فى العرف والقانون إن الإنسان يظل تحت الوصاية قبل أن يبلغ سن ال21 عاماً.. وهو سن الرشد.. وأن الإنسان عندما يبلغ سن الرشد يخرج من نطاق الوصاية إلى نطاق المسئولية الكاملة.. وقد تجاوز عمر الدراما التليفزيونية المصرية الثلاثة وخمسين عاماً.. أى أنها تجاوزت سن الرشد باثنين وثلاثين عاماً.. وكذلك تجاوز عمر المتلقى الذى يتلقى الدراما التليفزيونية المصرية سن الرشد بعقود كثيرة.. ومازالت الرقابة التليفزيونية على دراما ماسبيرو جاثمة على أنفاس الإنتاج الدرامى للجهات الإنتاجية التابعة لوزارة الإعلام.. وقد كانت لى صدامات عنيفة وكثيرة مع رقابة التليفزيون، ويكفى أن أقول إن تلك الرقابة الكسيحة رفضت مسلسل «لدواعى أمنية» بل وكان تقريرها أن المسلسل دون المستوى وقالت فيه أكثر مما قاله مالك فى الخمر.. وعندما وجدت أننى وعقول الرقابة الجامدة ندور فى حلقة مفرغة توجهت بالمسلسل لإحدى شركات الإنتاج الخاصة، وقام ببطولة المسلسل النجم الراحل كمال الشناوى وماجد المصرى ومجموعة كبيرة من النجوم معهما، وأخرجه المخرج الكبير محمد فاضل وحقق المسلسل حين تم عرضه فضائياً نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً، مما اضطر أيامها التليفزيون المصرى لشرائه وعرضه.. ونفس الأمر -بكل تعنت وغباء رقابة التليفزيون- تم بالنسبة لمسلسل «للثروة حسابات أخرى» الذى ذيلت الرقابة أيامها تقريرها عنه أنه دون المتوسط. وبعد إنتاجه من قبل شركة خاصة ونجاحه المدوى جماهيرياً ونقدياً اضطر التليفزيون المصرى لشرائه وعرضه.. أما مسلسل «قضية رأى عام» الذى كان نجاحه مدوياً جماهيرياً ونقدياً، وكان المسلسل العربى الوحيد فى تاريخ الدراما التليفزيونية الذى تم تكريمه هو وصناعه من قبل هيئة الأممالمتحدة للأثر الإيجابى الذى أحدثه، فعندما تقدمت به لرقابة التليفزيون رفضته بكل قسوة شكلاً وموضوعاً، ومثل سابقيه قالت فيه فى تقريرها أضعاف ما قاله مالك فى الخمر.. ونفس الشىء حدث فى مسلسل «اغتيال شمس» ومسلسل «قضية معالى الوزيرة»، ونفس الشىء أيضاً حسب معلوماتى المؤكدة حدث ويحدث مع معظم مؤلفى الدراما، ويكفى أن أستاذنا الراحل أسامة أنور عكاشة عندما تقدم بالجزء الأول من مسلسل «الشهد والدموع» رفضته رقابة التليفزيون رفضاً قاطعاً، والأمثلة المثيلة لا حصر لها.. وأعتقد اعتقاد المتيقن أن سبب تدنى مستوى المسلسلات التى تنتجها الجهات الإنتاجية التابعة لوزارة الإعلام هو خضوعها لتابوهات رقابية عفا عليها الزمن.. ويكفى أن أقول مؤكداً إن جميع رقباء رقابة التليفزيون غير مؤهلين على الإطلاق لتقييم عمل درامى.. فليس منهم من مارس الإبداع أو النقد.. وجميعهم بلا استثناء خريجو كليات لا تمت للإبداع بصلة.. بل ومعظمهم ثم تعيينهم بالواسطة.. لذلك فلابد أن تتحرر دراما ماسبيرو من رقابة الجهلاء الذين لم يمارسوا الإبداع أو النقد ولو مرة واحدة فى حياتهم.. فهؤلاء هم السبب فى تدنى مستوى دراما ماسبيرو. وليسمح لى الإعلامى القدير الأستاذ إسماعيل الششتاوى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أن أهمس فى أذنيه.. أن الدراما وصناعها ومتلقيها تجاوزوا سن الرشد.. ومنذ سنوات ونحن نعيش عصر السموات المفتوحة والمسلسلات التركية والأمريكية والبرازيلية والمكسيكية.. إلخ.. فلتذهب رقابة التليفزيون إلى الجحيم من أجل أن تستطيع دراما ماسبيرو منافسة مسلسلات القطاع الخاص والمسلسلات التركية على الأقل.. والله من وراء القصد.