أذكر أني تناولت هذه المشكلة في كلمات سابقة. لكن المخطط الاستعماري التآمري يحتاج إلي المزيد من الإلحاح. وطرق الحديد ساخناً. حتي لا يغيب الخطر عن أعيننا. ولا عن ذاكرتنا. إذا كانت سايكس بيكو هي أولي خطوات تقسيم الوطن العربي. فإن الخطوات التالية مضت- ولاتزال- في طرق متشعبة. تستهدف تحويل القطر الواحد إلي دويلات. تحول الشام إلي سورياوالعراقوفلسطين. واحتلت تركيا لواء الاسكندرونة السوري.وضمت منطقة عربستان العراقية إلي إيران. كما احتل الكيان الصهيوني فلسطين. سعياً للتوسع. واحتلال المزيد من الأرض. الضعف العربي الذي تحالف في تحقيقه- رغم اختلاف الهدف والوسائل- كل من دولة الخلافة العثمانية ودول الغرب الأوروبي. تأكد- للأسف- في لحظات تنبه الي القوة التي يمتلكها الوطن العربي. بعيداً عن النوازع القبلية والمذهبية والطائفية. أشير الي ما قاله الزعيم التركي الراحل عصمت اينونو. عقب الوحدة المصرية السورية في الخمسينيات من القرن الماضي: نأمل ألا تطالب الدولة الجديدة باستعادة الاسكندرونة. أشير كذلك الي استعادة الجيش العراقي منطقة عربستان. وقبول إيران الخميني إيقاف إطلاق النار في ظل السيطرة العراقية علي أرضها المستردة. ولولا الحماقة التي أعيت من يداويها. والتي دفعت صدام حسين إلي غزو الكويت. وما أسفر عنه من نتائج دبرت لها واشنطن. ويعاني العراق. والوطن العربي بعامة تأثيراتها حتي الان. لولا الحماقة لظلت عربستان في اليد العراقية. يحميها من المطامع والغزوات ما كان ترتيبه الرابع بين جيوش العالم. ظلت مؤامرات التقسيم قائمة. نتعرف إلي ملامح منها في اعتذار قطر- في اللحظات الأخيرة- عن الانضمام إلي دولة الإمارات العربية المتحدة. واتخاذها- فيما بعد- وضع الماريونيت التي تحرك خيوطها أصابع غريبة. نتعرف إليها كذلك في تمويل القذافي مقاتلي جنوب السودان بنفقات تكوين فرق مسلحة. خاضت المعارك ضد الدولة الأم حتي تحقق الانفصال. وللأسف فان تصرف القذافي كان انعكاساً لاختلافه في الرأي مع جعفر نميري في قضايا لا تفسد للود قضية؟ واتجهت المؤامرات إلي أقطار أخري في الوطن العربي. انسلخ جزء من الصومال بدعوي الفرار من الحرب الأهلية. وأنشئت دولة جديدة. مستقلة. حتي لو لم يعترف بها دوليا. ولم تفلت المؤامرات ما تبقي من فلسطينالمحتلة. فالاصرار معلن من الكيان الصهيوني علي تواصل الانشقاق بين الفصائل الفلسطينية. والمحاولات مستمرة في غالبية الأقطار العربية. تحت مسميات تزعم الإسلام وترتكب أبشع الجرائم التي تشوه صورة المسلمين في العالم. أخطر ما في المشكلة أننا نكتفي بمتابعة الأحداث. نعلق علي تطوراتها. كأن النتائج لا تخصنا. أو أنها تستهدف آخرين. يغيب عنا مشهد المؤامرة بتكويناته وتفصيلاته الدقيقة. والحق أن غياب الفعل الايجابي العربي يمثل باباً مفتوحاً. أو موارباً. لتسلل المزيد من المؤامرات التي لا يجدي فيها التحصر علي ما فات!