أكد خبراء المال والاقتصاد أن الفوائد المتدنية للبنوك تعد السبب الحقيقي وراء نجاح رجل الأعمال أحمد مصطفي الشهير ب "المستريح" في جمع 2 مليار جنيه من المواطنين بزعم توظيفها في مشروعات ضخمة مقابل فوائد شهرية مغرية مشيرين إلي أنه مطلوب من الجهاز المصرفي للدولة أن يرفع قيمة العوائد علي ودائع المواطنين محذرين من استغلال الأموال بعيداً عن البنوك لأنها تؤثر سلباً علي الاقتصاد الوطني. قال علماء النفس والاجتماع إن عدداً كبيراً من المواطنين يعانون من الجهل الاقتصادي ولابد من توعيتهم عبر وسائل الإعلام وتحذيرهم من المخاطرة بإيداع أموالهم بطرق غير شرعية وأضافوا أن دور الدولة في الرقابة غائب. يقول الدكتور حمدي عبدالعظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات تفشي ظاهرة توظيف الأموال يعود إلي انخفاض فوائد البنوك مقابل ارتفاع الأسعار ولذلك يجد بعض المواطنين ممن يريدون أرباحاً سريعة البديل في هؤلاء الأشخاص حتي ولو كان الأمر مرتبطاً بدرجة من المخاطرة. أضاف: أن هؤلاء الأشخاص ممن يقومون بجمع الأموال من المواطنين تحت زعم توظيفها أذكياء لأنهم يعطون المواطنين أرباحاً كبيرة كل شهر وبانتظام لتشجيع الآخرين علي جلب أموالهم وتوظيفها.. مشيراً إلي أن القانون 146 لسنة 1988 يمنع إعطاء الأموال لغير البنوك بغرض استثمارها ولابد أن تكون شركة مساهمة ذات كيان قانوني ولها رأس مال لا يقل عن 10 ملايين جنيه وتخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وسوق المال وهيئة الرقابة المالية ولذلك فجامعو الأموال لتوظيفها مخالفون لكنهم ينجحون في ظل حالة الطمع في مسألة الربح السريع وبالتالي يجتمع "الطماع والنصاب" وهنا أطالب بمحاكمة الطرفين لأنها جريمة في حق الاقتصاد الوطني. يري أن فوائد البنوك ضعيفة للغاية أمام فوائد هؤلاء وهذا ما يجعل المواطنين يلجأون إليهم وعلي البنوك استثمار أموالها في مشاريع كبري تعطي حافزاً كبيراً بحيث تتمكن من زيادة فوائدها لأن المواطن دائماً يبحث عمن يعطيه أرباحاً كبيرة ومشروع قناة السويس خير دليل علي ذلك. أكد د.إبراهيم المصري أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات أن علي الدولة وضع تشريع قانوني يجعل شركات توظيف الأموال تحت رقابتها وتحت شروط وقواعد القانون. مشيراً إلي أن المصريين لديهم أموال ولكنهم غير راضين عن فوائد البنوك وأعتقد أن تمكين شركات توظيف أموال من العمل بشكل قانوني أفضل للاقتصاد مما نشهده الآن من الاقتصاد الخفي وعلي البنوك التخلي عن بعض أرباحها وزيادة نسبة الفائدة فليس من المعقول أن يكون هناك فرق كبير بين فؤائدها وبين عائد قناة السويس وإن لم تفعل ذلك سيكون دائماً هناك أشخاص يستغلون ذلك في توظيف الأموال وجمعها من المواطنين واستثمارها في أنشطة قد تكون مخالفة للقانون مثل المخدرات وتجارة السلاح أو المضاربة بها في البورصة وكل هذه الأمور ذات انعكاس سلبي علي الاقتصاد المصري. يري د. باهر عتلم رئيس قسم الاقتصاد جامعة القاهرة سابقاً أن ضعف فائدة البنوك تعد من أهم أسباب المشكلة وعليها البحث عن تمويل مشروعات كبري ذات عائد كبير حتي نتمكن من رفع فائدتها فضلاً عن أنها تجني أرباحاً ولا تعطي المواطن حقه ولذلك يلجأ لمن يستثمرها له ويعطيه أكثر فمعظم رجال الأعمال أرباحهم لا تقل عن 20-30% من رأس المال سنوياً ولو أعطوا المواطنين 20% من الأرباح لكان أفضل للمواطن ولكن إن لم تنتبه البنوك لذلك ستكون هي الخاسر الأكبر وبعدها الاقتصاد المصري. أضاف: أن لدي المصريين أموالاً طائلة خارج الجهاز المصرفي واتضح ذلك في تمويل مشروع القناة وكان بعيداً عن البنوك وحصل المواطنون علي أرباح كبيرة حتي قبل بدء المشروع ولو كانت البنوك لما وضع المواطنون أموالهم بها..! فهي تعمل بقاعدة العائد الضعيف علي الودائع والمرتفع علي الاستثمار لتحقق مكاسب ضخمة. قال د.محمد الرفادي أستاذ علم نفس بجامعة عين شمس إن إقبال عدد كبير من المواطنين علي شركات توظيف الأموال يعود إلي أنها أكثر ربحاً وبطريقة سهلة دون تعب أو مجهود وبالتالي فإن المواطنين يستسهلون ويضعون أموالهم وينتظرون الأرباح فقط. أشار إلي أن من أسباب إقبال المواطنين هي حالة الجهل الاقتصادي التي تعاني منها فئة كبيرة في المجتمع وعدم معرفتهم بالطرق الصحيحة والسليمة والآمنة تحفظ أموالهم وتحقق أرباحاً وإفادة للدولة. قال: لابد أن يكون هناك دعم إعلامي خلال القنوات لتعريف المواطنين بالأمور الاقتصادية والقضايا المصاحبة ودور الأسهم وكيفية تداولها حتي تنتهي من الإقبال علي شركات توظيف الأموال. أوضح د.سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي أن المصريين ليسوا شطاراً لإقبالهم علي شركات توظيف الأموال مرة أخري بعد واقعة الريان لأنهم لو شطار كانوا تعلموا. وإنما يذهبون إلي الربح السريع دون تقدير العواقب خاصة الفئات البسيطة التي ترغب إيجاد دخل ثان لها عن طريق فوائد هذه الشركات التي تفوق فوائد البنوك. وبالتالي تكون البديل المناسب من وجهة نظرهم. أشار إلي تقصير الدولة في هذا الشأن وتركت المواطنين يدفعون أموالاً دون أداء دورها الرقابي من خلال الجهات الرقابية وكذلك مراقبة الأسواق وما يدور بها. قال: كثير من المواطنين البسطاء يريدون توفير مصدر آخر للدخل دون تعب أو جهد ويحقق ربحاً أكبر فيلجأون إلي تلك الشركات التي تتعدي نسبة أرباحها 20% وبالتالي تصبح أفضل من البنوك التي يجب أن تراعي الفئة المتوسطة وتقدم لهم مشروعات كبيرة يستثمرون فيها أموالهم. أكد أن للدولة والبنوك دوراً هاماً في مخاطبة احتياجات الشعب وضبط الأسعار لأن مع استمرار زيادة الأسعار يلجأ المواطنون إلي شركات توظيف الأموال بحثاً عن الربح خاصة الذين لا يستطيعون التجارة في العقارات مثلاً.