رب ضارة نافعة.. هذه المقولة الشعبية كشفت حجم الفساد في مشروع المنحة الايطالية بالمشروع المصري - الايطالي بشأن إنشاء مصنع تدوير القمامة إلي سماد عضوي بقرية حلوة بمطاي. بدأت الواقعة عندما أصدر اللواء صلاح الدين زيادة محافظ المنيا قرارا بنقل المهندس هشام أحمد معوض مدير إدارة المخلفات الصلبة بالمحافظة إلي الوحدة المحلية لمركز ومدينة أبوقرقاص عقب التحقيق معه من قبل إدارة الشئون القانونية بالمحافظة بناءً علي المذكرة الواردة من التفتيش المالي والإداري بالمحافظة والتي أكدت ونسبت فيها أنه قام بتسريب معلومات كاذبة ومغلوطة علي صفحات الفيس بوك بهدف إشاعة البلبلة بعمد وسوء نية عن مشروع مصنع المخلفات الصلبة. مما دفع المحافظ إلي اعفائه وإلغاء تكليفه عن العمل بالمشروع وانتهت إدارة الشئون القانونية بمجازاته بخصم 10 أيام من راتبه بسبب إهماله في الحفاظ علي المستندات ومخالفة القواعد والاحكام المنصوص عليها بالمادة 77 من قانون العاملين المدنيين بالدولة. وقرر المحافظ الاعلان عن الوظيفة الخالية مما دفع معوض إلي الاضراب عن الطعام بمستشفي المنيا العام. قال هشام أحمد معوض مدير إدارة المخلفات الصلبة السابق المعتصم بمستشفي المنيا العام ل"المساء" إن سبب اعفائه ونقله من إدارة المخلفات الصلبة وصدور قرار المحافظ بنقله إلي مركز ومدينة أبوقرقاص لأنه كشف التفاصيل الكاملة عن إهدار 32 مليون جنيه الخاصة بالمرحلة الثانية للمنحة الايطالية "مشروع التعاون المصري الايطالي" التابع للأمم المتحدة الإنمائي لإنشاء مصنع تدوير القمامة لتحويله إلي سماد عضوي بقرية حلوة التابعة لمركز مطاي بالإضافة إلي قيام المحافظ بمحاولة الحصول علي مبلغ وقدره 50 مليون جنيه أخري دعما من المنحة الايطالية لانشاء مصنع قمامة لتحويله إلي سماد عضوي ومدفن صحي علي مساحة 50 فدانا. فقرر المحافظ تفكيك ونقل المعدات بمصنع العدوة القائم بالفعل لتدوير القمامة إلي سماد عضوي حتي يحصل علي دعم المنحة الايطالية. أكد هشام انه تم تحديد قطعة مساحتها 30 فدانا أملاك دولة بقرية حلوة التابعة لمركز مطاي لإنشاء مصنع تدوير القمامة وتحويلها إلي سماد عضوي ليخدم قري ومدن ومراكز "بني مزار ومطاي وسمالوط" وقامت الجهات المعنية بمعاينة الموقع والموافقة عليه لاستيفائه شروط ومواصفات الترخيص طبقا لتعليمات وزارة البيئة الخاصة. إلا ان الطامة الكبري قيام الأهالي بالبناء قرب الموقع فقامت اللجنة المشكلة من وزارة البيئة والجهات المعنية بالاعتراض علي انشائه وطالبوا بنقله إلي مكان آخر وتم تحديد أماكن بديلة بمركز مطاي وبني مزار. كشف معوض عن قيام المسئولين بالمنحة بالتعاون مع مسئولة بديوان عام المحافظة بالتنسيق مع احدي الجمعيات الأهلية لتوعية أهالي قرية حلوة بمطاي بمدي أهمية المصنع وفوائده من توفير بيئة صحية وتحسين وتجميل نظافة الشوارع بعد جمع القمامة وتدويرها إلي سماد عضوي يعود بالنفع العام علي المزارعين إلا ان التربيطات والمجاملات والعلاقات بالجمعية والمسئولين لهفت ما تم رصده لبرنامج التوعية وقدره 100 ألف جنيه وبدلا من توعية أهالي القرية قامت الجمعية بإنشاء ندوة بمنتجع حورس السياحي. ولأن المال السايب ملهوش صاحب ولا رقيب قام مدير المشروع الايطالي بشراء سيارة بمبلغ 225 ألف جنيه للمشروع من أموال المنحة في حين انه توجد سيارة حديثة بإدارة المشروع لخدمة مدير المشروع والمحاسبة ومماثلة البرامج. اكد معوض ان بنود العقد ببرنامج "التعاون المصري- الايطالي" الخاص بالمنحة ينص علي تواجد المسئولين بصفة مستمرة بموقع المشروع إلا انهم كانوا يزورون الموقع بين الحين والآخر. وهذا يخالف بنود البروتوكول الموقع بين المحافظة ومشروع المنحة. الأغرب من ذلك انهم قاموا باستئجار مقر لإدارة المشروع بمبلغ وقدره 4 آلاف جنيه وتم شراء أثاث فخم للمقر في حين قام اللواء أسامة ضيف سكرتير عام المحافظة بمخاطبتهم عدة مرات بتوفير مقر مكيف بديوان عام المحافظة من أجل متابعة المشروع علي أرض الواقع وسرعة تنفيذه الأغرب من ذلك ان إدارة المشروع أصدرت قرارا في أول فبراير عام 2006 