صندوق النقد: مصر ستعالج تسهيلات السحب على المكشوف من المركزي    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل الرسمي حول مقترحات صفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل بشأن محادثات وقف النار في غزة    حسام حسن يحتفل بخطبة ابنته يارا على رجل الأعمال أحمد على راشد (صور)    اسكواش - تكرارا للموسم الماضي.. علي فرج ونوران جوهر يتوجان بلقب الجونة    كولر: مازيمبي لم يشكل أي خطورة علينا.. وسنحتفل اليوم بالتأهل    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    كانت ماشية بالصدفة، حبس 4 أشخاص تسببوا في مقتل ربة منزل أثناء مشاجرة بينهم بأسيوط    أول رد من أحمد السقا على شائعة انفصاله عن زوجته مها الصغير    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    ننشر نتيجة انتخابات نادى القضاة بالمنيا.. «عبد الجابر» رئيسا    حالة خوف وقلق في مدينة رفح الفلسطينية مع تهديد الجيش الإسرائيلي.. تفاصيل    هجوم صاروخي حوثي على ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    دينا فؤاد : تكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    بعد التخفيضات.. تعرف على أرخص سيارة تقدمها جيتور في مصر    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    اليوم.. مرتضى منصور أمام المحكمة بسبب عمرو أديب    الشركة الصينية الأم لمنصة تيك توك: لن نبيع التطبيق    عز يسجل مفاجأة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 27 إبريل في المصانع والأسواق    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد أن دق الرئيس ناقوس الخطر لإيقاظ الضمير الفني.. صناع الدراما يردون الاعتبار للشاشة الفضية
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 02 - 2015

مما لاشك فيه أن الفضائيات العربية أصبحت حالة خاصة وفريدة في تطور مسيرة الإعلام العربي, منذ عرف العرب الصحافة في النصف الأول من القرن التاسع عشر.
حتي أنه يمكن القول براحة تامة, إن مجمل التطورات التي أحدثها ظهور الفضائيات العربية في الشارع العربي, وفي وسائل الإعلام التقليدية منذ أوائل العقد الأخير من القرن الماضي يعادل مجمل التطورات التي شهدها الإعلام العربي منذ ظهوره, ولعل هذا النمو المطرد لدور الدراما في حياتنا المعاصرة هو ما أكد تلك الحقائق, حتي بات لمفهوم الدراما دور محوري في حياتنا المعاصرة وسياقاتها الثقافية المجتمعية, حيث يعتبرها أغلب علماء علم الاجتماع المعرفي' ظاهرة من ظواهر التاريخ الأدبي, ووثيقة من وثائق التاريخ الإنساني', ومع تجسد الأحداث اليومية التي تشكل النواة الأساسية للتاريخ الإنساني, أصبح السرد التليفزيوني هو البديل المثالي لتسجيل حركة التاريخ القادمة من رحم تلك الأحداث, جراء تطور صناعة الفعل الدرامي.
وتأكيدا لنبوءة أرسطو في كتاب الشعر: التي تقول' إن التاريخ يكتب الأحداث كما وقعت, ولكن الدراما تكتب الأحداث كما كان ينبغي أن تقع', والتي أدركها' الرئيس عبد الفتاح السيسي' إنطلاقا من وعيه بخطورة اللحظة الحالية, لذا أطلق ناقوس الخطر لإيقاظ الضمير, وتحويل الدفة نحو فن راق يخطو نحو آفاق جديدة تعلي من شأن القيمة والمعني, وخاطب صناع الفن بوجه عام قائلا:' والله ربنا سيحاسبكم', وربما كان ذلك مرده أننا عشنا موسما دراميا في رمضان الماضي يعد الأسوأ من ناحية الموضوعات التي غرقت في براثن العنف والغضب, وسفك الدماء وقتل الآباء وسب الأمهات, وسرقة المليارات, والذهاب بالخيال التجاري الواهي إلي داخل قصور فخمة, أومقاعد وثيرة ومخادع مخملية لاتدنو من قضايا البسطاء والمعذبين في الأرض إلا علي جناح العشوائيات, وأوكار المخدرات في تكرار ممل يخاصم جماليات الفن في جوهره الأصيل, والوطنية المفقودة في حربنا الحالية ضد الإرهاب, ويصيب الناس في نهاية المطاف بالأذي.
لأجل كل مامضي نفتح هذا الملف الشائك بتفاصيله المرعبة علي لسان صناع الدراما, والذين يقدمون لنا طوق النجاة والخلاص, ويجسدون لنا ملحمة رد الاعتبار للشاشة الفضية المصرية, التي كانت يوما صاحبة الريادة, ومنبرا حرا للتنوير, ووسيلة نظيفة للمتعة والتسلية والتسرية التي لاتخدش الحياء في جلها, بقدر ما تجنح نحو آفاق تربوية تثقيفية بوعي من ضمير.
يسري الجندي:
في البداية يقول الكاتب والسيناريست الكبير يسري الجندي, صاحب' جمهورية زفتي, جحا المصري, عبد الله النديم, قهوة المواردي, السيرة الهلالية, الطارق, سقوط الخلافة' وغيرها من روائع المسلسلات المصرية, إن الدراما مثلها مثل كافة أوجه النشاط البشري ترتبط في الأساس بالخلل العام في المجتمع, وتعاني من عدم الاستقرار علي منهج محدد في أفعال السياسة, ولهذا فإن الرئيس دق ناقوس الخطر في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر المعاصر, وهو أمر يتطلب ضرورة إصلاح الجهات الثلاث المعنية بالدراما المصرية, وهي' قطاع الإنتاج بالتليفزيون صوت القاهرة مدينة الإنتاج', خاصة أنها مؤسسات إنتاجية تعد عاطلة الآن, وربما يكون هذا خارجا عن قدرة القائمين عليها جراء الديون المتراكمة بالمليارات, وزيادة العمالة, علاوة علي ضعف الميزانية الإنتاجية.
وأظن أن الحل الجذري لتلك المشكلات يكفل لنا الانطلاق الحقيقي نحو التصحيح, بل سيتيح الفرص لإنتاج فني علي مستوي عال من الجودة التي من شأنها استعادة ريادة مصر الفنية والإعلامية علي النحو المطلوب, وأقولها بصراحة: نحن بحاجة ماسة إلي قرار سيادي من جانب رأس الدولة, يلزم المجلس الوطني للإعلام في شكله الجديد بحل مشاكل التليفزيون حتي نتمكن من استعادة التوازن بين طرفي المعادلة' القطاع العام القطاع الخاص', ففي الماضي كانت هناك أعمال ضخمة لايقوي علي الاقتراب منها القطاع الخاص, علي المستوي التاريخي والاجتماعي, بينما الإنتاج الخاص كان له دور في تقديم الأجود من أعمال أخري, لكن الخلل الذي أصاب بعض مسارات الإنتاج الدرامي وترك الساحة نهبا لشركات بعينها هو من خلف حالة التردي شكلا ومضمونا, وبالتالي تأثرت البنية الإبداعية بمفاهيم السوق الجديدة.
ويضيف الجندي: لابد من ضخ حزمة من الأموال الآن للتوجه نحو إنتاج الأعمال الكبيرة والضخمة ذات الطابع القومي, حتي نكسر من حدة سيطرة الإنتاج التجاري البحت, ولا نخشي من هذا فسوف يقابل هذا الإنتاج توزيع جيد في السوق العربية الواعدة حاليا, وفي الوقت نفسه نواجه تدني مستوي الإنتاج الدرامي بفعل سيطرة الإعلانات علي صناعة الفيديو, والتي بدورها تختار الأعمال علي هواها وتحدد طبيعتها, وتفرض نجوما بعينهم.
