من الذي أعطي ما يسمي بمؤتمر الوفاق القومي حق التحكم في مصائر الصحفيين والإعلاميين؟! هل مجرد اجتماع شرذمة من الناس أيا كانت صفتهم ولا نعرف علي أي أساس تم اختيارهم يجعلهم يحددون أي المؤسسات الصحفية القومية تبقي علي حالها وأيها يتم شطبها من الوجود بجرة قلم؟! أي تفكير ضحل سيطر علي عقول هذه المجموعة ليتخذوا توصية عرجاء بلهاء بالإبقاء علي مؤسستي الأهرام والأخبار فقط والإطاحة بباقي المؤسسات القومية الصحفية وكأن هذه المؤسسات عبارة عن هياكل كرتونية يمكن إشعال عود ثقاب فيها لتتحول في دقائق معدودة إلي رماد.. وكأن العاملين فيها هم أولاد البطة السوداء الذين لا وزن لهم في بلاط صاحبة الجلالة فهم في نظر هذه المجموعة غثاء كغثاء السيل يمكن إعدامهم في ميدان عام أو التخلص منهم بإلقائهم في اليم!!! علي أي أساس تم تقييم أوضاع هذه المؤسسات؟! هل هي الأوضاع الاقتصادية أم الفشل والنجاح في الرسالة الصحفية الإعلامية؟! أم علي أساس العمالة للنظام السابق وأيها كان عميلاً وأيها كان متحرراً جريئا في مهاجمة هذا النظام؟! لقد كانت جميعها في الهم شرق!! إنني متأكد تماما أن هذه المجموعة التي أطلقت علي نفسها مؤتمر الوفاق القومي لم تطلب أية بيانات من أي نوع لتتخذ توصيتها علي أساس هذه البيانات.. بل أتخيلهم جلسوا في غرزة. ووسط الدخان المتصاعد والانبساط وميل الرءوس يمينا وشمالا أخذ كل منهم يطلق اقتراحا بإلغاء هذه المؤسسة والإبقاء علي الأخري. سوف أقصر كلامي علي مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر "دار الجمهورية للصحافة" التي أنتمي إليها والتي قضيت بين جدرانها وأوراقها وأحبارها 50 عاماً كاملة.. وأسأل هذه المجموعة: من منكم يعرف أن صحيفة الجمهورية صدرت رخصتها باسم جمال عبدالناصر؟ لتكون صورة ثورة يوليو. ومن منكم يعرف أن أول رئيس لمجلس إدارتها كان أنور السادات؟ ومن منكم يعلم أنه تناوب علي رئاستها صلاح سالم وكمال الحناوي ومصطفي بهجت بدوي وحلمي سلام وفتحي غانم وعبدالمنعم الصاوي ومحسن محمد وغيرهم من جيل الشباب سمير رجب ومحمد أبوالحديد وعلي هاشم وحاليا خالد بكير؟! من منكم يعرف أن هذه المؤسسة العبقرية تخرج منها وعمل فيها أساطين الصحافة والعلم والفكر والأدب.. خالد محيي الدين.. طه حسين.. محمد مندور.. يوسف ادريس.. سامي داود.. عميد الإمام.. كامل الشناوي.. اسماعيل الحبروك.. حسين فهمي.. سعد وهبة.. محمد الحيوان.. موسي صبري.. محفوظ الانصاري.. ابراهيم نافع.. جلال الدين الحمامصي.. ناصر الدين النشاشيبي.. ابراهيم نوار.. أمين أبوالعينين.. ابراهيم الورداني.. نعمان عاشور.. وحنفي عاشور.. رأفت الخياط ومحسن الخياط.. أحمد عادل.. مصطفي المستكاوي.. ممدوح رضا.. عبدالعزيز عبدالله.. عبدالفتاح الجمل وغيرهم مع الاحتفاظ لكل منهم بالترتيب الذي يستحقه. من منكم يعرف اسم ناجي قمحة ذلك الجندي المجهول الذي أفني حياته وصحته في جريدة الجمهورية واعتمد عليه كل رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير ليكون الساعد الأول لكل منهم.. ومازال الرجل يواصل عطاءه حتي الآن. جميع المؤسسات الصحفية القومية تعاني مشاكل اقتصادية لأن الصحافة رسالة وليست تجارة.. واسألوا وزير المالية الدكتور سمير رضوان عن المؤسسة الأقل حدة في هذه المشاكل فسيخبركم أنها مؤسسة الجمهورية.. فهي الأقل مديونية وهي الأنصع بياضا في ميزانياتها ايرادا ومصروفات وهي الأقل مخالفة بشهادة الجهاز المركزي للمحاسبات. بل أقول انها كانت الأقل نفاقا للنظام السابق في الفترة الأخيرة.. فهي كانت ومازالت صوت الشعب واذا كان في الأهرام قلم حر كقلم الشاعر فاروق جويدة فإن في الجمهورية محمد العزبي وسعد هجرس ورياض سيف النصر والسيد البابلي وعبدالعال الباقوري وفي المساء مؤمن الهباء وغيرهم الكثير. وبالمناسبة فإن صحيفة "المساء" هي الصحيفة الوحيدة من بين ثلاث صحف مسائية التي تناطح الصحف القومية الصباحية تحريرا وتوزيعاً بل انها تتفوق علي بعض هذه الصحف حتي الآن بقيادة الزميل جمال أبوبيه. اعقلوا أيها الاخوة أعضاء ما يسمي بمؤتمر الوفاق القومي ولا تفكروا تفكيرا عشوائيا لأن توصياتكم عشوائية مثل توصيتكم بمد فترة رئاسة الجمهورية إلي خمس سنوات بدلا من أربع وكأنكم تكرسون لحكم الديكتاتورية. هداكم الله