ناقش برنامج "صباح الخير يا مصر" أمس الأول الجمعة موضوع "الرقابة" علي الأفلام السينمائية والدراما التليفزيونية بعد أن لوحظ المستوي المتدني فكريا وأخلاقيا وفنيا لنسبة كبيرة من الأعمال التي عرضت في السنة الأخيرة "2014". واستضافت المذيعة المخرج الفاضل محمد فاضل الذي أعرف شخصيا رأيه في الكثير مما قدمه التليفزيون في الموسم الرمضاني الأخير. والسؤال المطروح ليس فقط من خلال البرنامج وإنما عموما هو: هل تجوز "الرقابة" في زمن يرفض كثيرون مجرد ذكر كلمة "رقابة" ومنهم نقاد وكتاب دراما بحجة "الإبداع وحرية المبدع".. وكأن كل ما نراه يدخل تحت هذا التصنيف "وإبداع". "الرقابة" قضية قديمة تتجدد بمفهوم جديد أو يفترض أنه كذلك بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه.. والسؤال المطروح يضعنا مجددا أمام "مأزق" أو "إشكالية الرقابة". لا توجد بلد لا يخضع "إنتاجه" للرقابة بشكل أو آخر فالمصنفات الفنية شأنها شأن كل أشكال الإنتاج التي تستهلكها الجماهير لابد أن تكون صالحة للاستهلاك الآدمي للعقل والضمير والمسئولية المجتمعية في حالة الإنتاج الفني.. فليس كل ما يقدم من كناسة الدكاكين الانتاجية يعتبر إبداعا وليست المستويات المتدنية التي تهبط إلي ما تحت مستوي القبول القيمي أو الأخلاقي للمجتمع تمثل "قيمة" نحرص عليها والحرية لا تعني إلغاء القوانين والتحرر من كافة القيود باسم الإبداع. المذيعة في البرنامج أشارت إلي غياب صورة المرأة المصرية في الدراما التليفزيونية كإنسانة سوية وبلا تقيحات أو عاهات أخلاقية.. قالت إن "دراما" 2014 كسرت كل القواعد. وفي دفاعه عن القيمة الفنية للأعمال الدرامية طالب المخرج محمد فاضل بضرورة عرض الأعمال الدرامية القيمة التي أنتجها التليفزيون المصري لكتاب مثل أبوالعلا السلاموني. وأسامة أنور عكاشة. ومحفوظ عبدالرحمن. وآخرين حققت أعمالهم نجاحا شعبيا علي كل المستويات وكانت تمثيلا صحيحا لصورة المجتمع المصري. وتساءلت المذيعة عن جدوي الرقابة بطريقة التصنيف حسب الأعمار السنية كما هو متبع في كثير من البلاد الأوروبية ورأيي المتواضع أنها طريقة ليست مجدية في مصر حيث القدرة علي إنفاذ القانون تبدو ضعيفة حتي في مواجهة الجرائم الجنائية فما بالك بالقدرة علي تنفيذه علي دافع التذكرة والحريص علي دخول العرض دون النظر إلي الشروط أيا كانت في صالحه أو صالح الصغار أو المجتمع نفسه. كيف نواجه التدني الصادم في مستوي الحوارات التليفزيونية والسينمائية لقد أصاب اللغة العربية ما أصابها وباتت توجع الأذن وبات الاستخفاف بعناصر اللياقة ومراعاة الأصول في لغة الخطاب مستفزا وبات الإمعان في التدني والابتذال مناسبة للتباهي علي الشاشة ووسيلة للرواج. وهذه الظاهرة التي أصابت صناعة الترفيه المرئي والمسموع في مقتل ليست وليدة الساعة وإنما نتيجة لسنوات طويلة من سياسات السلطة الغافلة عن كل شيء إلا مصالحها والسامحة بكل شيء حتي تبقي قابضة علي مقدرات الأمور والمعروف أن التليفزيون والسينما أدوات قوية للتمكين والنتيجة الحتمية هو ما نحن فيه الآن. إذن كيف والحال كذلك وفي وجود رءوس أموال مستعدة للتمويل من أجل تكريس هذا الذي نعيشه من أشكال الانحلال والتفسخ والفوضي المدمرة والقتل المتعمد للقانون أقول كيف ننادي برقابة علي ما يدخل عقولنا ويؤثر في ردود أفعالنا ويشكل نظرتنا سلبيا عن أنفسنا. كيف و"البلطجة" بموديلاتها المختلفة الناعمة والشرسة الأنيقة والقذرة تبسط سيطرتها علي كل شيء. "الرقابة" علي المصنفات الفنية ضرورة لتنقية أجواء "الفنون" العشوائية التي تصلنا عبر مئات النوافذ ولتصفية ركام الأعمال الرديئة فلا يتبقي غير الصالح للاستهلاك الآدمي وللعقول البشرية الجديرة بالبقاء.