ويؤكد الجندي ة ضرور إنتاج دراما ذات طابع قومي الآن في ظل حالة التقارب السياسي العربي, من خلال مبادرات لدعم مصر, خاصة ماقام به المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود- رحمه الله- وحكام الإمارات والكويت والبحرين وغيرهم ممن يرون في مصر درة الشرق العربي وأكبر ساحة للحرية, وهذا يشير إلي أن التوجه العروبي قادم علي الطريق, وعندما قال الرئيس السيسي' ربنا سيحاسبكم' فهو قد أصاب كبد الحقيقة, لكن الواقع العملي يلزم الحكومة نفسها بالحساب قبل صناع الدراما, فما الذي يمنع من أن تخصص مليار جنيه لمواسم درامية قادمة, لتحقيق هدف الرئيس, ولاخوف من الخسائر, فإن صناعة الدراما كانت ومازلت وستظل صناعة اقتصادية مربحة شريطة أن تعني بالقيمة, كما أن الفن والثقافة يمكن أن يكونا مصدر دخل مهم جدا, إذا كانا في إطار من الجدية الإبداعية, وتاريخ الدراما المصرية يشهد علي ما أقواله, فلو عدنا إلي الستينيات والسبعينيات والثمانينيات وحتي تسعينيات القرن الماضي, سوف نلحظ ذلك الرواج علي مستوي الربحية والمضمون, وهو ما يؤكد حقيقة أن الفن الجيد يفرض مضمونا جيدا علي حركة الحياة المعاصرة, قبل أن تختل المعادلة ويتحكم الإنتاج الخاص, ويعطي صلاحيات للإعلانات والنجوم في اختيار' الكاتب المخرج' تحت سلاح' قانون السوق'.
إذن نحن بحاجة إلي إعادة الاعتبار للكاتب والمخرج من جديد, باعتبارهما أهم القائمين علي العملية الإبداعية, وكفي عبثا بالدراما وخلط الأوراق جراء تحكم' الإعلانات والنجم', ويكفي أن أسوق مثالا واحدا بالنجم الكبير' يحيي الفخراني' الذي لايخضع لتلك المعاييرالتجارية, بل يعني بالقيمة والمعني, في وقت يتربع فيه علي عرش الدراما الجادة والمتميزة, حتي ولو لم يكن الأكثر جماهيرية في بعض الأحيان.
الرئيس السيسي رجل شجاع وجسور في مواجهة كافة مؤسسات الدولة, ومنها علي وجه التحديد مواجهة المؤسسة الدينية' الأزهر' عندما طالبه ولأول مرة في خطوة غير مسبوقة بتجديد الخطاب الديني, كما واجه الوزراء وحذرهم من التقاعس, وهددهم بترك مناصبهم, وهذه المرة واجه الفنانين بالحقيقة المرة, وهذا أقصي ما يملكه, ويبقي العبء الأكبر علينا جميعا' حكومة وأفراد' في تحمل المسئولية تجاه بلد يولد من جديد, لتعديل المناخ العام بإرادة نابعة من جانب المبدعين, لكن للأسف لايساعده أحد من وجهة نظري في العبور المصري نحو بر الأمان, صحيح أن لدي نجومنا مشاعر وطنية تبدو صادقة, لكن هناك حالة' شيزوفرينيا' لدي البعض ممن يبالغون في الاشتراك في مظاهرات وفعاليات بينما الناتج العام من ابداعهم يندرج تحت تصنيف الردئ أوالمتدني, وربما يركن في ذلك إلي أن الظرف العام كله سيئ, وهذا لن يتأتي إلا بإصلاح كامل ومن الجذور لمؤسساتنا وأنفسنا مع إرادة سياسية تعي المخاطر التي تواجه المستقبل, خاصة أن فترة حكم مبارك قضت علي كل شئ وحدث نوعا من الخراب الشامل, عندما ضرب العقل المصري والقضاء علي مجمل الحياة السياسية.
محفوظ عبد الرحمن:
أما السيناريست المخضرم محفوظ عبد الرحمن الذي أبدع في' سليمان الحلبي, عنترة, محمد الفاتح, ليلة سقوط غرناطة, ليلة مصرع المتنبي, بوابة الحلواني,أم كلثوم' وغير ذلك من تحف درامية أثرت الحياة المصرية, فيري أن الأعمالية الدرامية بالأساس تحمل رسالة مهمة تجاه المجتمع والناس, مؤكدا أنها لابد أن تكون من صنع خيال الكاتب بالدرجة الأولي, فالكاتب هو الضلع الأكبر في الفعل الدرامي برمته, وهو حر فيما يكتب وما يختار, ولعل الموضوعات الإنسانية هي الأكثر رواجا الآن, وهي الأقدر علي التعبير الحقيقي عن مشاكل المجتمع المصري إذا كانت علي مستوي عال من الإبداع الجاد, وليس علي مايقدم الآن بحالة من السوء والتردي علي حساب الموضوعات التاريخية والكوميدية الراقية.
ويشير' عبد الرحمن' إلي أن المشكلة الرئيسية تكمن في الإسفاف الذي جرفنا نحو هوة سحيقة من الابتذال بصورة أصبح فيها جزء من الدراما المصرية يسئ إلي مصر, والإنسان المصري, عندما فشل في تحقيق رسالة الفن الذي لايضر بالناس بممارسات عجيبة لا يقبلها عقل واع أو منطق سليم, بعدما تحولت الدراما إلي مصدر ربح خرافي مثل المخدرات لمجموعة من الناس, وهؤلاء الصناع للأسف يقدمونها علي أنها سلعة, علي فسادها ورداءة مستواها, بعد كانت في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وجها رائعا لمصر سواء كانت خارج الوطن أو بداخله علي مستوي تقديم القضايا الحياتية المهمة.
ويأتي دور الدولة في دعم الحركة الدرامية من الأهمية بمكان, باعتبارها تواكب كل تحركات المجتمع نحو تحقيق حلمه الكبير في كافة ميادين الحياة, خاصة في ظل المد القومي العربي الحالي, ويؤسفني القول انه لا توجد ضمن آلاف الأعمال الدرامية المصرية عمل مهم عن حرب أكتوبر التي تجسد أسطورة عالمية في سجل المحارب المصري في العصر الحديث, ودعني أقول لك كيف كان حال الدراما في مراحل ستينات وسبعينات وثمانينيات القرن الماضي, حيث كانت هناك جهة مهمة هي' قطاع الإنتاج' التابع لتليفزيون الدولة, والذي كان يقوم بتقديم أعمال راقية, وبغض النظر عن كونه عملا كبيرا أو صغيرا يصعب أن يكون لأي منها أثر سلبي علي المجتمع كما يحدث الآن, وكانت المحصلة النهائية- آنذاك- أن قطاع الإنتاج كان لديه علي الأقل عملان أو ثلاثة لمبدعين من أمثال' أسامة أنور عكاشة- يسري الجندي- بشير الديك- يحيي العلمي- محمد فاضل وغيرهم' وكلها قامات مصرية أبدعت في شأن يهم الحياة المصرية في جلها علي جناح الدراما الجيدة المستمدة من الواقع.
إن عملا مثل' ليالي الحلمية' لم يكن مثار اهتمام المواطن المصري وحده, بل تجاوز الأثر حدود مصر وذهب إلي كثير من دول العالم وتفاعل معه الوطن العربي بكامله, رغم أنه كانت يتحدث عن حالة مصرية خالصة, ويستعرض ما طرأ عليها من تقلبات, ومن هنا كان المسلسل سفيرا للإنتاج الدرامي في المنطقة العربية, لأنه باختصار عمل كان يحلق فيه الكاتب المخرج والممثل نحو آفاق رحبة من الإبداع عبر نسيج فني متكامل,لأن المسألة بصراحة تعتمد علي خيال مؤلف يملك قدرا من الوعي ومعرفة بواطن ما يدرور داخل مجتمعه, ومن هنا يندر أن نعثر علي أكثر من اثنين في قائمة تضم20 مؤلفا جديدا, ولعله ما يتجلي لنا في أعمال رديئة تدعوك للذهول متسائلا: كيف يكون حال الدراما المصري هكذا؟ طالما أن الكتاب الموهبيين في الظل.
