تعيش مصر نمطا جديدا للارهاب، هو نمط التدمير الاستراتيجى لمفهوم الدولة ،هذا النمط يختلف بشكل جذرى عما شهدته مصر فى الثمانيات والتسعنيات من القرن الماضى ، حيث ركز الارهاب على قتل النخبة ، أو عن ارهاب العقد الاول من القرن الواحد والعشرين الذى ركز على الحرب العالمية من جانب جماعات أصولية مذهبية متطرفه لكسر البنية الفوقية او التحتية للنظام السياسى. فى سياق الربيع العربى تم ايقاظ الخطط الدولية والاستراتيجية للتغير الجيواستراتجى لمنطقة الشرق الاوسط، وتم استغلال وتطويع الرغبة الجماهرية العارمة من اجل توسيع الحقوق الديمقراطية من أجل أجنده الاضعاف الممنهج ليس فقط لقدرات السلطه فى صياغة السياسات العامة ولا قدرات ومؤسسات النظام السياسى على السيطره والتحكم ، بل والاهم الامر الذى يستهدف تدمير قدرات الدولة ، حتى وصل السعى إلى تدمير مفهوم الدولة الحديثة فى حد ذاتة.
المقصود من الارهاب الجديد هو العمل على السلب المنظم لقوة مصر الاقليميه من القيام بدورها الذى تحتمه قواها الاستراتيجية الكامنه. بعبارة ثالثة، ان المشروع الاقليمى الجديد للولايات المتحدهالامريكية فى ظل ادارة دبليو بوش السابقة واوباما الحالية هو اعاده رسم قدرات دول الشرق الاوسط سعيا وراء تقزيمها او تفتيتها او تقسيمها او نشر الفوضى بها.
فالارهاب الجديد هو ارهاب تقوم به الدول الكبرى من خلال بناء سلطات ضعيفة او عميلة فى بلدان الشرق الاوسط فى اطار مخطط لترحيل الازمات البنائية الكبرى والعميقة للاقتصاد والمجتمع الامريكى الاوربى الى ساحات الشرق الاوسط. فنظرة سريعة للمنظمات الارهابية الجديده فى مصر ودول الربيع العربى نكتشف انها سواتر فى المقام الاول لاستراتيجيات الدول الكبرى .
بالتالى ليس غريبا ما كشفته صحيفة "الجارديان" البريطانية أن مصر فى المركز الرابع بين أكثر الدول التى تخضع لرقابة وكالة الأمن القومى الأمريكية ، فيما حلت إيران ثم باكستان ثم الأردن فى المراكز الثلاثة الأولى. وأوضحت الصحيفة، وفقاً للوثائق الأمريكية السرية التى حصلت عليها، أن الوكالة طورت أداة قوية للتسجيل والتحليل من مصادر معلوماتها الاستخباراتية، مما يثير تساؤلات حول تأكيداتها المتكررة للكونجرس بأنها لا تستطيع أن تتبع كل عمليات المراقبة التى تنفذها اجهزه الاتصالات الأمريكية. وتشير الصحيفة إلى أنها حصلت على وثائق سرية للغاية بشأن وسائل الحصول على البيانات الخاصة بوكالة الأمن القومى الأمريكى، تسمى "معلومات بلا حدود" والتى تفصل وتوضح بالخرائط، الكم الهائل من المعلومات التى تجمعها من شبكات الكمبيوتر والتليفون.
وتركز وسيلة الأمن القومى الأمريكى الداخلية على تصنيف سجلات الاتصالات المعروفة باسم "ميتا داتا" أو بيانات التعريف، وليس على محتوى رسائل البريد الإلكترونى أو الرسائل الفورية. وتوضح وثائق "معلومات بلا حدود" أن وكالة الأمن القومى الأمريكى تجمع حوالى ثلاثة مليارات قطعة "تقرير" من المعلومات الاستخباراتية من شبكات الكمبيوتر الأمريكية خلال فترة 30 يوماً ينتهى فى مارس 2013، ووفقا لإحدى الوثائق، فإن هدفها منح مسئولى الأمن القومى إجابات على أسئلة مثل: أى نوع من التغطية لدينا فى البلد x"" فى الوقت الحالى.
وتقول نشرة وكالة الأمن القومى عن البرنامج، والتى حصلت عليها الجارديان، إن الوسيلة تسمح للمستخدمين باختيار بلد على الخريطة وعرض حجم البيانات الوصفية واختيار التفاصيل عما يتم جمعه ضد هذا البلد.