بشأن التعاقد مع أسامة طلعت محمود سائق يعمل بديوان عام المحافظة نظير عمله سائقا بالمشروع ويكون مسئولا عن السيارتين المملوكتين للمشروع وهما "تويوتا برادو وتويوتا هاي لوكس 2 كابينة" ويتقاضي راتبا شهريا قدره ألف ومائة جنيه "1100" وتم التعاقد معه في أول فبراير عام 2006 في حين كان يتقاضي راتبا وحوافز ومكافآت بوظيفته سائقا بديوان عام المحافظة وهذا إهدار للمال العام. يقول معوض: إن المحافظ لجأ إلي فكرة جهنمية لصرف مبلغ منحة ال50 مليون جنيه الخاصة من خلال إعادة تطوير مصنع العدوة وتفكيك المعدات في حين لا يحتاج المصنع إلي تطوير من أجل توفير ذلك المكان لصرف المنحة في حين أن المصنع مقام علي 5 أفدنة ويعمل بكامل طاقته وأن إجمالي القمامة بمركز ومدينة العدوة 20 طن فقط. فالمصنع يعمل ساعات ويتوقف العمل طوال ساعات اليوم لعدم وجود قمامة لتدويرها لسماد عضوي. أو تنفيذ المشروع في مصنع القمامة الذي تم تكهينه بمدينة المنيا ويبعد عن وسط المدينة بمسافة 10 كيلومترات تقريبا وتم إنشاؤه عام 1998 علي مساحة 5 أفدنة وكلف الدولة 5 ملايين جنيه وتوقف في عام 2012 وقامت لجنة من كلية الهندسة بتكهين المصنع بعد أن أثبتت التقارير تكبد المصنع خسائر تتراوح ما بين 40 إلي 50 ألف جنيه شهريا. مضيفا ان السبب هو ان المصنع من الجيل الأول فهو كثير الأعطال. خاصة ان السيور متقطعة والمعدات كثيرة الأعطال والسيارات واللوادر متهالكة. في حين لو تم تشغيله وتطويره سيحتاج إلي مبلغ ضئيل جدا لتطويره ويستوعب 400 طن قمامة يوميا. موضحا ان هناك مبلغ 50 مليون جنيه هي إمداد للمنحة لإنشاء مصنع لتدوير القمامة وإنشاء مدفن صحي علي مساحة 20 فدانا لاكمال منظومة المخلفات بعد انتاج السماد العضوي لدفن المخلفات المرفوضة الضارة بالصحة وليس لها استخدام بعد انتاج السماد والتدوير يتم دفنها في المدفن الصحي. يؤكد ان هناك أسبابا لاختيار إقامة المصنع في مصنع العدوة القائم بالفعل من أجل صرف ال32 مليون جنيه دعم المنحة أولاً. وثانياً لشراء خط انتاج من ايطاليا حتي يتم الحصول علي عمولات -علي حد قوله- وهذا يخالف قرار رئيس الدولة بتشجيع الصناعة المحلية حيث يوجد 72 خط انتاج تابعين للهيئة العربية للتصنيع والانتاج الحربي. ثالثاً.. والأهم حتي يتمكن المحافظ من مساعدة مستثمر إنجليزي يقوم بتدوير القمامة لانتاج الكهرباء وكان قد حصل من قبل علي موافقة بإنشاء مفاعل حراري بالأمر المباشر من اللواء سراج الدين الروبي محافظ المنيا الأسبق وتم توقيع العقد الابتدائي في مايو عام 2012 نظير تقديم عروض مغرية للمحافظة منها "صرف 10% من بيع الكهرباء للمحافظة ودفع انتفاع 200 ألف جنيه شهرياً ودعم المحافظة بعدد من سيارات النقل والقلابات" إلا ان ذلك العرض لم يكتمل وأصدر الدكتور مصطفي عيسي المحافظ الإخواني السابق قرارا بإلغاء الأمر المباشر بهدف اعتزامه إسناد تلك العملية إلي شركة "ريتش لاند" الأرض الخضراء وهي ملك خيرت الشاطر وحسن مالك قيادات الجماعة الارهابية مما دفع المستثمر الإنجليزي إلي رفع دعوي قضائية في أروقة المحاكم لتنفيذ العقد مطالباً بتعويض مالي قدره 20 مليون جنيه. كما يسعي المحافظ لتجديد العقد بعد أخذ موافقة رئيس الوزراء ووزير المالية لحصوله عليه بالأمر المباشر بدون أي مناقصات أو مزايدات. في حين تقدم المستثمر في عام 2009 بنفس العرض للواء أحمد ضياء الدين محافظ المنيا الاسبق إلا انه رفض. يؤكد معوض ان المستثمر ينوي استقبال النفايات النووية التي سيقوم بدفنها علي مسافة 600 متر في باطن الأرض وانها ستهدد الأمن القومي وانه قام برفض المشروع لأن الظاهر هو تدوير القمامة وتحويلها إلي كهرباء لكن في غفلة أمامنا اعترف بإنشائه لاستقبال النفايات النووية. أكد ان كل المستندات سليمة وان المحافظ والشئون القانونية تدعي بأنها مزورة وسيتضح ذلك للنيابة العامة والإدارية والجهات الرقابية من خلال التحقيقات إن كانت سليمة من عدمه. من ناحية أخري أكد أنه من حق الشعب طبقا للمادة 68 من دستور 2014 حرية تداول المعلومات فإن المستندات ملك للشعب وليست حكرا علي المسئول.