ويستطرد عبد الرحمن بقصة تدلل علي أهمية اختيار الكاتب المناسب قائلا: في أثناء التجهيز لمسلسل' زينب والعرش' للعظيم' فتحي غانم', كانت جهة الإنتاج حائرة حول من يقوم بكتابة القصة والسيناريو والحوار, فأقترحت علي الكاتب الصحفي الكبير' صلاح حافظ' أن يقوم بذلك, وفي البداية أصابته الدهشة, وكذلك تعجبت جهة الإنتاج من هذا الطرح, فكيف يكون لكاتب صحفي تخصص في السياسة أن يكتب عملا دراميا؟, لكن في النهاية نجح ترشيحي, وأبدع' صلاح حافظ' في كتابة عمل درامي من طراز رفيع, وتوالت أعماله فيما بعد في' الرجل الذي فقد ظله' وغيرها من علامات الدراما المصرية, وهذا إن دل علي شئ فإنما يدل علي اختيار الكاتب المناسب للعمل المناسب, وللأسف الشديد لدينا بعض ممن كانوا يعنون بالكتابة الجادة, لكنهم ركبوا التيار الانتاجي حتي أنني لا أصدق أنهم كتبوا تلك الأعمال من فرط تفاهتها.
محمد فاضل:
يذهب المخرج الكبير محمد فاضل الذي يعد واحدا من أهم رواد الإخراج الدرامي المعني بالقيمة, كما في' القاهرة والناس, بابا عبده, أنا وانت وبابا في المشمش- الراية البيضا, وقال البحر' وغيرها من أعمال تعكس صدق وبراعة موهبته, إلي الدراما في المقام الأول والأخير هي صناعة, والفن في مجمله هكذا أيضا, ومن ثم فهو يتأثر بتلك الصناعة بحسب جهة الإنتاج, ولعل حالة التراجع الحالية في عديد من المسلسلات يعود إلي أن بعض الزملاء من الكتاب والمخرجين, وحتي الممثلين, يستسلمون لما يريده المنتج, ولإصلاح حالة كتلك فإن الأمر يتطلب دعم الدولة ماديا ومعنويا لإنقاذ الوضع الحالي من حوارات وأحداث لم تعد تحتمل في قلب الساحة الدرامية المشغولة بالاستهلاك, والعنف والإرهاب, ناهيك عن قتل الآباء كما جاء في' السبع وصايا' وحرق الآباء كما في' إبن حلال' من مسلسلات رمضان الماضي, وكذا أيضا التعبير بشكل سلبي مبالغ فيه عن دور الشرطة, وكلها أعمال للأسف- تقلل من شأننا الدرامي بعد سنوات طويلة من الريادة والتألق في هذا الفن الرفيع.
هل يعقل أن يكون سب الأمهات هو النموذج الدرامي المثير؟, وأن تكون' الدعارة' سيدة المشهد في بعض مسلسلاتنا؟, وهل من المنطقي أن يتلقف التليفزيون المصري تلك النوعية من الأعمال, والغريب أنه يشتريها ويدعم توجهاتها السيئة لتعرض للناس علي شاشته التي كانت يوما حافظة للقيم والعادات والتقاليد, ولسان حال أمة قدمت أروع الأمثلة الدرامية عبر قرن مضي, وكان شعبها دوما ملهما لكل شعوب الأرض قاطبة علي كافة المستويات, تماما كما في إبداعه الدرامي؟, إنه وضع مقلوب- للأسف- يشير إلي أننا بحاجة ماسة وسريعة إلي ثورة ثقافية بدعم من الدولة لإنتاج جديد من شأنه تحسين تلك الصورة المشوهة, أن يكون لدينا الآن وليس غدا' استراتيجية محددة في شكل أجندة درامية تعني بالقيمة, تماما كما نقوم بعمل استراتيجيات سياسية وعسكرية, لأن الدراما تدخل في نطاق الحفاظ علي الهوية المصرية, بل تصب في خانة الأمن القومي المصري, والتوقيت الآن مهم للغاية لدعم الجيش والشرطة في سعيهما الدؤوب نحو الحفاظ علي أمن الوطن والمواطن, وحتي إذا كان هناك بعض السلبيات من جانب الشرطة, ينبغي أن ننحي ذلك جانبا الآن حتي ننتهي من حرب الإرهاب.
ويؤكد' فاضل' كما أكد سابقوه, علي أن سيطرة الإعلانات تعد من أهم العراقيل التي تواجه المنتج الحالي, لأنه يجعل الممثل متحكما أكثر من أي عنصر آخر في الصناعة, وهذا لاينفي أن التمويل مهم جدا في واحدة من الصناعات الاستثمارية, خاصة أنها صناعة ربحية بالدرجة الأولي, بل أن دورة رأس المال في سنة بالنسبة لمسلسل أفضل بكثير من أي صناعة أخري, فضلا عن كونها صناعة غير تنافسية إذا تم الاهتمام بها علي مستوي الجودة, ولعل المناخ الحالي يعد مناسبا في ظل عودة الاستثمارات العربية, وأصبح حري بنا أن نرتقي بصناعة نحن تفوقنا فيها لقرون عديدة حتي تكون فرصة جديدة للاستثمار واستعادة دور مصر التنويري.
لابد أن تكون الدراما مشروعا قوميا- هكذا يؤكد فاضل- مثل مشاريع البنية الأساسية التي تعمل عليها الدولة, ولا أخفي تشاؤمي في إصلاح حال الدراما المصرية ومعالجة تصدعاتها الحالية, وقد يساور البعض الشك في قلة إيماني بحرية التعبير والديمقراطية, ولكني أشبه التشدق بحرية الإبداع بمسرحية هزلية, فلماذا نطالب ونصر دائما بالحرية في الدراما علي مستوي السلبيات, ولانهتم بالجدية التي تصنع الإيجابيات, نحن في النهاية نريد أن نصنع فنا يعزف علي روح القيم ويسمو بالروح التي من شأنها تهذيب السلوك, وهذا لايتأتي دون أن يستند المنتج الدرامي إلي رسالة, وبعد ذلك يحتاج إلي وسيلة للعرض تعتمد المعايير الصحيحة للانفتاح علي الناس, وذلك من خلال مجلس وطني حقيقي للإعلام تكون له اختصاصات فعلية, ويكون تابعا لوزارة الإعلام التي انسلخت من التشكيل الوزاري الأخير في غيبة من الوعي, والآن تريد الحكومة أن تعلق تبعية المجلس الجديد علي شماعة المجلس النيابي القادم, ووالله أنه نوع من العبث, لأنه مجلس النواب بطبيعته معني بالتشريع والمراقبة, وليس معنيا بوضع سياسات واستراتيجيات للعملية الإبداعية.
