د. عماد جاد نائب رئيس مركز الأبحاث السياسية والاستراتيجية شخصية سياسية تمتلك رؤية وفكراً لابد ان تحترمه حتي لو اختلفت معه فهو يتعامل بمنطق وعقلانيه تجاه كل قضايا الوطن لديه إيمان شديد بإعلاء المصلحة الوطنية فوق كل شئ من أجل الحفاظ علي مصر. "المساء الأسبوعية" التقت به وناقشت معه العديد من القضايا والموضوعات حول علاقات مصر وسياستها الخارجية والحرب ضد الارهاب والوضع السياسي والانتخابات البرلمانية القادمة. * أكد الرئيس السيسي ان ما يمر به واقعنا الإقليمي يعد دليلاً علي أهمية ان نحصن أنفسنا كمصريين ببناء معنوي وإنساني يحمي مجتمعنا من أية محاولات لتقسيمه.. كيف ترون السبيل نحو تحقيق الهدف؟ ** مما لا شك فيه ان الواقع الإقليمي يفرض علينا تحديات ضخمة لأن مصر هي الصخرة التي تحطمت عليها المخططات الأمريكية بمشاركة ودعم أطراف عربية وإقليمية. وإذا نظرنا لحدودنا سنجد ان الشمال الشرقي وما يحدث في غزة من أوضاع ملتهبة كما انهارت الهدنة المؤقتة وهذه الحدود طولها 216 كيلو متراً وعلينا قيود في نشر قواتنا منها 14 كيلو متراً مع غزة فيها 1500 نفق وأكثر من 200 كيلو متر مع إسرائيل يؤمنها 750 جندياً من حرس الحدود وفقاً لمعاهدة السلام ولا يخفي علي أحد انه من خلال هذه الحدود تتم عمليات التهريب بداية من السلاح والمخدرات وانتهاء بالبشر أما حدودنا الجنوبية حوالي 1000 كيلو متر مع السودان والنظام الحاكم تابع لجماعة الإخوان وبالتالي يحتضن الارهابين ويهرب السلاح. ثم حدودنا الغربية مع ليبيا حوالي 1200 كيلو وكلنا يعلم الأوضاع السيئة نتيجة غياب الدولة وحالياً تصنف دولة فاشلة. ونتيجة ذلك انتشرت الجماعات الإرهابية والمتطرفة ولديهم علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين وإذا نظرنا للشمال الشرقي نجد أن الصورة ليست أفضل فما يحدث في سوريا والعراق وانتشار لجبهة النصرة وداعش كل هذه الصورة تؤكد ان مصر محاطة بمخاطر من هذه الجهات كما اننا الدولة التي استطاعت بثورة 30 يونيو اسقاط مخطط الفرقة والتقسيم وبالطبع الجيش المصري هدف لهذه الجماعات ولدينا عدو داخلي وخارجي وبفضل التلاحم والقدرات الأمنية من جيش وشرطة استطعنا التصدي لكل محاولات الإرهاب والدمار التي قام بها أعضاء الإرهابيين.. لكن مع هذه الصورة بكل صعوبتها تظل حالة الدعم الكبير والمساندة الذي يحظي بها النظام بعد 30 يونيو هي العاصم الرئيسي والشعب لديه استعداد لتحمل الصعوبات من أجل انجاح ثورته وتجربته الديمقراطية وينبغي علينا ان نعي جيداً ان المخاطر الإقليمية في منتهي الخطورة وجيشنا يخوض حرباً ليس لحمايتنا فقط بل لحماية العالم العربي والهوية العربية وكذلك لافشال كل المخططات التي تهدف لاضعافنا. والحفاظ علي الكيانات الكبيرة في المنطقة لأن الاخوان كل هدفهم تفتيت هذه الكيانات لتسقط منطقتنا العربية بأكملها لكن المؤكد ان لدينا القدرة علي مواجهة المخاطر والجيش لديه اصرار علي منع تسلل الارهاب من الحدود المصرية. لقد تربت أجيال علي انه لا شئ اسمه أرض مقدسة أو وطن مقدس ومن ثم كان ما كان من أعمال قتل وتخريب حتي هذه اللحظة من أعضائها والموالين لها. وأي شخص يتحدث عن ضرورة مساندة هؤلاء المنشقين لابد ان يتوقف فوراً فلم يعد هناك مجال للمصالحة أو الاندماج ولا قيمة لأي كلام يدور في هذا السياق. مكافحة الإرهاب * يطالب البعض بضرورة وجود مؤسسة عربية تعمل لمكافحة الإرهاب وحماية الشباب العربي من التطرف ومخاطر الجماعات الإرهابية؟ ** نحن باحتياج لعمل إقليمي مشترك نتيجة تنامي التحديات التي تشهدها المنطقة لمواجهة الارهاب بكل صوره ومخاطره لابد من تعاون الدول العربية التي لديها اتفاق في وجهات النظر تجاه هذه القضية الشائكة لابد من تعاون مصري سعودي اماراتي بحريني هذه هي البذرة الأساسية لمؤسسة عربية إقليمية تتولي القيام بهذه المهمة بكل تحدياتها واعتقد انه مع توافر جميع الامكانات التكنولوجية والبشرية والمادية والعسكرية سوف نستطيع النجاح في حماية شبابنا ووطننا. وأري ا ن هناك رغبة حقيقية في العمل المشترك ودعم مصر ربما أكثر من الفترات السابقة فالخطر أصبح مشتركاً. العلاقات المصرية- الروسية * كيف ترون ردود الأفعال الدولية تجاه العلاقات المصرية- الروسية؟ ** بداية أريد ايضاح نقطة هامة وهي ان المنطقة بأسرها مع بداية الألفية الجديدة وصلت لكونها منطقة نفوذ أمريكي باستثناء سوريا وجنوب لبنان. ومصر إبان عهد مبارك كانت تؤمن بان 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا وبالتالي كانت حليفاً استراتيجياً لها والموقف الأمريكي السلبي كان واضحاً تجاه ثورة 30 يونيو بل كان مضاداً تماما ضد المصلحة الوطنية وإيقاف المساعدات العسكرية وبالطبع كان لابد من البحث عن علاقات وبديل آخر فكان التوجه نحو التعاون مع روسيا ولنا علاقات تعود لفترة الستينيات وبالتالي فهذه الزيارة لها أهميتها البالغة ورسالة للعالم بان السياسة المصرية قادرة علي التعامل مع كل المستجدات والمتغيرات بقوة. ولأول مرة أيضاً تغير الموقف الخليجي متمثلاً في السعودية والامارات وبدأوا مستعدين للانفتاح علي روسيا وفتح مجال التعاون معها.. والاستقبال الحافل للرئيس السيسي له مدلول واضح أمام العالم ان هناك علاقة تنشأ وتتوطد باحترام متبادل لقد بدأنا مرحلة علاقات استراتيجية مبنية علي المصلحة المشتركة لقد فرضت معادلات الأمن القومي المصري ان تنوع مصر من اختياراتها السياسية في هذا العالم الجديد وكل هذا دفع الإعلام الدولي ان يعترف بان مصر تسعي بقوة لحماية مصالحها الوطنية. * الملفات التي تناولتها الزيارة هل تفتح آفاقاً أكبر للتعاون في المرحلة المقبلة؟ ** لقد عكست المباحثات بين السيسي وبوتين وجود آفاق رحبة لدعم التعاون في مختلف المجالات خاصة التجاري والاقتصادي والاستثماري وستشهد المرحلة القادمة مشروعات في العديد من المجالات الزراعية والطاقة النووية والتكنولوجيا إلي جانب المساعدات العسكرية. مصر وأمريكا * كيف تصف العلاقات بين مصر والولايات المتحدة في ظل بعض التصريحات التي تخرج بين الحين والآخر من بعض المسئولين الأمريكيين توجه الانتقادات لمصر؟ ** مصر دائما حريصة في علاقاتها بما يحقق مصالحها ودون المساس بارادة شعبها مصر تحررت من النفوذ ولم تعد المساعدات تشكل عقبة أمامنا وهي بالدرجة الأولي تصب في تحقيق مصالحهم لقد أصبحنا قادرين علي التعامل مع التحديات والتغلب عليها بفضل ارادة الشعب ووعيه ودعمه لقيادته السياسية التي تمتلك المقدرة علي بلورة سياسات تخدم المصالح المصرية. لقاء الرئيس والبابا * ما رأيكم فيما أعلنه الرئيس بعد لقاء البابا تواضروس ورؤساء الطوائف المسيحية بأن شواغل المسيحيين ستكون محل اهتمام الدولة؟ ** كلنا يعي جيداً حكمة وإيمان الرئيس في الحفاظ علي أبناء الوطن وتلاحمهم من أجل حماية وطنهم وهي الدافع للتأكيد علي هذا النهج الوطني. كذلك البابا تواضروس منذ توليه مقاليد الكنسية قدم مصلحة الوطن علي كل شئ ولا ننسي مقولته إننا نستطيع ان نعبد الله في وطن بلا كنيسة لكن لا نستطيع ان نعبد الله في كنائس بلا وطن. وهناك تأكيدات بأن الأولويات ستكون لإعادة بناء دور العبادة التي تهدمت وهو ما يؤكد حرص القيادة علي معالجة كافة المشاكل والأوجاع وبناء علاقة صحية ترتقي بكل أبناء الشعب بلا تفرقة أو تمييز. الخطاب الديني * دائماً ما يحرص الرئيس السيسي علي التأكيد علي أهمية تصويب الخطاب الديني فهل تري أن العبء يقع فقط علي الأزهر والكنيسة؟ ** الأزهر والكنيسة يؤديان دورهما بوطنية ويقومان بجهد كبير في هذا المجال لنشر قيم الاعتدال والتسامح ومواجهة الأفكار المتطرفة التي تهدد نسيج المجتمع الواحد وتحض علي الكراهية ونبذ الآخر ولا يخفي علي أحد ان النجاح مرهون بتعاون مشترك من الجهات الأخري مثل التعليم والإعلام والثقافة والأسرة فلابد ان يحرص الجميع علي التصدي لاستغلال الخطاب الديني كسلاح لجذب العناصر التي يمكن استقطابها إلي الجماعات المتطرفة. تقارير هيومان رايتس * ما جاء في تقرير هيومان رايتس هل يعني أننا أخفقنا في إيضاح الحقائق أو التواصل مع بعض المنظمات والدول الغربية؟ ** عادة معظم المنظمات الدولية العاملة في هذا الشأن تخضع للنفوذ الأمريكي وبالتالي ليس تقصيراً من الجانب المصري ومن يريد ان يطلع علي الحقائق فكل شيء مسجل صوتاً وصورة ومتاح أمام الجميع وليس لدينا ما نخافه أو نخفيه لكن المشكلة في وجود أطراف لا تريد إظهار الحقائق أو الاعتراف بها وحتي هذه اللحظة هناك تواصل بين الجانب الأمريكي والبريطاني مع الجماعة ولم يتم إدراجها كمنظمة ارهابية. * هل يشكل عدم الاعتراف بها منظمة ارهابية خطراً؟ ** علينا التعامل بيقظة فهذه المنظمة الارهابية مصدر خطر ليس علينا فقط بل علي المنطقة ككل وهنا أود الاشارة إلي أمر ايجابي وهو رفع حظر النشر عن قضية التخابر الخاصة بالرئيس المعزول مرسي حتي يعرف الرأي العام ما حدث من أفعال وممارسات كانت تتم لهدم وتفتيت الدولة المصرية. الجماعات المنشقة * ذكرتم أن الجماعة غرست في نفوس أعضائها مجموعة من الأفكار ان ولاءهم للتنظيم العابر للحدود ما رأيكم في الجماعات المنشقة والتي تطالب من وقت لآخر بالاندماج والمصالحة؟ ** لا مشاعر تربط هؤلاء الذين تربوا في أحضان الجماعة بالوطن وهذه الجماعة في أي مكان وزمان تقدم مصلحتها علي أي مصالح أخري وليس مستغرباً قيامهم بتهريب أسرار البلاد وخطط تسليح الجيش إلي قطر وتركيا لأن مصلحة التنظيم لديهم تقتضي ذلك ومن قال من قبل "طظ في مصر" ليس لديه أي ولاء ولا انتماء لقد عبروا عن أفكارهم بوضوح واكتشف الجميع حقيقتهم وهذا الفكر أيضاً يجعل حركة حماس تترك الشعب في غزة يواجه مصيره وتقف ضد المبادرة المصرية ولديهم استعداد للتضحية بالضفة الغربية مقابل إقامة الإمارة الاسلامية بغزة. الأداء الحكومي * ما تقييمكم لأداء الحكومة في ظل تصاعد موجات الغضب من أزمة الكهرباء؟ ** أزمة الكهرباء أسبابها معروفة محطات متهالكة إلي جانب نقص الوقود ولا يجب ان نغفل أيضاً أعمال التخريب التي طالت الأبراج حوالي 270 برجاً فهناك عناصر إخوانية مازالت موجودة بداخل بعض الأجهزة الحكومية وبالطبع تعمل ضد الدولة وتريد إفشال خطواتها التي بدأتها نحو استحقاقات خارطة الطريق. ولابد ان نعترف ان التركة ثقيلة وهناك تحديات جمة تواجهها هذه الحكومة ولا ننسي أنه خلال الشهور الماضية بذلت جهوداً مضنية لاستعادة الأمن ومواجهة كل الأعمال التدميرية التي قام بها أعضاء الإرهابية وهذه خطوة وبادرة طيبة تؤكد اننا نمضي علي الطريق الصحيح علينا الصبر ومواجهة الأزمات المتراكمة مع ضرورة المكاشفة والمصارحة من جانب المسئولين بالحلول والخطط كأننا شركاء في بناء الوطن. البرلمان القادم * كيف ترون البرلمان القادم في ظل تعدد الأحزاب وفشل التحالفات؟ ** كثرة الأحزاب السياسية جاء نتيجة الثورة ولدينا تجربة شرق ووسط أوروبا بعد 89 عشرات الأحزاب نحن لدينا حوالي 90 حزباً.. تجارب العالم الديمقراطي المماثلة تشير إلي أنه بعد مرور من 4 إلي 8 سنوات من اندلاع الثورة تنخفض عدد الأحزاب بشكل كبير أعتقد أننا نسير علي هذا الطريق ولكن مشكلتنا الحقيقة في عدم نضج الأحزاب والنخب الموجودة في بعضها من زمن الاستبداد وبالتالي أعتقد ان البرلمان القادم لن يكون برلماناً حزبياً بمعني ان المستقلين ستكون نسبتهم أعلي من المنتمين للأحزاب ولن يكون لدينا حزب أغلبية أو أكثرية أتصور أن الحزب الأول لن يأتي إلا ب 20% وأتمني ان يكون هناك تدقيق وحسن اختيار للعناصر التي تعمل من أجل خدمة البلد لأن 80% ستكون للفردي. الإعلام والفوضي * ما تقييمكم للإعلام المصري والمطالبات بإعادة التنظيم وضرورة اصدار ميثاق الشرف الإعلامي؟ ** ما يحدث في حقل الإعلام هو انعكاس للحالة العامة الموجودة في المجتمع من انغلاق إلي انفتاح به شيء من الفوضي دليل وجود بعض القنوات بدون تراخيص وبالتالي أشخاص غير مؤهلين أو أكفاء وهناك أشخاص لم يفرقوا بين الإعلامي أو المناضل مما خلق حالة من الاضطراب والفوضي آن الأوان لتنظيمها وميثاق الشرف أمر أخلاقي ولكن لابد من وضع الأساس وهو التشريع القانوني الذي يضع الضوابط التي تعيد الانضباط وتضع الممارسة المهنية علي الطريق الصحيح فالحرية لابد أن تكون ملتزمة ومسئولة. دعم مصر * قريباً سيتم عقد مؤتمر دعم مصر كيف يمكن ان نحقق الطموحات والأهداف التنموية التي نسعي إليها؟ ** هذا المؤتمر هو رسالة واضحة يؤكد ان الدعم والمساندة الخليجية من الجانب السعودي والإماراتي خطوة عملية لتعزيز ودفع عجلة الاقتصاد المصري خلال المرحلة القادمة ويجب ان نستعد بطرح مجموعة من المشروعات والأقكار التي من الممكن ان نتعاون مع الدول الصديقة في تنفيذها بما يحقق مصالح جميع الأطراف.