان مؤسسة الأممالمتحدة التي أُنشئت من أجل حفظ الأمن والسلام الدوليين أن تسهم في احتواء مشكلات الشرق الأوسط وتحاصر نيرانه.