كرم النجار:
السيناريست القبطي الرائع مؤلف' محمد رسول الله' وغيره من دراما محترمة منها' بابا نور,عفريت القرش, السيف الوردي,الأصدقاء, سور مجري العيون, الخط الأبيض,عائلة شمس', يصف الواقع الدرامي بأن يعاني من أمراض مستعصية, وهو مافرض نوعا من الأزمات التي أنكهت عملية الإنتاج بشكل كامل, خاصة أن هناك معضلات تسمم المناخ العام, وتبعدنا تماما عن المواصفات القياسية لدي' الكاتب المخرج الممثل', ولعل المنتج الدرامي في ثوبه الجديد أصبح الأسوأ في ظل حالة الانفلات التي أعقبت ثورة25 يناير, بعد أن خضعت العملية الإنتاجية ل' الإعلان وتحكم النجم في آن واحد', بحيث لحقت الصناعة كثير من المخاطر, فمن يكون لديه القدرة علي التحكم في الإعلانات يكسب رهان السباق, وهذا أمر يستدعي تدخل الدولة لدعم مثلث الصناعة حتي يتسني لنا إنتاجات درامية جادة وهادفة تواكب التطورات المذهلة في الحراك السياسي المصري, إنه أمر ضروري من شأنه أن يحد من ظاهرة الدراما الربحية التي تدعي عبثا إنها متطلبات السوق هكذا, ولا يهم في ذلك إذا كان العنف سائدا, والجنس ترتعد له فرائس الجمهور.
لقد طالب الرئيس السيسي, بضرورة أن نراعي ربنا, ولديه كل الحق في دعواه وحرصه علي أبناء مصر من الزيف القاتل, هكذا يضيف' النجار', قائلا: أن ذلك قد حدث جراء ما ألقي به الموسم الرمضاني الماضي من خزعبلات ودروشة وقتل ونهب وعنف وسجن ونساء مولعات بالرقص والتنطع, ونحن نقول له:' ياريس طلبك محترم', لكن أرجوك التدخل وتوجيه المسئولين نحو اختيار العناصر الجادة في هذه الصناعة.
ويستنكر' النجار' كثيرا من كتابات الأجيال الحالية قائلا: غالبية الكتاب يفتقدون الأهلية, وينقصهم الكثير من الجدية والضمير المهني السليم, أين بعض من أصحاب الأعمال الجادة الذين قدموا لنا مسلسل' آسيا دوران شبرا وغيرهم', لقد اختفت تلك المواهب المبشرة منذ ثلاث سنوات, إلا من قليل مثل مسلسل' عد تنازلي' الذي أعطيته جائزة باعتباره من أبرز أعمال2014, وهذا يشير إلي أن هناك فلتات أو شذرات بديعة لاتخلو منها ساحة تضج بالسيئ والخبيث.
نعم يوجد حفنة قليلة من المؤلفين الجادين, لكن عددهم قليل بالنسبة للمعروض والمتاح, علي عكس غلبة أصحاب الإنتاج الرديئ الذين تروج له بعض وسائل الإعلام, ولايسترعي انتباهها المؤلفين القدامي, ممن شيدوا تجارب مهمة في تاريخ الدراما, وحتي نستعيد هؤلاء- الذين يعدون عاطلين الآن- لتحسين المناخ العام لابد من وجود الدولة علي رأس الصناعة ترعي شركاتها الأم مشاريع إنتاجية من الوزن الثقيل, بأساليب جديدة ومبتكرة يمكن أن تعيد الريادة الأولي, علي مستوي النص الجيد أولا, ثم المخرج الواعي لدوره ثانيا, وثالثا الممثل النجم الذي يقبل بعدم التفرد بالبطولة وحده, بل لديه إيمان كامل بأهمية العمل الجماعي, وفي النهاية أستطيع أن أقول للرئيس:' فعلا سيحاسبنا الله علي ما نفعل, حين لا نكون صادقين تماما في مراعاة حقوق الوطن علينا.
رباب حسين:
علي قدر هدوئها المعهود, وهي صاحبة أسلوب خاص في الشأن الاجتماعي الحاني كما في' حضرة المتهم أبي, حق مشروع, ياورد مين يشتريك, الليل وآخره' فإن المخرجة الكبيرة رباب حسين, يبدو عبر صوتها الدافئ أنين حاد قائلة: طالما أن الأمر أصبح متروكا للقطاع الخاص لايمكن أن نرتجي القيمة الفنية العالية التي يمكن أن تحمي المجتمع, لأن هؤلاء يعملون بحسابات المكسب فقط, ويلجأون إلي نوعية الأعمال التي تجنح نحو العشوائيات, أوالقصور ذات المقاعد الوثيرة والمخادع المخملية التي تخاطب الاستهلاك في استعلاء لايدنو من بسطاء هذا البلد, وهو ما يحتم ضرورة تدخل الدولة بشكل أكبر من أي وقت مضي لإعلاء شأن الدرما, باعتبارها سلاحا مهما الآن لحماية المجتمع من فكر المشاحنة والغضب, فضلا عن دورها في التنوير بعد تراجع القراءة.
وتضيف: لتكن مسلسلاتنا علي غرار ماقدم من إبداع مضي, كان غاية في الروعة والإبداع, وأذكر منها مسلسل' هارون الرشيد' الذي أعيد مشاهدته بمتعة حقيقية علي مستوي النص والأداء وتكنيك الإخراج, وكذلك' ليالي الحلمية' و'رأفت الهجان', وغير ذلك من أعمال أنتجها التليفزيون في عصر الفتوة الدرامية, ولقد قدمت في هذا الشأن أعمالا اجتماعية هامة من خلال التليفزيون المصري, هذا وتؤكد' حسين' وتأمل عودته في الوقت نفسه اللجوء إلي نوعية المسلسل التاريخي والاجتماعي والكوميدي الذي يكسر حدة الطوفان الهادر من القنوات الفضائية, بعدما أصبحت ساحات مفتوحة علي مصرعيها, لكن بشرط ألا تكون مجرد ساعات درامية لملء الفراغ فحسب, بل تملك تلك الأعمال القدرة علي انتشالنا من حالات الفوضي والعشوائية والحلول الفردية والألفاظ التي لاتليق بجمال الفن, مع قدر من الكشف غير المخجل عن أكبر سوءات حياتنا, في إطار حلول تناسب العقل الجمعي بقدر من العقلانية والمنطقية التي لاتحيد عن المثل العليا للمجتمع.
نحن نقصد من وراء أي عمل درامي بالأساس إلي أساليب وطرق وأسس للتربية والتنشئة الصحيحة القائمة تضيف المخرجة الكبيرة, وهو ما يدفعنا إلي استخدام لغة الخيال الموحي الذي يحنو ولا يجرح, كي تغرس في نفوسنا الأخلاق والمثل بما يتناسب مع مطالب الرئيس من مراعاة الضمير, وأن نكون إيجابيين كي نقاوم ما يتجسد من أعمال, أخجل من ذكرها, ويتناولها الإعلام بقدر من التهليل, وأقول لسيادة الرئيس:عليكم شخصيا بتفعيل دور إنتاج الدولة بدعم مادي واضح مباشر, حتي يتمكن المسئولين في قطاع الإنتاج وصوت القاهرة والمدينة من الاختيار الجيد الذي يبث روح الوعي وغذي عقل ووجدان المشاهد, فالكتابة الآن غريبة ومريبة, والمنتجون يلهثون وراء كل موضة جديدة تستطيع أن تدر أرباحا كبيرة, حتي لو كانت علي حساب القيمة بأعمال البلطجة والعنف والتعبيرات المشينة, علي الرغم من الآداء التمثيلي الجيد في غالبها.
مجدي صابر:
رغم أنه لون شاشة الدراما بعدد من المسلسلات الجادة علي غرار' الرجل الآخر, للعدالة وجوه كثيرة, أين قلبي, يا ورد مين يشتريك' فإن السينارست الكبير مجدي صابر, لايخفي انزاعجه الشديد من المشهد الدرامي الأسود, مطالبا الرئيس بدعم مباشر وضروري لجهات الإنتاج الحكومية من جديدلإحداث نوع من التوازن غير المخل بالعملية الإنتاجية, فهو من ناحية يعيد إنتاج الأعمال الكبيرة التي لايقوي عليها القطاع الخاص, ومن ناحية أخري يزيد من حدة المنافسة علي الجيد والمحترم, بدلا من كشف عورات المجتمع بصورة تدعو للتقزز أحيانا في بعض الأعمال, وحتي لوكانت الربحية هي الهدف الأول والأخير للقطاع الخاص, لابد أن تعتدل الدفة مع تنامي دور الدولة ورعايتها لهذه الصناعة الحيوية التي تدر أرباحا كبيرة لو أحسنا صناعتها.
