واحة سيوة التي يطلق عليها "جنة الصحراء الغربية" لما تتميز به من سحر وجمال وطبيعة خلابة وتمتلك العديد من الثروات والمقومات الزراعية والسياحية الاستشفائية العلاجية.. أصبحت الآن معرضة للتحول إلي واحة عشوائية بعد أن نسيتها الحكومة علي مدي أكثر من 35 عاماً رغم كل ثرواتها وتركت سكان المنطقة التي يبلغ عددهم 34 ألف نسمة يعيشون علي مساحة 55 ألف كيلو متر يواجهون المشاكل بالجهود الذاتية بدون أي مساعدة!! "المساء الأسبوعية" كانت هناك حيث قامت بجولة داخل الواحة والتقت مع السكان للتعرف علي المشكلات التي يعانون منها وتتسبب في عرقلة جهود التنمية. في البداية يقول فتحي عبدالله عضو مجلس إدارة جمعية أبناء سيوة للتنمية السياحية والحفاظ علي البيئة: هناك العديد من المشكلات المزمنة بواحة سيوة والتي يأتي علي رأسها مشكلة ارتفاع منسوب مياه الصرف الزراعي الذي يهدد بغرق الواحة خاصة أنه يتزايد مع دخول الشتاء.. مطالباً بوقف حفر الآبار التي لازالت مستمرة حتي الآن حيث وصلت مساحة البحيرات إلي 52 ألف فدان بعد أن كانت 37 ألف فدان فقط في السنوات الماضية فضلاً عن وجود حوالي 320 عين كبريتية. ولا سيما وأن الآبار العشوائية التي قامت شركة "ريجوا" بحفرها دون أي دراسة علمية دمرت واحة سيوة وتسببت في زيادة بحيرات الصرف الزراعي إلي أن أصبحت الواحة تشبه "المصفاه". مؤكداً علي أن 80% من أراضي سيوة مرتبطة بالصرف الزراعي التي ترمي علي بحيرتين فقط الغربية والشرقية و20% الباقية ترمي علي بركة "بهي الدين". أضاف عبدالله أن هذه البحيرات تهدد واحة سيوة بالغرق بعدما تسببت في "تطبيل" الأرض التي أثرت في غرق قرية "وفلة" بالإضافة إلي فقدان 50% من محصول الزيتون هذا العام وتقليص مساحات زراعة النخيل. أضاف عبدالله: هناك دراسات مقدمة من الباحثين ومنهم د. فاروق الباز لحل مشكلات الصرف الزراعي فيوجد منخفض "تبجبج" علي بعد 180 كيلو متراً من سيوة وأجريت علي هذه المنطقة دراسات علمية من خلال باحثين أكدوا أن هذا المنخفض من الممكن أن ينشأ عليه يميناً ويساراً ترع تستخدم في الزراعة. وهناك دراسة أخري توضح أنه يمكن تحويل هذه المياه إلي ترع ضخمة تمتد إلي بحر الرمال والاستفادة من كميات المياه المهدرة في زراعة غابات شجرية وتثبيت الكثبان الرملية.. مشيراً إلي أن هذه الحلول جيدة ومقنعة ونطالب التدخل السريع واهتمام الدولة لانقاذ سيوة من الغرق. أكد فتحي علي أن سيناريو الإهمال لم ينته عند هذا الحد ولكنه طال الكنوز الأثرية بالواحة حيث لا يوجد تأمين ولا حراسات بالمناطق الأثرية ولا أعمال ترميم لها مما تسبب في فقدان أجزاء هامة من تلك الآثار علي الرغم من امتلاك هذه المنطقة بالعديد من الآثار التي مرت بكافة العصور الفرعونية واليونانية والرومانية والإسلامية. مشيراً إلي وجود معبد "أمون" مقر أشهر عرافي العالم القديم والذي تم فيه تتويج الإسكندر الأكبر إبناً للآله أمون حاكماً لمصر والعالم القديم. بالإضافة إلي جبل الموتي واطلال مدينة شالي القديمة وغيرها. أضاف: قام أحد الباحثين الانجليز باكتشاف أقدم معبد فرعوني في منطقة عصارة الزيتون القديمة ارتفاعه 11 متراً ويظهر منه 5.1 متر وهذا المعبد تتعامد عليه الشمس عمودي علي وجه التمثال في شهري مارس وسبتمبر وهذا المعبد يرجع إلي العهدين الفرعوني واليوناني وأكد الباحث أن هذا المعبد من المعابد النادرة في العالم. وعلي الرغم من الاكتشاف الهام منذ عدة شهور لم تتخذ الدولة أي اجراء نحو هذا الاكتشاف. من جانبه يؤكد أبو بكر اسماعيل المسئول عن متحف البيت السيوي أنه حفاظاً علي التراث السيوي تم تكوين لجنة من جميع القبائل