وتحت عنوان: "حالات استخدام العينات"، ذكرت النشرة أيضاً أن الوسيلة تعرض المعلومات، مثل عدد السجلات التى يتم جمعها ضد دولة محددة ونوعها. وتقول الجارديان إنه وفقاً للوثائق التى حصلت عليها، فإن وكالة الأمن القومى جمعت فى مارس13 20 ، 97 مليار قطعة "تقرير"، من المعلومات الاستخباراتية من شبكات كمبيوتر فى جميع أنحاء العالم. ويأتى الكشف عن نظام "معلومات بلا حدود الداخلى" فى ظل صراع بين وكالة الأمن القومى الأمريكى والمشرفين عليها فى الخارج فى مجلس الشيوخ بشأن ما إذا كان بإمكانها أن تتبع المعلومات الاستخباراتية التى تجمعها على الاتصالات الأمريكية، وموقف الوكالة هو أن هذا الأمر غير ممكن من الناحية التكنولوجية. ويشير اللون الأحمر للدول الأكثر مراقبة ومن بينها مصر.
ومن المعلوم أن الجيش المصري استطاع القبض على مجموعة قيادية للإرهابيين في سيناء، أبرزها رمزي موافي، الذي كان يعمل مساعداً لأحد أطباء زعيم القاعدة الراحل، أسامة بن لادن، واليمني إبراهيم سنجاب الملقب "بي شعبان"، والفلسطيني خليل أبو المر، الذي يتولى تدريب الإرهابيين والذى هرب مع د.مرسى العياط من سجن وادى النطرون. وحول المصادر التي يعتمد عليها الإرهابيون في سيناء، ومن المرجح أن تسليحهم يأتي من ليبيا وحركة حماس في قطاع غزة، وتم رصد عبور ما يقرب من 600 مقاتل من حماس عبر الأنفاق المارة عبر الحدود منذ عزل الرئيس محمد مرسي. فضلا ان تلك الجماعات تحصل على سيارات دفع رباعي عبر حدود السودان، وتعتمد في اتصالاتها على شبكة "أورانج" الإسرائيلية للاتصالات، التي تربط بين غزة وإسرائيل عبر الأقمار الاصطناعية. ويأتي ذلك فيما يستعد الجيش المصري لتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في سيناء، في ظل تعرض عناصر من الشرطة والجيش بالمنطقة لهجمات يومية متتالية أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.
عثر الجيش مع القيادات المعتقلة، في منطقة جبل الحلال بشمال سيناء، على جهاز لاب توب يوضح مواقع تمركز العناصر المسلحة في سيناء، والأهداف التي يسعون للهجوم عليها من مواقع للجيش والشرطة، فضلاً عن أهداف استراتيجية في القاهرة ، الامر الذى قاد إلى اعتقال 13 آخرين من قيادات تنظيم التوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين. وذكر أن الجيش المصري، بالتوازي مع جمع المعلومات المهمة، أكمل عملية حشد عسكري لتطهير سيناء، تضم 30 ألف جندي، ولواءين ونصف لواء مشاة ميكانيكي، ومجموعة صاعقة، ومجموعة مظلات، ووحدة مهندسين عسكريين، ووحدة مدفعية، فضلاً عن 5 طائرات أباتشي وطائرات إف 16، فضلاً عن لنشات بحرية ستقوم بمراقبة المياه الإقليمية الفاصلة بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية.
أن جماعة الاخوان المسلمين في مصر عملت منذ اليوم الأول لتوليها الحكم على وضع خطة مع مجموعات متحالفة معها لاشغال الجيش المصري، وقد افادت المعلومات الاولية مع قياديين في الجماعة أن نظام محمد مرسي عمل على مكافأة هذه المجموعات بمناصب في مؤسسات الدولة، للمجموعات المذكورة وجودها المسلح في سيناء. هذا علما أن جماعة الاخوان المسلمين عملت خلال العام الماضي على تطوير عمل تنظيمها السري ودربت المئات في غزة، وجاء في الخطة الاخوانية، أن الجماعة ستقوم بتحريك العصابات المسماة بالجهادية في سيناء لاشغال الجيش في حال قرر عزل مرسي.
