من وقائع التاريخ الأمريكي أن الرجال البيض - وهي التسمية التي كانت تطلق علي المغامرين الأوروبيين في بداية احتلالهم أراضي الهنود الحمر - بافتعال المعارك بين زعماء القبائل. والتدخل بهدف معلن. هو القضاء علي أسباب الخلافات. في حين يضمرون الأهداف الحقيقية. ومنها نشر العداء والفتن والحروب بين القبائل. بحيث يجد الأوروبي الأرض ممهدة لاستلاب ما كان للهنود الحمر من حضارة. اعترف بتقدمها مؤرخو الغرب المحدثون. التاريخ يعيد نفسه. ليس في أرض الهنود الحمر. وإنما في الوطن العربي. وسعيا للأهداف نفسها التي صارت شعارا معلنا لكيان دخيل في قلب المنطقة. تسانده قوي الغرب بتدخلات الوساطة وإنهاء الخلافات. وإن وشت الممارسات بالأهداف الحقيقية. أذكرك ب "تريجفي لي" أول سكرتير عام لمنظمة الأممالمتحدة. والدور الذي أسهم به - باعتراف الصهاينة! - لفرض قرار تقسيم فلسطين. ثم فرض الهدنة أكثر من مرة حتي يتاح للعصابات الصهيونية - نواة جيش الدفاع الإسرائيلي! - أن تكسب مزيدا من الأرض العربية. تريجفي لي مجرد مثل. سبقه. ويتبعه وسطاء يصعب حصرهم لتحقيق مؤامرات الغرب في الوطن العربي. بداية من لورنس الذي أهدي "السلطانية" إلي الزعماء العرب. مقابلا للاستعمار الغربي. وتواصلا مع عشرات المبعوثين والوسطاء - ليس آخرهم السيدة المتوفرة كاترين آشتون - قدموا من عواصم الغرب. للسعي بالوفاق والمصالحة. في تجاهل غريب لطبيعة المشهد الذي صنعته مؤامرات شاركت عواصم الغرب بأدوارها الرئيسة! اللافت أن الوسطاء الغربيين يحلون ضيوفا علي المنطقة العربية. دون طلب من جهة ما. بمعني أنهم يفرضون وساطتهم. بينما يرفضون مجرد إبداء الرأي في شئونهم الداخلية. يتصرفون - أحيانا - باعتبارهم أوصياء يدفعهم الإشفاق إلي التدخل وإبداء النصح. والتهديد بالعقاب لمن يحرص علي استقلاله الوطني. عاني الوطن العربي - منذ زالت دولة الخلافة - تأثيرات سياسة الغرب فرق تسد. عمقت الخلافات الوقتية. وأضافت إلي الانقسامات ما جعل الطارئ دائما. بل إن ما ينكشف من تدخلاتها في مسار أحداث الربيع العربي. يبين عن الأدوار المشبوهة التي أداها عملاء الغرب. سواء كانوا موظفين رسميين. أم تابعين لهيئات ذات صلة بصنع القرار في تل أبيب. وفي عواصم الغرب. ما حك جلدك مثل ظفرك. مثل عربي نتناساه في ظل تحركات الغرب. التي تدعي الشهامة والنبل. والخوف علي المصلحة العربية. والرغبة في تحقيق العدل والإنصاف. فإذا أعدنا تأمل الشريط من بداياته. سنجد أن تحويل مستصغر الشرر إلي نيران هائلة. هو ما بشرتنا به كوندليزا رايس. وهو ما يسعي الغرب - بدأب لافت - إلي فرضه واقعا يضيف إلي تخلف الأقطار العربية. وإلي القوة الإسرائيلية. لعل السؤال الذي يجدر بنا أن نوجهه إلي الجيش العرمرم الذي يأتي أقطارنا - غير مدعو - بدعوي الإشفاق عليها: هل تأذنون لنا - كما أذنتم لأنفسكم - بحل مشكلاتكم الداخلية. وعقابكم إن لم ترضخوا للنصح؟!