ويؤكد' صابر' علي أن تفعيل دعوة الرئيس في إنتاج فن درامي هادف يعبر بصدق عن المجتمع هو'هدف وغاية' تلزم الجميع وعلي رأسهم الحكومة في تبنيها لخطة حقيقية تعالج ما اعتري المشهد الدرامي من خلل جرف صناع المسلسلات مؤخرا إلي أوكار المخدرات, وأدخلنا عصر الدعارة من أوسع الأبواب, ورسخ للحلول الفردية بالقتل وسفك الدم, ولا نلوم هؤلاء عندما انتهجوا ذلك بهدف الربح المادي, بل نلوم الدولة حين تخلت عن دورها وتركت الساحة للغربان التي تقتات علي الجثث النتنة بعدما أتت عليها الحيوانات المفترسة.
وفي هذا الصدد ينبه' صابر' إلي أن هناك مشروعا دراميا مهما وطموح تحت عنوان' عادات وتقاليد' وهو موجود في قطاع الإنتاج بالتليفزيون, وتم التخطيط له من الموسم الرمضاني الأخير, لكن لم يتم البدء فيه حتي الآن نظرا لعدم توفر الدعم المطلوب, رغم أنه مشروع وطني يدعو للتمسك بالقيم والتقاليد العريقة داخل المجتمع المصري العربي بأثره, فضلا عن كونه كيانا جديدا يمكن أن يجمل ويحسن وجه مصر الدرامي, ويسهم في اعتدال المزاج العام في افتقاده للإبداع الجميل.
الدكتور مدحت العدل:
الكاتب المتألق' مدحت العدل' بوعيه واعتباره ممثلا لأبرز وأهم مؤسسات الإنتاج الخاص, يري أن كلام الرئيس يدعونا للسعادة والتقدير والاحترام, خاصة حين ركز علي أهمية الفن كقوة ناعمة, وهو ما يحملنا مسئولية كبيرة نحن المعنيين بالإبداع في تلك اللحظة الفاصلة من عمر مصر, وربما هذا يستدعي ضرورة إعادة النظر في إنتاج الدولة, وإصلاح الخلل وتعافي التليفزيون من براثن الترهل الذي أصابه في مقتل, جراء مضمونه الذي لايرقي للمستوي المطلوب, وربما كنا أحوج ما نكون الآن للإصلاح الإعلامي الشامل قبل الإصلاح الدرامي, لكن لدينا أملا ان تكون الثلاث سنوات القادمة فرصة لنهضة حقيقية كما ينشدها الرئيس, ومن بعده الشعب المصري بكل طوائفه.
ويوضح' العدل' أن من يقوم بإنتاج عمل ملوث سيظل علي تلك الوتيرة, طالما كانت ثقافة المؤلف أو الكاتب, وكذلك ثقافة شركة الإنتاج تعتمد علي البضاعة الفاسدة, ولن يكون هناك اعتدال للمزاج العام طالما نعاني أمراضا اجتماعية, ونترك دور الدولة نهبا لإبداع قوامه الإسفاف والتدني, في الواقع هو نتاج فساد كبير في أكثر من منظومة في المجتمع, ومع ذلك لست متشائما, فلقد عادت الدراما المصرية وبقوة وهي الآن تبشر بمستقبل واعد, ويقيني أن مصر ستتقدم طالما فنها يسير علي طريق التقدم.
نحن كمجموعة خاصة للإنتاج الدرامي كنا ومازلنا وسنظل نعني بالقيمة, فمنذ بدايتنا الإنتاجية وأعمالنا تشهد علي ذلك, ومنها علي سبيل المثال' حديث الصباح والمساء' بدهشته الإبداعية المذهلة, وغيرها من أعمال قادمة من رحم الشارع المفعم بالحيوية في قلب الحياة المصرية الحقيقية معبرة عن الجدية والصدق في تناول تلك القضايا بطابع رومانسي أحيانا كما في' قصة حب', متضمنة اللون الاجتماعي الصرف والذي يعلي من شأن العائلة والفرد, وقيم المودة والعطاء, وكما تجسدت أيضا في شخصية رجل عسكري لاتخلو حياته من عاطفة في' الشوارع الخلفية', فضلا عما يعن به هذا الشارع من حالات الشجن والعفوية المصرية وروح الدعابة الصادقة لدي المصريين من فرط ما يتعرضون له من أوجاع تسري فكاهة عذبة علي ألسنتهم, وكذلك تصدينا للتشدد الديني, وظاهرة الدعاة الجدد كما في' الداعية', وفي رمضان القادم نؤكد علي هويتنا من خلال ثلاثة أعمال أظنها ستكون علي قدر عال من الأهمية, وهي مسلسلات:' حارة اليهود' الذي يعكس روح الوسطية المصرية, والتسامح الذي كان يسود الحياة في أزمنة ماضية, و' بين السرايات' الذي يعالج الخلل الذي حدث في العملية التعليمية وما شابها من نتوءات أثرت سلبيا علي أجيال مختلفة, و'تحت السيطرة' وهو مسلسل يتصدي للإدمان الذي يؤدي بحياة الإنسان علي صخرة الضغوط والبطالة وغيرها من أسباب تدفع شبابنا نحو حافة الهاوية.
عبد الرحيم كمال:
دعوة الرئيس في حد ذاتها مهمة جدا, لأنها تعكس وعيا بأهمية الفن ودوره في المجتمع, لكن لايصح أبدا نتعامل معها علي أنها نوعا من التوجيه فحسب, لأن التوجيه لايخلف فنا حقيقيا, بل لابد من التعامل بقدر من الذكاء, خاصة أن هناك نهضة درامية بالفعل خلال السنوات القليلة الماضية علي مستوي الكتابة المختلفة وطرق المعالجة, وهو ما انعكس علي مستوي الشكل والمساحة الدرامية نوعا ما, وقد أتيحت الفرصة مؤخرا لوجود مواسم درامية غير موسم رمضان بزخمه المعروف, ولعل بداية هذا الموسم من الربع الأخير من السنة الماضية'2014' وهو مستمر معنا حتي الآن'2015' يخلق نوعا جديدا من المنافسة لصالح الأعمال الجيدة, ويفتح باب العرض الجيد مستمرا طوال العام.
وعلي قدر ما حدث من تطور درامي كما ذكرت وظهور أشكال وألوان جديدة من الكتابة- علي ذكر حديث الرئيس السيسي- أري أنه لابد أن يكون للدولة في المرحلة القادمة, بل ومن الآن فصاعدا دور في إنتاج الأعمال التاريخية, حيث تبرز أهميتها في بث الروح الوطنية للأجيال الحالية, وحتي يتمكن المصريون من معرفة بلدهم, وتوثيق الأحداث المهمة من ثورات ومبادرات شعبية تستحق وبجدارة أن تسجل للأجيال القادمة, كما أنها تساعد في القرب من الناس, حين تصبح مسألة استعادة روح الماضي الجميل في تماس مع الأحداث اليومية العصيبة منها أو المفرحة.