وترى الجماعة في عزل جماهير الشعب المصري لمرسي مصادرة "للحلم الاسلامي" في مصر، وهو حلم مدعوم أمريكيا ويحقق أهداف وبرامج الولاياتالمتحدة، وبالتالي، تدفع الجماعة المرتبطة منذ تأسيسها بالولاياتالمتحدة الى اقامة امارة اسلامية في سيناء، تلقى قبولا ومباركة اسرائيلية أمريكية. وكانت قيادة الجيش المصري تراقب خلال الفترة الماضية ما تخطط له الجماعة، لذلك، لن يتهاون الجيش مع أي تحرك ارهابي اخواني، وهو أبلغ أطرافا عدة أنه سيضرب بيد من حديد الجماعات الارهابية التي تحاول خلق واقع مسلح مواز لقوات الأمن، حيث السلاح الشرعي هو فقط بيد القوات المسلحة المصرية. وكشفت المصادر أن زعزعة الاستقرار في سيناء قد يخدم بعض الاطراف المعادية لشعب مصر والامة العربية والداعمة للاخوان، لكن، هناك دول كالاردن ستتأثر بأي فراغ أمني في سيناء سلبا.
كما أكد المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب، من خلال تقاريره السنوية التي يصدرها عن العمليات الإرهابية، والجماعات والمنظمات التي يصنفها المركز على أنها إرهابية إلى أن سيناء تحولت إلى مرتع لتهريب الأسلحة والاتجار بالبشر والمخدرات، مشيرا إلى تورط حماس وجماعات غزاوية أخرى في تلك العمليات، مستغلين غياب السيطرة الأمنية في سيناء، والمناطق الواسعة غير المحكمة بشكل تام في المنطقة الإقليمية لسيناء. وتابع التقرير "تسببت عمليات تهريب الأسلحة والإتجار بالبشر وتهريب المخدرات وغيرها، في تكوين شبكات إجرامية واسعة وعلى أعلى المستويات في سيناء، مع احتمالية وجود روابط قوية مع جماعات إرهابية أخرى في المنطقة الإقليمية المحيطة بها". وتناول التقرير عددا من العمليات الإرهابية التي نفذتها جماعات جهادية في سيناء، سواء ضد إسرائيل أو في مصر نفسها، حيث أبرز التقرير عمليات تفجير خط الغاز المصدر لإسرائيل لأكثر من 15 مرة متتالية، دون القدرة على السيطرة على تلك التفجيرات، إلى درجة وصلت لإنهاء تصدير الغاز في النهاية. وأكد تقرير المركز الأمريكي أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، من أهم الأسباب التي أدت لتحول سيناء لمنطقة إرهابية مثيرة للمخاوف والشكوك بالدرجة الأولى، حيث أن صعود حماس للسلطة في 2007 ، وهو ما هللت به كوندليزا رايس وزيره الخارجيه الامريكية فى الادارة الثانية لدبليو بوش، وفرض الحصار على غزة وإغلاق معبر رفح رسميا، تسبب في رفع حماس من معدلات استخدام الأنفاق الأرضية الموصلة بين رفح المصرية والفلسطينية لتهريب الأسلحة، وهو ما تسبب في تكوين جماعات إرهابية داخل سيناء، لتسهيل عمليات تهريب الأسلحة وتوريدها من المناطق المختلفة سواء من إيران وليبيا أو من أي مناطق أخرى، وتهريبها إلى غزة من خلال الأنفاق.
قامت جماعة الاخوان فى الحكم خلال عام بخلخلة تضافر قوى الامن القومى من خلال استراتيجية الاخونه. هنا تبرز الاخونه باعتبارها آلية اساسة وكبرى فى تشتيت اتجهات الامن القومى وعم تكاملها فى انساق تبادلية تعطى بعضها بعضا. وهنا نقدر ان القضية الامن القومى لم تكن تستهدف فى الجوهر الدفاع عن سيناء فى حد ذاتها فحسب ، ولكن ايضا نظر لسيناء باعتبارها تمهيدا لتفكيك قوى ومؤسسات الجيش والامن القومى المصرى والتى تمثل جانب هام ورئيسى من الوعى المصرى الحداثة والمدنيه. فى هذا السياق اتى اجتماع قيادات التنظيم الدولي للإخوان في تركيا كان لمناقشة سبل عودة الدكتور محمد مرسي لحكم البلاد، وأن أبرز ما طرح في الاجتماع هو تكوين ما يسمى ب'الجيش المصري الحر' لمحاربة الجيش المصري النظامي، لإثارة الذعر في مصر وإجبار النظام الدولي على المطالبة بعودة الدكتور محمد مرسي لحكم البلاد. وتورطت فى هذا المؤامرة مخابرات وقوى امنبة عده عبر الشرق الاوسط والعالم.
وهكذا يعود للجيش المصرى دورة الذى تنازل عنه نتيجه هزية 1967 الا وهو تجسيد الوطنية . فالعمل من اجل الجيش الوطنى هو صراع ضد ارهاب تدمير الدولة.