بالواحة لإنشاء هذا المتحف بالجهود الذاتية الذي يضم الملابس والأدوات والإكسسوارات التي كانت تتزين بها المرأة السيوية القديمة بالإضافة إلي شكل البيت السيوي القديم ولايوجد دعم أو إشراف عليه من أي جهة رسمية أو حكومية. خسائر البلح يؤكد أحمد جبون صاحب احد مصانع التمور بسيوة علي أن موسم البلح هذا العام تعرض إلي تراجع كبير وخسارة فادحة بسبب دخول مصر أكثر من 2500 طن من البلح العراقي كعلف ولكن تم تداوله تجارياً وبيعه بسعر 6 جنيهات للكيلو مما أدي إلي تعرضنا لخسائر وأضر بالموسم. طالب "جبون" بضرورة عودة المكافحة الحيوية حفاظاً علي النخيل بعد تعرضه للإصابة في السنوات الأخيرة بسوسة النخيل ولا سيما وأن المكافحة كانت تعمل بجدارة خلال شهري مارس وابريل حتي توقفت عام 2010 بعد انتهاء المنحة ولن تخصص وزارة الزراعة ميزانية أخري لسيوة. أوضح أن هذه الاصابة جاءت بسبب دخول أنواع دخيلة مصابة بالسوسة علي يد أحد أصحاب القري السياحية مما جعل المزارعون يقومون بقطع وحرق النخيل المصاب. أضاف: طالبنا مراراً وتكراراً من غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات بتحديد المواصفات القياسية التي نستطيع من خلالها تصدير التمر المشكل باللوز والسوداني والشيكولاته وغيرها ولا أحد يستجيب علي الرغم من أن التصدير يقتصر حالياً علي البلح الخام وأصبحنا نصدر 12 ألف طن بلح إلي ماليزيا سنوياً. يطالب "جبون" بسرعة استكمال طريق 6 أكتوبر الواحات البحرية لربط سيوة بالعاصمة واختصار مايقرب من 300 كيلو متر خاصة أنه تم بالفعل الانتهاء من 200 كيلو متر وذلك يساهم بشكل كبير في تنفيذ الخطط التنموية فضلاً عن الخدمات السياحية والزراعية والصناعية والتجارة الداخلية. يوضح الناوي عيسي صاحب أحد البازارات السياحية بسيوة أن الحرف البيئية والمشغولات اليدوية التي تتميز بها الواحة في حاجة إلي تدريب وتأهيل كوادر من المرأة السيوية حتي تعود هذه الصناعة إلي سابق عهدها.. مشيراً إلي معظم المشغولات اليدوية والكليم والسجاد يتم الحصول عليها من مناطق خارج سيوة منها العريش وفوة وكرداسة. أضاف.. يوجد بواحة سيوة مركز الصناعات الذي تم انشاء بتكلفة 40 مليون جنيه يضم 6 خطوط انتاج بهدف زيادة الانتاج والارتقاء بالجودة والتنوع في التصنيع. ولكنه لن يعمل الآن بالطاقة الانتاجية العالية بسبب هروب الأيدي العاملة من المركز لضعف الأجر الذي يتقاضونه ولا يتعدي 8 جنيهات في اليوم. المحافظ يتحدث اعترف اللواء علاء أبو زيد محافظ مطروح من أن واحة سيوة منسية منذ أكثر من 35 عاماً وأنها لم تأخذ حقها في الخدمات الأساسية سواء كانت في الصحة أو التعليم وغيرها. أضاف: منذ أن كلفت بتولي منصب محافظة مطروح كلفني الرئيس السيسي بأحداث تغير جذري إلي الأفضل قائلاً لي "تتغير مطروح من كافة الوجوه" مؤكداً علي أن المرحلة القادمة سوف تشهد استثمارات ضخمة بواقع "80 مليار جنيه" حيث تم توقيع 10 مذكرات تفاهم مع الإمارات كمرحلة أولي تتجاوز قيمة 10 مليارات دولار بالإضافة إلي الاتفاق مع الجانب الكوري علي تنفيذ مشروع المنتجع الصحي العالمي بواحة سيوة ومحطة معالجة للصرف الزراعي بأحدث تقنية في العالم بالإضافة إلي اقامة مدينة ملاهي علي أعلي مستوي بالعالم. مشيراً إلي أن كل هذه المشروعات سوف توقع بشكل نهائي في المؤتمر الاقتصادي المقرر إقامته يومي 24 و25 أكتوبر الحالي بمطروح. أضاف: أن مشكلة المواصلات التي تعاني منها واحة سيوة من أولي اهتماماتي خاصة أن الواحة تجذب سنوياً 10 آلاف سائح فقط ونسعي إلي تشغيل خطوط الطيران لخدمة السياحة في الواحة وايجاد فرص عمل لأبناء الواحة طوال العام.