وظني- يقول كمال- أننا لواستطعنا إنتاج مسلسل واحد- علي الأقل- كل سنتين من نوعية الأعمال التاريخية الكبيرة تلك سيكون ذلك أثره كبيرا علي الحراك الدرامي المصري, والذي بالضرورة يرتبط بالحراك السياسي, وربما يكون هذا سببا في تحسين الصورة, وعودة الريادة التي ننشدها, وعلي المستوي الشخصي أتمني أن أقدم واحد أو أكثر من نوعية المسلسلات التي تقترب من عالمي الإبداعي هذا, بحكم عشقي للتاريخ وانتمائي لهذا اللون من الكتابة التي تطرح أسئلة, وتقدم شواهد حية صالحة لكل زمان ومكان, كما حدث وقدمته من قبل مسلسلي'شيخ العرب همام', و'الخواجة عبد القادر' علي وجه الخصوص, واللذين كانا بمثابة ملحمة رائعة اختلط فيها التاريخي بالاجتماعي مع قدر من الحس الرومانسي يمس جوهر الشخصية المصرية في تجلياتها المبدعة, وانسجامها مع مفردات الحياة عبر أزمنة مختلفة, فضلا عن تقديم اللون الاجتماعي الذي يعالج كثيرا من التشوهات ويخترق الأسوار العالية والأسلاك الشائكة حول العادات والتقاليد من قلب الصعيد كما في' الرحايا', وحتي الفنتازي في تلفزة شكسبير في مسلسل' دهشة' للعبقري الرائع يحيي الفخراني.
من هنا فإن الدولة لاينبغي لها أن تضع ايدها في جيبها مكتفية بتوجيهات, بل أعظم توجيه لها هو الاهتمام بصناعة مهمة, وظني أن المساندة من جانبها سوف تشجع الكتاب وباقي عناصرالإنتاج الدرامي في تلك اللحظة الفاصلة من عمر وطن يمر بتحولات مذهلة, ولتدع الكاتب من جانبه يحكمه ضمير مهني وحس وطني يكفل له التعبير الحقيقي عن حال المجتمع, أيضا المسئولية الأخلاقية ملقاة علي عاتق القطاع الخاص, فلايصح أبدا أن يستمر في نهجه الحالي, الذي تحكمه مسألة المكسب والخسارة, بغض النظر عن نوعية وقيمة العمل علي مستوي الكتابة, نحن نخاف علي العمل الفني أو الدرامي عندما يأتي من غير أصحابه الحقيقيين, أقصد المهنيين من الكتاب والمخرجين وكذا الممثلون, أولئك الذين لايحكمهم ضمير, ولايستندون إلي حرفة وطاقة إبداعية تستخلص جوهر الأشياء, وهذا وحده الذي يقدر أن يمحو من خارطة الدراما المصرية تلك الأعمال التي توصف بالسيئة, والتي يقصدها الرئيس عندما قال' سوف يحاسبكم الله عليها', ولهذا أتمني أن ننظر إلي تلك الدعوة من منظور فني وليس أخلاقيا فحسب, لأن الفيصل في النهاية هو الضمير الفني والحرفية والمهنية, و كلها عوامل كفيلة بتحسين الصورة وجودة الإنتاج.
أحمد أبو زيد:
المخرج والسيناريست الشاب أحمد أبو زيد صاحب' الشك, العار, خطوط حمراء', وهي تجارب شبابية تعكس نضج جيل جديد ينتصر في رؤيته وحماسه للمستقبل, يقول: أشعر بخطورة الفعل الدرامي باعتباره يخاطب اللاوعي عند الناس, كما أنه عبارة عن برمجة لغوية عصبية للمشاهد من خلالها يتم غرس القيم والمبادئ برسائل تحت الجلد, وهو ما يستدعي الاهتمام من جانب القائمين علي تلك الصناعة بالتركيز علي الوعي بآفاق المستقبل, حتي يقوم الفن بدوره في النهضة, ويتساءل مستنكرا في الوقت ذاته: لماذا نعود بخيالنا دائما للوراء, ولا ننظر للأمام, ينبغي أن تكون أعمالنا في الفترة الحالية عن مصر في عام2050, هل ستكون متقدمة أم متخلفة, وذلك باستشراف المستقبل, لأن الفن في النهاية هو ميكروسكوب دقيق يرصد التغيرات التي يمكن أن نبني عليها في المستقبل البعيد.
ويدلل أبو زيد في هذا السياق بالنظر إلي السينما الأمريكية التي سبقت العلم, والخيال الفني لدي مبدعيها رسما كثير من السيناريوهات المحتملة قبل أن تقع, لنتأمل أحداث11 سبتمبر التي جسدتها السينما قبل وقوعها, والأسلحة الحديثة ومنها' الرشاش' الموجود حاليا في الجيش الأمريكي هو نفسه الذي شاهدناه قبلها علي الشاشة في فيلم' ترمنيتور', بينما نحن في غالبية أعمالنا نستقي أفكارنا من نفس المعين التقليدي القديم, ونظل أسري الأفكار السلبية التي تذهب بنا لعوالم المخدرات وسرقة المليارات, وحتي حالات الرومانسية بين الولد والبت أصبحت ممجوجة في جو العشوائية والعنف والفوضي, وكأن الغالبية العظمي قد عجزت عن تغيير ملعب الأفكار.
إذا كنا نحب هذا البلد ونتمني له مستقبلا مبشرا- يوضح أبو زيد فعلينا تقديم حلول لكثير من المشكلات التي تعوق حركة المستقبل من رحم الفن, ويكون فكرنا في الدراما خارج الصندوق, حتي نحفز الناس علي التفكير خارجه, أما غير ذلك فإنه يعني قدرتنا علي صنع مستقبل هذا الوطن أو أننا لسنا علي قدر اللحظة الراهنة, وبالتالي نجلس علي كرسي بعيدا عن المشهد, لأننا في معركة مع الذات, ولايلزمنا أن نعيش عصرا مخمليا ينتمي لأزمنة سابقة, بل لدينا تهديد ووعيد وإرهاب واضح, ولأن الرئيس السيسي يدرك خطورة اللحظة فقد خاطب أهل الفن بمراعاة الضمير لأن عليهم عاملا في تأكيد الهوية والحث علي التنمية.
والفن المصري- يضيف أبو زيد- طوال عمره كان يقدم حلولا عملية, مثل' كلمة شرف' لفريد شوقي الذي قدم حلولا قانونية, وكذا من بعده' أريد حلا' لفاتن حمامة, والفنان الكبير محمد صبحي في' سنبل' قدم حلولا في تجربة استصلاح الصحراء, وهو ما يؤكد أن الفن يتلازم مع كل مظاهر حياتنا, ولاينصب كل دوره علي التسلية ومعالجة الصراعات ومشاهد الدم, ألا يكفي ما نشاهده من مشاهد كارثية ومؤلة في نشرات الأخبار؟, ولأجل ذلك يجب أن يكون لدينا بنك أفكار في الدراما, بدلا من أن نظل نعزف علي اسطوانة الدعم المادي المشروخة, لقد جاءت فكرة الفيس بوك من شاب لايملك دولارا واحد حتي من أثرياء العالم بفكرة بسيطة من موقع الكتروني علي غرار بنوك في فروع العلوم التطبيقية والنظرية الأخري, لأن هذا هو طوق النجاة الأخير للوصول إلي بر الآمان الحقيقي.
عزت العلايلي:
الفنان القدير عزت العلايلي صاحب البصمة الإبداعية المتميزة, يقف علي أعتاب مرحلة يراها الأخطر في تاريخ مصر, قائلا: الخلل واضح في ظل غياب الأعمال التي تفتقد للوعي الثقافي والديني والمجتمعي في غالبية المشهد الدرامي الحالي في بعدها عن المجتمع, بعدما لخصت جل قضاياها في أمور تتعلق بالبنت والولد, وتحكمها عناصر الفهلوة والأحكام المطلقة علي مستوي المعالجة المباشرة لكثير من القضايا التي تضرب عرض الحائط بالعادات والتقاليد العريقة, تلك التي ترسخت في باطن التربة المصرية من آلاف السنين, وصنع الأجداد علي صخرتها المتينة أعظم حضارة في التاريخ أفسدها الأحفاد دراميا.
