في الوقت الذي ننتظر فيه إصلاحاً شاملاً لنظام التأمين الصحي ليقدم خدمة حقيقية نفاجأ بضم 11 مليون فلاح لمظلة التأمين الصحي بحالته المترهلة الحالية!!.. فماذا لدي مستشفيات التأمين الصحي حالياً لتقدمه لهذه الفئة التي عانت حرماناً طويلاً؟!! مستشفيات التأمين الصحي تعمل بموارد متواضعة مصدرها اشتراكات المؤمن عليهم حيث لا دعم من الدولة.. والنتيجة ان المرضي يعانون الأمرين ويجرون وراء وهم العلاج ولا يطولونه إلا قليلاً!!.. فإذا أضفنا إليهم 11 مليون مواطن آخرين فإننا نضيف عبئاً جديداً إلي كاهل مرهق أصلاً وسنجد ان كل المؤمن عليهم بما فيهم الفلاحون لن يطولوا بلح الشام ولا عنب اليمن!! المعادلة بالفعل شديدة الصعوبة فمستشفيات التأمين الصحي تعاني نقصاً في كل شيء والمرضي يتعرضون للإذلال بمعني الكلمة انتظاراً لاجراء جراحة أو سرير في غرفة العناية المركزة أو حتي المتوسطة أو في استقبال الطوارئ!!.. ولكل منا تجارب مريرة مع هذه المستشفيات.. هذا هو الطرف الأول في المعادلة. الطرف الثاني ان عدد المؤمن عليهم حالياً يصل إلي 50 مليون مواطن والمترددون منهم علي التأمين لديهم ما لديهم من أمراض تصل للأورام الخبيثة وجراحاتها وما تحتاجه من متابعات وعلاجات تكميلية.. والفلاحون أيضاً لهم أمراضهم القاسية التي تدور حول الفشل الكلوي والفيروسات الكبدية ومضاعفاتها.. فهل سيلقي هؤلاء رعاية مستحقة في ظل هذه المستشفيات المتهالكة؟!! قد يرد البعض بأن الفلاحين سيلتحقون بالتأمين ياشتراكات وميزانيات.. وهذا حقيقي لكنها رمزية فالفلاح سوف يدفع عشرة جنيهات شهرياً والدولة ستمول كل فلاح بمائتي جنيه سنوياً وستقوم وزارة الزراعة بتوريد 100 جنيه سنوياً عن كل فدان أرض مملوك للفلاحين وفقاً لبطاقة الحيازة و50 جنيهاً عن كل طن سماد ينتجه القطاعان العام والخاص اضافة للتبرعات التي تقبلها الهيئة العامة للتأمين الصحي. فإذا علمنا ان كل ميزانية الهيئة حالياً أربعة مليارات جنيه سيزيدون قليلاً بموازنة الفلاحين وحتي لو تضاعفت الميزانية ستظل ضئيلة مقارنة بخدمة لائقة يجب ان تقدم لكل المؤمن عليهم. الغريب ان الدكتور عادل العدوي وزير الصحة سبق ان قال عام 2012 قبل توليه مسئولية الوزارة في موضوعات صحفية منشورة بأن المطلوب عدم التعجل بضم فئات جديدة للتأمين الصحي دون التأكد من القدرة علي تقديم خدمة طبية لائقة لهم!!.. لكنه بعد ان تحمل مسئولية الوزارة نجده مرحباً بضم 11 مليون فلاح.. فهل معني ذلك ان مستشفيات التأمين الصحي قادرة علي تقديم خدمة لائقة لهم؟!! الحقيقية طبعاً لا وبالتالي فضم الفلاحين يعني تقديم خدمة شكلية فقط أما الخدمة الجادة فلن تتحقق إلا بمشروع محترم للتأمين الصحي يدخل في مظلته كل المواطنين وأولهم الفلاحون وهذا المشروع تكون له أبواب تمويل واضحة وضخمة ودعم من الدولة وحقوق واضحة للمرضي إذا حدث تقاعس في تقديمها يتم مواجهة ذلك بكل شدة.. فالرعاية الصحية حق للمواطن وواجب علي الدولة ومسئولية اجتماعية وسياسية. ضم فئات جديدة لكاهل التأمين الصحي يجعلنا نشك في نية الدولة إقرار قانون شامل للتأمين الصحي.. وأتمني ان نكون مخطئين.