جولة جديدة من الصراع بين الحديد المستورد والمحلي بدأتها مصانع الحديد وذلك في إطار الحرب المستمرة مع الحديد المستورد والتي تعددت في الفترة الأخيرة فلم يعد السوق يقتصر علي التركي بعد أن دخل الحديد الصيني ثم الأوكراني. وقبل أيام قامت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات والتي تمثل جميع منتجي الحديد بتقديم بيانات جديدة حول كميات الحديد المستوردة التي دخلت البلاد خلال الشهور الثلاثة الأخيرة ليتم ضم هذه البيانات إلي الشكوي التي سبق أن تقدمت بها الغرفة إلي وزارة التجارة والصناعة والتي تطالب فيها بفرض رسوم حماية علي الحديد المستورد علي خلفية الأضرار التي سببها للصناعات المحلية وفقاً للغرفة وهو ما دفع منير فخري عبدالنور وزير التجارة والصناعة إلي الإعلان عن بدء تحقيقات جديدة حول ملف الحديد المستورد. كان جهاز مكافحة الدعم والاغراق التابع للوزارة قد أغلق ملف شكوي سابقة تقدمت بها الصناعة المحلية بعد أن أثبتت التحقيقات عدم تسبب واردات الحديد لأضرار للصناعة المحلية وتم إلغاء رسم الحماية الذي سبق فرضه علي هذه الواردات. من جانبهم نفي كل من مستوردي الحديد وغرفة البناء والتشييد باتحاد الغرف الصناعية وجود زيادات كبيرة في واردات الحديد أو تسببها في أضرار للصناعة المحلية مؤكدين ان كبار المنتجين يريدون احتكار السوق دون مراعاة لمصالح المستهلك المصري. الصناعة المحلية تتضرر وفيما يقول محمد حنفي المدير التنفيذي لغرفة الصناعات المعدنية ان النصف الأول من العام شهد استيراد نحو 5560 ألف طن فيما شهد الربع الثالث المنتهي في سبتمبر الفائت تطور في كمية الحديد المستورد والتي سجلت نحو 300 ألف طن. يقدر طارق عبدالعظيم رئيس شركة لتجارة مواد البناء "مستورد حديد" ان الكميات المستوردة لا تتجاوز نسبتها 7% أو 8% من الانتاج المحلي. ويحذر "حنفي" من الحديد الأوكراني الذي بدأ يجد طريقه للسوق المصري في أعقاب الصراع الأوكراني الروسي. مشيراً إلي أن الحديد الأوكراني تجاوز في كمياته الحديد التركي والصيني معللاً ذلك بانخفاض قيمة العملة الأوكرانية مما يجعله أكثر ربحية من النوعيات الأخري إلي جانب جودته. توقع حنفي أن تتجاوز الكميات المستوردة من الحديد بنهاية العام المليون طن لافتاً إلي ان ذلك كان له تأثيرات ضارة علي الصناعة المحلية حيث ان طن المستورد يقابله طن محلي يدخل المخازن وهو ما دفع المصانع الكبري إلي تخفيض طاقاتها الانتاجية إلي نحو 70% من الطاقة الفعلية لها فيما توقف نحو ثلاثة مصانع. عن الانتاج مؤقتاً لحين عودة الانضباط للسوق مشيراً إلي أن الغرفة أبلغت الوزارة بالمصانع التي توقفت. يشير حنفي إلي أن الفارق بين أسعار الحديد المحلي والمستورد تقدر بنحو 100 جنيه في الطن حيث تتراوح أسعار المحلي بين 4900 و4950 جنيها للطن في حين تتراوح أسعار الحديد المستورد بين 4800 و4850 جنيها. يؤكد طارق عبدالعظيم ان الفارق يصل إلي 200 جنيه للطن مشيراً إلي أن المصانع المحلية تسارع في زيادة أسعار منتجاتها من الحديد عند ارتفاع الأسعار العالمية للخامات مثلما حدث