ولأجل تحقيق حالة من الوعي الدرامي النبيل, يري العلايلي, أنه لابد أن تكون الدولة داعمة للفن الجيد في مجمله, وللدراما علي وجه الخصوص, في ظل تناميها بعد أن أصبحت بمثابة العمود الفقري للفن المصري الآن, علي أن تعتمد في جوهرها علي الفكر والأدب, وأري أن دعوة الرئيس السيسي لإنتاج أعمال فنية جيدة' يحاسبنا الله عليها' أمر يلزم الدولة, ويلفت النظر لفتح آفاق جديدة للبنوك في الاستثمار الدرامي الذكي, ولدينا تجربة مهمة في السينما طوال118 سنة ماضية150 سنة مسرح, كان قوامها دعم البنوك, ولنتأمل جيدا عام1934 الذي دشن فيه طلعت حرب مشروعه السينمائي العملاق بنك مصر, وهو ما تواكب مع أصحاب المبادرات الفنية الجيدة والمحترمة في تلك الفترة الذهبية من الأدباء والعلماء والفلاسفة الذين خلفوا لنا تراثا فنيا رصينا ومحترما مازلنا نباهي به بين الأمم.
العلايلي يطالب الرئيس شخصيا بالتدخل بتفعيل أدوات الإنتاج الوطنية من جانب الحكومة, حتي يكون لها اليد الطولي في إنتاج الأعمال التاريخية والاجتماعية وحتي الكوميدية والاستعراضية, فلقد وعي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأهمية دعم الفن والفنانين, وقام بإنشاء مؤسسة السينما التي أنتجت روائع أعمالها منتصف القرن الماضي, ومنها علي سبيل المثال وليس الحصر: أفلام' الأرض, شيء من الخوف, المومياء,, الاختيار' وغيرها من كلاسيكيات بديعة أقل ما توصف به أنها تتسم بالرقي علي مستوي الكتابة والتمثيل والإخراج.
ويضيف الفنان القدير: المحطات الفضائية كثيرة وهي عبارة عن معدة جائعة تبحث تجنبا طعام جيد وطازج ومفيد للصحة العامة ومنها العقل, لماذا إذن نصر علي أن نقدم لها وجبات ال' جانكفوود' بتوابله الحارقة للقيمة والمعني, خاصة أننا نعيش مرحلة تعد من أخطر مراحل تاريخ مصر الحديث بين مطرقة وسندان الإرهاب, وهو مايجبرنا رغما عنا بأن نقدم له الدعم المادي الكافي, تماما كما ندعم الجندي الرابض علي خط النار لحماية الحدود, وليس هذا الدعم للدراما نوعا من الترف, بل لأنها تحمي الجبهة الداخلية بالمثل النبيلة التي تجنبا الانزلاق نحو حافة الهاوية, أقولها بضرخة مدوية للرئيس والحكومة والمسئولين: هل تريدون فنا جيدا حقا ؟, وهل ترغبون في بناء مجتمع سليم؟ عليكم جميعا إذن ودون استثناء طرف من اللعبة ألا لاتكتفوا بدعم معنوي, بل ارصدوا ميزانية لاتكلفكم سوي ثمن طائرة أو دباباتين, كي نغدو مقاتلين عن كثب في قلب معركة الدفاع عن الإنسان المصري, والحفاظ علي روحه الشرقية وهويته العربية والدينية, فالفن الجيد صار أمضي سلاح لتحقيق الحلم القومي الكبير, ومصر لديها كتاب جيدون إلي جانب فنانين كبار ومخرجين مبدعين ينقصهم فقط دعم مادي معقول كي يجنبهم الوقوع في بحيرة آسنة من اليأس والإحباط والعشوئية, ولننظر إلي أمريكا التي صنعت أسطورتها العظمي من قلب إبداع هوليود, وكذا الهند ذلك البلد النامي الذي خرج من بوتقة التخلف الاقتصادي علي بساط السينما, وقدمها للعالم كدولة متحضرة علي فقرها حتي وصلت إلي مصاف الدول الكبري.
ليلي علوي:
كعادتها في بث الأمل في نفوس الناس باختيارات ذكية تؤكد براعتها في الأداء العذب تري النجمة الأكثر التصاقا بقلوب المصريين' ليلي علوي' أن الدراما عرضت علي الشاشة من2007 وحتي الآن في تطور مستمر ناحية التكنيك واستخدام أساليب الإخراج والموضوعات الاجتماعية الجيدة, لكننا بحاجة لمزيد من ألوان الدراما الاجتماعية الجيدة, شرط أن تعبر بواقعية, وتكون أهدافها بناءة قادمة من رحم المجتمع المصري الحقيقي الذي ينعكس جوهره الصادق علي الشاشة الفضية.وتذهب ليلي بخيالها النقي- لتوخذ ضمائرنا تجاه دراما الصغار والنشأ, مطالبة بوجود قوي لها علي خارطة دراما الكبار, وذلك بتجارب علي غرار ماقدمه النجم الكبير يحيي الفخراني للأطفال, فالطفل المصري من وجهة نظرها قد أهملناه كثيرا, وهو بحاجة ماسة إلي نوع من التوازي والتكافؤ مع ما يتعرض لها فنون كارتونية غربية قادمة علي جناح العنف وقيم الاستهلاك, إضافة إلي ما يتعرض له من مشاهدات سلبية في دراما الكبار من أعمال لاتنتمي قدراته بقدر ترسخ في وجدانه من سلوكيات مرعبة.
' ليلي' تضم صوتها وبقوة لصوت الرئيس السيسي, مؤكدا أن الأعمال الجيدة وحدها لاتكفي لبناء مجتمع قوي ومترابط في هذه اللحظة المهمة في تاريخ مصر, خاصة ونحن نعبر من عنق الزجاجة بعد ثورتين, ولكن لابد أن نراعي ضمائرنا في كل شئ, وهي في الوقت ذاته راضية تماما عن اختياراتها من خلال ما قدمته من مسلسلات في الفترة من2009 وحتي الآن, حيث عبرت عن صميم القضايا المطروحة في قلب الشارع المصري كما جاء في بعض أعمالها مثل' الشوارع الخلفية' الذي أوضح التشابه الكبير بين زمن مضي وما حدث في عام2011 عندما تكاتف الجيش مع الشعب, وهو عمل أيضا يعلم الناس قيمة مصر, إضافة إلي ملحمة' بونابرت والمحروسة' جسدت أسطورة مقاومة الشعب المصري في الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي, وعلي درب الأعمال الاجتماعية الجادة التي تنتمي إليها وتنتصر لها في المقام الأول قدمت' فرح ليلي' وفي رمضان الماضي' شمس' الذي يتسم بدفء المشاعر والأحاسيس, ويغلب عليه الطابع الرومانسي الذي يكسب المسلسل رونقا وبريقا آخاذا, ورغم الوسواس القهري الذي كان يحاصر البطلة.
