أيهما الأكثر تأثيراً علي مشاعر المرأة "الفيلم" أم "الأغنية العاطفية"؟؟ رأيي الشخصي ان الأغنية الجميلة تلعب علي أحاسيس المرأة وتسطو عليها بالكامل حتي تنتهي الدقائق التي تستغرقها سواء كان المُغني رجلاً أو امرأة. الفيلم الرومانسي يعيش في ذاكرة المرأة. وقد تتوحد مع بطلته وتتفاعل مع نهايته فرحاً أو حزناً. وكم من الأفلام استطاعت ان تغير الحالة المزاجية لمجرد استحضار أحداثها ومواقف فيها عبر الذاكرة. ولكن بتفوق الأغنية بأن استدعاءها عملياً ومادياً يتحقق في الحال بمجرد ان يضغط علي زرار أما الفيلم فيحتاج إلي طقس مختلف. والسؤال الذي بدأت به المقال بسبب ما لاحظته أثناء تجمع عائلي ضم أجيالاً مختلفة. ومستويات تعليم متباينة. فقد جمع بين ربات بيوت. وطبيبات وعاملات في مواقع مرموقة تحقق لهن دخلاً شهرياً كبيراً. ومنهن أمهات شابات لا يعملن وعازبات لم يتزوجن ووسط هذا الخليط غير المتجانس ثقافة ومستوي اجتماعي. ودرجات من التدين تختلف في مظاهرها علي الأقل. طرحت سؤالاً عفوياً "هل سمعتم أغنية أنغام الجديدة "اكتبلك تعهد"؟؟ وإذا بي اسمع إجابة فورية واحدة متجانسة تشير إلي الإعجاب الكبير بالكلمات واللحن وأداء "أنغام" المؤثر. وعلقت واحدة: "ده كل نساء مصر يسمعون الأغنية". ومن السيدات طبيبة مشغولة جداً وليس لديها أي وقت لسماع أي شيء آخر خارج نطاق تخصصها.. وما أن بدأت أنا في تشغيل الأغنية حتي تحولت هذه الانسانة شديدة العملية والمشغولية إلي آذان صاغية وظهرت أعراض التجاوب بوضوح علي ملامحها! وقبل هذا التجمع العائلي كنت قد تابعت الإعلامية لميس الحديدي وهي تبدي إعجابها الشديد بالأغنية وترشحها كأحسن أغنية عام 2015 وأسمعت "أنغام" عبر التليفون أثناء البرنامج اطراء مهولاً وكشفت عن أثر الأغنية وتأثرها بها واشارت إلي رد فعل الجمهور عندما شدت بها لأول مرة أثناء مهرجان الموسيقي العربية ثم بثت مقطعاً منها أثناء الحفل. وبرغم عدم اختلافي واعترافي بأنها بالفعل أغنية جميلة ومؤثرة الا انني توقفت أمام ما تطويه من دلالات حول التركيبة العاطفية للمرأة الشرقية في علاقتها بالرجل والمعاني المتضمنة في كلمات الشاعر الغنائي مؤلف الأغنية إلي جانب شحنة الانفعالات القوية المفعمة بالحزن واللوعة في أداء أنغام. ومن هذه المعاني حالة التبعية العاطفية والعملية في العلاقة التي تربط بينهما كعاشقين أو زوجين أو طرفين يشكلان تابعاً ومتبوعاً: "ممكن تسيبني اشتري عمري اللي باقي. قول بكام؟ ولو انت خايف لما تسيبني حقابل بعدك حد يصوني. وأنت لو ما بقتش بتصدق كلام. أنا ممكن اكتبلك تعهد إني هاعيش وحدي باقي عمري بس أعيشه باحترام""!!" هذا يوجد استئذان ضمني للرحيل وثمن مطلوب للسماح بكسر هذا القيد المعذب والاستعداد لكتابة تعهد بألا تقيم علاقة بعده مع شخص يمكن يصونها"!!" ثم توسلها وتوقها إلي حياة تحقق لها الاحترام"!!" "ليه كده"؟!! والسؤال من عندي شخصيات ومن الذي فرض هذه القيود التي لم تعد من حرير وانما سلاسل من صلب في هذه الحالة؟؟ وما هذا الألم الواضح جداً وعلنا أمام الناس؟؟ هنا أري وأشعر وأكاد أمسك بالجذور المتجذرة في ثقافتنا إزاء وضعية المرأة واستدعي الأمثال الشعبية العديدة التي تجعل "ضل الراجل" أفضل من "ضل الحيطة" والزوج "المعبود" بعد الله جل شأنه وأري "أنغام" في توسلها امرأة ضعيفة مثل سائر حريم الشرق تستجدي الاحترام وتعد بما ليس من حق الرجل أو شريك العمر إذا لم يصنها ويحترم حقها في إخلاصه لها. وعندما تسمع وتري وتلمس - عاطفياً وثقافياً - حجم تأثير أغنية أنغام علي النساء العربيات في الألفية الثالثة تتأكد ان ثقافة "الحرملك" قائمة. وان الأغلال التي تضع الأنثي في مدار "الذكر" أبدية وان المرأة نفسها لا تملك امكانية التحلل من عهود لم يصنها رفيق العمر. أو الحبيب وأن هذا كله "ناموس" قامت هي بالتوقيع عليه والاعتراف به عبر قرون ومنذ "حواء". "أنا عايزة نفسي حتي لو كان باقي مني صوت وأنا لو حكمل حياتي بيك من غيرما ييجي الموت هاموت". نعم؟؟ إيه!؟؟.. وليه كل ده؟؟ أسئلة أطرحها بالصوت الحياني فأنا لو باقي مني صوت في هذه العلاقة حاصوت وأملأ الدنيا بصوتي وأقول: "اتفضل. أخرج من حياتي حالاً. ليس لك عندي سوي الفراق بالمعروف ومن غير "إحم ولا دستور" سلام يا حبي.