خارج الندوة النقدية التي تم تخصيصها للحديث عن أبي تمام قدم شعراء ونقاد بعض الكتابات حول الشاعر المحتفي به. قال د. محمد أبو شوارب لم يكن أبو تمام يري اللغة كما حاولت السلطة الثقافية أن تصورها نظاماً مكتملاً ذا طبيعة أزلية . ينحصر دورها في التعبير عن رؤي الشاعر ومكنوناته. وفق مفهوم النقاد واللغويين القدماء . الذين شبهوا الفكرة بالجارية واللغة بمعرضها أو كسوتها . بل كانت اللغة في نظره وبتأثير ما شاع في عصره من مقولات الاعتزال . اسهاماً في إنتاج الفكرة بوصفها بنية محاورة غير متشكلة في مرحلة سابقة . وهو مايظهر بوضوح في جرأة أبي تمام علي تحطيم المدلولات الراسخة للدوال. والعصف بالمصاحبات التقليدية . وضرب الأبنية الموروثة صياغيا وتركيبيا. بما يفتح احتمالات التأويل في النص منتقلاً بلغة الشعر من عصر القبول إلي عصر التساؤل. لقد كانت قضية التلقي ومستوياته تشغل كما قال الشاعر أحمد عنتر مصطفي حيزا كبيراً من ذهن أبي تمام انطلاقاً من اعتداده بفنه المغاير الصادم . تلك المغايرة التي جعلت أبا عمرو بن العلاء حين استمع إلي قصيدته التي مطلعها "طلل الجميع لقد غفوت حميداً" يقول إذا كان هذا شعراً . فكلام العرب باطل.. فأبو تمام علي غير المألوف لديهم له قيمه الجمالية التي يعتنقعا ويحققها في إبداعه هذا النهج فناً وصياغة وفكراً حديث مبتكر حتي بلاغته مستحدثة طريفة . وهو مثلاً لايجري علي المألوف المتبع لدي غيره من الشعراء حين يصفون الراحلة التي تقلهم إلي الممدوح وصفا مجانياً ساذجا .. إنه يتحدث عن بعيره هذا: رعته الفيافي بعدما كان حقبة رعاها.. وماء الروض ينهل ساكبه هذا الجمل " رعته الفيافي " إنه بقطع المسافات الشاسعة فيها يصاب بالهزال . فكأنه مرعي مأكول مستباح لها . وقد كان قبلاً مرعي خصباً له.. إنه صراع البقاء والفناء بينهما. جدلية الموت والحياة التي يكفل لها التحولات والصيرورة عنصر آخر هو الماء الذي ينحدر من قوله " وماء الروض ينهل ساكبه " وقد يلتفت هواة البلاغة إلي هذه العبارة فيرونها تقع في دائرة " حسن التتميم " ولكنها تتعدي هذا الأفق الضيق إلي دلالة فارقة تضفي علي المعني حيوية وآلية هذا الجدل الدائر بين البعير والفيافي.