سمية الخشاب:
النجمة الجميلة' سمية الخشاب' والتي لونت الشاشة الفضية بنماذج نسائية مختلفة بأداء عذب شجي, تنعي صورة المرأة المصرية في الدراما, مشيرة إلي أن كثير من المسلسلات أساءت لها عندما عالجت موضوعاتها بطريقة نمطية تركز علي ارتباطها بفن الغواية والإثارة في إطار من عدم الضرورة, وهو مالا يتناسب أبدا مع كونها نصف المجتمع, أو أنها تقف جنبا إلي جنب مع الرجل في ساحات النضال من أجل الحرية ولقمة العيش, وأظن أن لدينا نماذج نسائية كان لها دور مهم في حركة التنوير, مثل' شجرة الدر- هدي شعراوي صفية زغلول' في النضال السياسي,' باحثة البادية' في مجال التعليم,' فاطمة موسي' في البحث العلمي, فضلا عن' بنت الشاطئ' في التربية الدينية والسلوكية الصحيحة, وكذلك' سهير القلماوي' في الأدب, ناهيك عن سيدات عظيمات في مجال الفن' فاتن حمامة أمينة رزق مريم فخر الدين' وكلهن جميعا لم تتجسد سيرتهن جميعا دراميا, بحيث تكن المثل والقدوة للأجيال الجديدة.
لقد أصاب الرئيس السيسي بحسه الوطني عندما خاطب الضمير الفني والتوجيه نحو إيقاظ الضمير لدي القائمن علي صناعة الفن باعتباره أداة لها اليد الطولي في بث روح الحماسة والوطنية من أجل تحسين صورة مصر الجديدة التي تسير بخطي واثقة علي طريق الحرية بعد ثورتين حركتا الضمير الإنساني كله, وتلك مسئولية ملقاء علي عاتق الفنانين والكتاب ومنتجي الدراما, وليس علي عاتق الدولة وحدها, ومن هنا أن أتمني ألا يقتصر كلام الرئيس علي النصح أو التوجيه فقط لفترة زمنية سرعان ما يضيع أثره بعد قليل, بل لابد أن يحمل المستقبل الدرامي في مصر نوعا من الأمل في استعادة أعمال تهزم السلبية والعنف والقتل وسفك الدماء, والزج بالمرأة في الحانات والملاهي والاعتماد علي الجسد وحده كأداة للتعبير الدرامي الذي يخصم العادات والتقاليد التي تربي عليها المجتمع الشرقي, ومن هنا أتطلع في أعمالي القادمة أن ترقي إلي مستوي ما يرجوه الرئيس من جدية تفيد الناس وتبقي علامات مضيئة في رحلة حياتنا الأبدية.
[email protected]

نتحمل المسئولية جميعا
د. إبراهيم أبو ذكري رئيس اتحاد المنتجين العرب
الدراما العربية حققت منظومة السوق العربية المشتركة رغم أنف الحكومات المتناحرة, ورغم الخلافات الفكرية والعقائدية والسياسية والتي ظهرت علي الشاشات العربية وما نعيشه اليوم من حروب واضطهاد وتفرقة وخلافات سياسية, وما يؤثره هذا الواقع سلبيا علي حياتنا اليومية وانتماءنا لقيمنا كأمه عربية واحدة, ودور بعض القنوات الفضائية في تعميق الفرقة ونبذ فكرة الوحدة العربية وزرع الفتن الطائفية والعنصرية وتفجير قضايا ليست مطروحة علي الساحة العربية لتثير غرائز الخلاف بين الحكومات وبالتالي علي الشعوب العربية.
نحن جميعا نتحمل المسئولية كمنتجين ومبدعين ومسئولين عن الدراما والإعلام بالعالم العربي, ونتحمل جزء كبير مما يجري علي أرض سيناء والعالم العربي من ارهاب, فالمسئولية مصرية بالدرجة الأولي لأن مصر هي البوابة الملكية للإعلام لكل العرب, ونحن نبدي أسفنا نيابة عن بعض المنتجين في القطاع الخاص, رغم قدرتهم علي الانتاج المتميز فقد اتجهوا في إنتاجهم الي الإسفاف والعنف والرذيلة, جريا وراء الإعلانات وتحت مقولة غير مقنعة, وبعيدة عن واقعنا العربي وهي' حرية الإبداع والواقعية'.
والمسئولون عن البث لن نعفيهم من المسئولية فهم أيضا مسئولون عن بث هذه المواد التي أفقدت الشباب الثقة في مجتمعها وأرضها ووطنها, ولأن قنوات البث التليفزيوني تستطيع وضع ضوابط للمنتجين ونوعية الانتاج, فالمنتجون تنتج ما تريده قنوات البث, وأيضاالجميع يعلم أن ما يقدم علي الشاشات العربية من الإنتاج المدبلج لمجتمعات بها سموم أخلاقية أو إنتاج مصري مقلد بغباء ودخيل مجتمعنا ساهم بشكل فعال في تدني الذوق والأخلاق.
ومن هنا نطالب كل القائمين علي البث التليفزيوني أن يقفوا وقفة رجل واحد في مثل هذه الأوقات العصيبة بشفافية وتجرد ويضعوا خطابا إعلاميا جديدا وبناء جاد, قومي عربي يهتم بفحوي ما يقدمونه للشباب علي شاشاتهممن مواد درامية أو برامجية, وبعودة الأغنية الوطنية والعاطفية الراقية علي لشاشاتهم التي تمس القلوب وتعبر عن الوجدان الحقيقي للمواطن في مصر والعالم العربي.
وعلي المنتجين المصريين بمساندة سيادية من الدولة أن يحولوا الاتجاه بالإنتاج التليفزيوني الي الأعمال التي تبرز عظمة الجيش المصري لدعمه ومؤازرته في حربه ضد الإرهاب, ولابد من القطاعات الخاملة بالقطاع العام ان يكونوا سباقين في ذلك من أجل مصر التي لن تسقط وستظل دائما القائد والمعلم لكل المنطقة العربية.
ومن هنا أؤكد: لا توجد أزمة في صناعة الدراما المصرية, في إمكانات القطاع الخاص أو العام, بل الأزمة الحقيقية موجودة في القطاعات الإنتاجية الثلاثة التي بها' أزمة ادارة- أزمة توزيع- أزمة علاقات عامة- أزمة عدم فهم بما يقدمونه للسوق العربية ومتطلباتها الحقيقية' فضلا عن أزمة علاقتهم مع العالم العربي وهي السوق الحقيقي للدراما المصرية.
وأيضا الأزمة الرسمية في اختيار أصحاب القرار في الانتاج في القطاعات الثلاثة وهم يتحركون كموظفين والجهد المبذول الذي نراه منهم هو جهدهم في الاحتفاظ باماكنهم ولشعورهم كموظفين وفوقهم عشرات الإدارات الرقابية.ولن أحمل القطاعات الثلاثة المسئولية كاملة علي فشل وخروج القطاع العام من منظومة الإنتاج التليفزيوني العربي بعد تألقها لعقود, وقلة عرض منتجاتها الهزيلة علي الشاشات العربية فأيضا بعض القوانيين والقرارات الإدارية الطاردة للمستثمرين والمنتجين العرب الراغبين في الإنتاج علي أرض مصر, والعوده إلي الانتاج المشترك مع القطاع العام هي جزء هام من هذا الفشل.
كلمة أخيرة:
الجميع يعلم أن الدراما في مصر أو في سوريا أو في الكويت هي في النهاية سلعة إعلامية عربية مسالمة متفق عليها, وأطلقنا عليها أكثر من مرة أن الدراما العربية هي التي حققت منظومة السوق العربية المشتركة رغم أنف كل الحكومات العربية المتناحرة, وعليه فإنالمنتجين بالعالم العربي والقنوات الفضائية المنتجة في مصر وبمساندة قوية من الحكومة المصرية تقع عليهم المسئولية في المرحلة القادمة في تطهير صدور ووجدان الشباب بمصر والعالم العربي التي تلوثت بأفكار رديئة وعنيفة, كانت وما زالت في صدورهم بمفاهيم ملوثة عن العلاقات الانسانية والمادية, وأدخلونا عنوة نحو صراعات طائفية بعد تعميق صور وأفكار غير واقعية عن الإسلام الحنيف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.