خلال النصف الأول من العام وعندما تراجعت الأسعار العالمية للخامات خلال الشهور الثلاثة الماضية ظل الحديد المحلي علي ارتفاعه ولم يشهد أي تراجع في الأسعار وهو ما يتيح الفرصة لتواجد الحديد المستورد. مؤكداً ان المصانع المحلية وراء وجود الحديد المستورد في السوق بسبب تمسكها بتحقيق هوامش ربح عالية وحرصها علي الانفراد بالسوق في نفس الوقت. يشكك عبدالعظيم في وجود مخزون لدي الشركات مؤكداً ان وجود المخزون يدفع المصانع إلي تخفيض أسعارها ولم يحدث ذلك. فضلاً عن ان استهلاك الحديد حقق قفزة كبيرة خلال الشهورالأخيرة ويكشف عن ان عدداً من شركات "بشاي والجارحي والمصريين" باعت طن الحديد بسعر 4038 جنيها بدون ضريبة وبعد إضافة الضريبة يصبح السعر نحو 4400 جنيه في حين تبيع هذه الشركات الحديد للمستهلك العادي بأسعار تتراوح بين 4800 و4900 جنيه. مجلس أعلي للصلب يري خالد البوريني نائب رئيس غرفة الصناعات المعدنية السابق وأول من قام بإدخال الحديد المستورد للسوق المصري. ان عدد من كبار المصنعين يسيطرون علي السوق المحلي الذي يعاني من مشكلة التسعير الخاطيء في ظل غياب الشفافية. يشير إلي مقترح سبق أن تقدم به لوزارة التجارة والصناعة لضبط سوق الحديد وهو إنشاء مجلس أعلي للصلب يقوم بعدة مهام أهمها تحديد هامش ربح من واقع التكلفة الحقيقية وإحكام حلقات التوزيع وتنظيم عمليات استيراد الحديد وفق مؤشرات التنمية التي تحدد الفجوة بين الانتاج والاستهلاك إلي جانب تحديد النمو في استهلاك السوق المحلي وبحث مشاكل الصناعة المحلية والمصانع المتعثرة ومن شأن ذلك الحفاظ علي المنتج المحلي من ناحية وعلي النقد الأجنبي من ناحية أخري لافتاً إلي أن هذا المجلس معمول به في بعض الدول العربية مثل الأردن. ورغم ان البوريني يري ان الاستيراد سلاح ذو حدين إلا أنه يؤكد أهمية وجوده إلي جانب المنتج المحلي "كرمانة ميزان" لصالح المستهلك وضبط السوق. بدوره يؤكد أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية ان المصانع تقدمت بالعديد من الشكاوي خلال الفترة الأخيرة وعندما نجحت جهودها في فرض رسم حماية علي الحديد المستورد في ديسمبر 2012 قامت بزيادات متتالية لأسعارها في ظل احتكار السوق وخلوه من الحديد المستورد وعندما انتهت التحقيقات إلي عدم وجود ممارسات ضارة بالصناعة المحلية وتم إلغاء رسم الحماية قام المستوردون باسترداد ما قاموا بدفعه طوال عام كامل في حين لم يسترد المستهلك فارق الأسعار التي ارتفعت في ظل الحماية. وقدر الزيني فارق الأسعار الذي تحمله المستهلكون بنحو 4 مليارات جنيه. مصلحة المستهلك يؤكد "الزيني" ان المصانع المحلية يمكنها الحديد من كميات الحديد المستورد إذا تماشت أسعارها مع الأسعار العالمية مدللاً علي ذلك بأن الشهور الأولي من العام الحالي كان حجم الواردات من الحديد قليل بسبب اقتراب الأسعار المحلية من الأسعار العالمية مشيراً إلي أن الفارق الآن يصل بين المحلي والمستورد إلي نحو 200 جنيه للطن ومن الطبيعي أن يبحث المستهلك عن مصلحته من خلال شراء الأرخص طالما ان الجودة واحدة أو متقاربة.