في كلمات قوية وواضحة، أكد الرئيس حسني مبارك أن أمن مصر القومى يمثل أولوية قصوى أمس واليوم وغدا وبعد غد فهو قضية وطن وشعب ووجود ومصير، وأضاف الرئيس أن مصر دولة فاعلة فى محيطها الإقليمى، ومؤثرة فى الإطار الدولى الأوسع لاعتبارات الدور والتاريخ والجغرافيا واعتبارات أخرى عديدة. وقال إن مصر تمارس دورها فى بيئة إقليمية ودولية مليئة بالأزمات والمتغيرات والمشكلات والتحديات ، وتتحرك لحماية أمنها القومى بمفهومه الإستراتيجى الشامل وعلى كل دوائره العربية والإفريقية والمتوسطية وبكل أبعاده بما فى ذلك ما يتعلق بأمن إمدادات المياه وأمن الطاقة والأمن الغذائى. وأشار الرئيس مبارك فى حواره الشامل ل "مجلة الشرطة" إلي أن تحديات الأمن القومى عديدة ومتشعبة لكننا لا نغفل عنها للحظة ونتعامل معها بتحرك فاعل ونشط نكشف عن بعض جوانبه ولا نكشف عن البعض الآخر. وأوضح أن الذين يروّجون لوجود اضطهاد دينى فى مصر ، يصدرون وينشرون تقارير لا تستند إلى حقائق، وإنما إلى أكاذيب وأضاليل وشائعات دون سند أو دليل. أضاف أن الدولة مسئولة عن التصدى لمحاولات المساس بالوحدة الوطنية ولن تتهاون فى تطبيق القانون على الجميع بكل الحسم ودون تردد، هذا فضلا عن مسئوليتها فى تعزيز مبدأ المواطنة قولا وعملا وتطبيقا وعلى المستويين التشريعى والتنفيذى فالدين لله والوطن للجميع. وأكد الرئيس مبارك أنه سيظل مع التعددية الحزبية وتدعيم ممارستها، ومع تطوير أطر العمل السياسى وتوسيع دائرة المشاركة السياسية لكل الأحزاب ، وأدعوها لتطوير هياكلها وبرامجها وإلى دمج أجيال مصرية جديدة من شبابنا تفتح أمامهم الأبواب وتتيح لهم الفرص. وأوضح أنه ليست هناك ازدواجية فى مواقف مصر ، وسياستنا لم تكن يوما بوجهين ولن تكون، فليست لدينا أجندات خفية وتلك هى شخصية مصر القائمة على الصراحة والوضوح فى اتصالاتها الإقليمية والدولية. وأكد أنه لا يستطيع أحد أن يزايد على موقف مصر من الإرهاب ، فقد قدمت مصر فى مواجهتها معه العديد من التضحيات ، وشهداء وجرحى من رجال أمنها الأوفياء كما أنها استبقت الجميع بتقديم تصور متكامل لمواجهته منذ سنوات الثمانينيات ، مقترحة عقد قمة دولية، تتصدى لأبعاد ظاهرة الإرهاب المختلفة. وأضاف أن السودان يمثل البعد الجنوبى لأمن مصر القومى وتربطنا به علاقات تاريخية وثيقة مع أبنائه فى الشمال والجنوب ، وهناك حرص متبادل على تعميق وتطوير كل صيغ التعاون سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وستظل مصر حريصة على دعم علاقاتها وتعاونها مع الشمال والجنوب وعلى أمن واستقرار الأشقاء فى الخرطوم وجوبا . وأكد أن مصر تحترم إرادة الشعب التونسى وخياراته ، الشعب المصرى يحمل مشاعر الود و الاعتزاز لشعب تونس الشقيق ، وكل ما نتمناه هو أن تعبر تونس هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها فى أسرع وقت وأن تستعيد الهدوء والاستقرار ، تحقيقا لتطلع شعبها للديمقراطية والتنمية والتقدم . وفيما يلي نص الحوار مع مجلة الشرطة: . سيادة الرئيس نلتقى بكم مجدّدا وقلوبنا عامرة بالحب والإخلاص والالتزام ، لطرح ما لدينا من أسئلة حول قضايا مصر ومنطقتها ، بفضل هذا التقليد الذى وضعته سيادتكم احتفاء بعيد الشرطة فى الخامس والعشرين من يناير فى كل عام ، مