تصل إلي القاهرة هذا الأسبوع كاترين أشتون مفوضة الاتحاد الأوروبي. لإجراء مباحثات مع المسئولين المصريين. هذه هي الزيارة الثالثة لأشتون. سبقتها منذ عزل الرئيس السابق زيارتان استهدفتا الوساطة في الشأن السياسي المصري. تصرفت أشتون في الزيارتين بما يعكس تسلطاً وفوقية وتدخلاً في الشأن الداخلي المصري. وقدمت نصائح واجهت رفضاً من غالبية المشتغلين بالعمل السياسي. ومن المواطنين العاديين. لا أعرف ماذا تحمل المفوضة الأوروبية في ذهنها وحقيبتها هذه المرة. وأن دلتنا الدروس المستفادة علي أن صالح إسرائيل هو هدف كل التحركات الغربية. لا اعتراض علي أن يتولي الحكم قيادات ليبرالية. أو منتسبة إلي التيارات الدينية. أو تناصر الانفتاح الاقتصادي. أو تدعو إلي المستبد العادل. وهي بالمناسبة دعوة تفتقد الوعي والفهم فمن المستحيل أن يقترن الاستبداد بالعدل. في ظل هذه الحقيقة يجب أن نعيد النظر إلي زيارات أشتون ورفاقها من ساسة الغرب. نتعرف إلي النتائج التي أفرزتها التحركات الغربية. وأنها لم تستهدف تطويق الأزمات. ولا الإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكن شاغلها الحقيقي هو الحفاظ علي الكيان الصهيوني. في مقابل توسيع رقعة التخلف والخلاف في الوطن العربي. المؤامرة لا تبدأ منذ قرار تقسيم فلسطين الذي تبنته دول الغرب في 1947. ولا المساندة العسكرية للكيان الذي تم الاعتراف به لحظة قيامه. ولا المشاركة الفرنسية والإنجليزية في شن عدوان 1956. ولا الدعم الأمريكي المعلن للقوات الإسرائيلية حتي تبلغ ضفة القناة في حرب 1967. بل ولا بذل كل الجهود بصرف النظر عن غياب مشروعيتها الأخلاقية حتي يسلب المصريين انتصارهم العظيم في حرب .1973 المؤامرة تبدأ ربما من قبل أن يصدر نابليون وعده لليهود قبل غزوه مصر بأنه سيعطي لهم أرض فلسطين. وظلت صور التآمر الغربي علي الوطن العربي. يتوسط مبعوثوه لإخماد الحرائق التي أشعلوها. ويقترحون خرائط الطرق. ويرعون اتفاقات الصلح. ويمنحون. ويمنعون. والهدف في كل الأحوال هو منع أية محاولة لتحقيق مد عربي حقيقي. لصنع ربيع عربي يرفض الوصاية والإملاءات والتدبيرات التي لا تستهدف فحسب كما يتصور البعض تكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين. وإنما جعل المنطقة ذلك ما تؤكده للأسف مؤلفات عبرية وعربية وغربية ساحة للنفوذ الصهيوني. يتحول شعبها كما ذكر كتاب في مجلة رعمسيس المصرية سنة 1910 إلي اجراء عند أصحاب البلاد من اليهود. المخطط أخطر من أن نعبره. ونقصره علي قطر عربي دون بقية الأقطار. وما يجب علي المسئول العربي بصرف النظر عن موقعه أن يحاول. من خلال خبرات مسئولة وجادة. إدراك المغزي المضمر لكل ما يفد إلي المنطقة من زيارات وتحركات وجهود للوساطة. لم تسفر حتي الآن إلا علي مزيد من تقوية الكيان المحتل. ومزيد من التخلف والاختلاف في أقطارنا العربية.