كثر الحديث عن تجفيف منابع الإرهاب وسد مصادر تمويله المعروفة للجميع ويدور معظم الحديث في فلك تجديد الخطاب الديني لمنع الشباب من السقوط في هذا المستنقع. وتدمير الأنفاق. وتوجيه ضربات لأوكار الإرهابيين في سيناء وبعض المحافظات الأخري. وعلي الرغم من أهمية هذه الخطوات إلا أنها لا تساهم بشكل كبير في دحر الإرهاب في ظل استمرار مصادر تمويله وزيادة معدل ضخ الأموال لدعم تنفيذ العمليات الإرهابية.. فكلما أحبطت قواتنا المسلحة ورجال الشرطة عملية إرهابية نفاجأ بالقبض علي عدد آخر من الارهابيين وفي حوزتهم مبالغ ضخمة بالدولار واليورو بخلاف الأسلحة الخفيفة والثقيلة. تمويل الإرهاب من الخارج لن يتوقف لأن من يقف وراءه دول وأجهزة استخبارات لا تريد الخير لمصر. ومن هنا فإن الحرب الآن علي ما أعتقد حرب استخبارات بالمقام الأول بهدف الوصول الي رأس الأفعي والتعامل معها وعدم الاكتفاء بالإمساك بالذيل. يؤكد ذلك العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة ضد التكفيريين بشمال سيناء أمس الجمعة. والتي تم خلالها تدمير مخزن كبير للأسلحة بمنطقة "حق الحصان" وأيضا تدمير سيارة نصف نقل كانت محملة بالمتفجرات ويستقلها اثنان من الإرهابيين بمنطقة "المقاطعة". هذه العملية وكما ذكر اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجي ورئيس مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية تم تنفيذها بناء علي معلومات من جهاز المخابرات العسكرية. ومن هذا المنطلق أتصور ان أجهزة الاستخبارات المصرية تعمل ليل نهار في الداخل والخارج لرصد وتتبع تحركات الارهابيين ومن يمولونهم في الداخل أو الخارج. وعلي سبيل المثال.. العربات ذات الدفع الرباعي التي يتم ضبطها وتدميرها.. هل يتم استخدام ارقام الشاسيه الخاصة بها والتواصل مع شركة "تويوتا" اليابانية التي تنتجها لمعرفة من الذي اشتراها؟.. خاصة أن لقطات الفيديو التي تظهر الارهابيين سواء في سيناء أو غزة تكشف أن هناك عددا كبيرا من هذه السيارات حديث جدا "زيرو" وتم شراؤها دفعة واحدة أو حتي علي مراحل. وبالتالي يمكن تتبع مشتري هذه السيارات للتوصل الي خيط مهم يكشف أبعاد هذه الجرائم سواء أكان المشتري شخصا أو جهة أو دولة. وبالطريقة نفسها يمكن التوصل إلي أصحاب السيارات ذات الدفع الرباعي المستعملة التي يتم تدميرها من خلال أرقام الشاسيهات ايضا والوصول الي شبكة الارهابيين التي علي علاقة باصحاب هذه السيارات. مراقبة الاتصالات التليفونية التي تجري في نطاق شمال ووسط وجنوب سيناء ستكون مجدية علي الرغم من ان معظم الارهابيين يستخدمون تليفون "الثريا" لأن عددا كبيرا منهم عند ضبطهم تبين أنهم يحملون بجانب "الثريا" تليفونات بشرائح لشركات اتصالات محلية. خطوة أخري أعتقد انها سوف تحسم أمورًا كثيرة علي الأرض وتكشف تحركات الارهابيين في سيناء. وهي ضرورة الاتفاق مع الدول الصديقة مثل روسيا والصين لاستغلال اقمارها الصناعية في مسح مناطق سيناء علي مدار الساعة بهدف كشف تحركات الارهابيين قبل تنفيذ أي عملية أو حتي بعد تنفيذها وأثناء هروبهم خاصة ان الاقمار الصناعية الامريكية والاسرائيلية تعمل الآن لخدمة الإرهابيين بل ومدهم بأماكن الكمائن وتواجد وتحركات قوات الجيش والشرطة في سيناء. فهذا التعاون بين مصر وروسيا والصين سوف يفيد كثيرا في هذا الاتجاه. لا يقل أهمية عن ذلك الاعتماد علي عواقل وشيوخ القبائل في سيناء في كشف الإرهابيين. خاصة أنه بعد تشكيل القيادة العسكرية الموحدة لمنطقة القناة تم اسناد مسئولية الإبلاغ عن الإرهابيين لكل شيخ قبيلة كل في نطاق قبيلته. ان زرع عناصر استخباراتية في مناطق تجمع الارهابيين بسيناء أثمر بهذه العملية النوعية التي جرت أمس وسوف يثمر عن عمليات أخري خلال الأيام القادمة. أما العمل الاستخباراتي داخل الدول المتهمة بدعم الإرهاب مثل تركيا وقطر وأمريكا وألمانيا وايران فلابد ان يكون علي أشده. وأعتقد انه يحدث الآن فعلا.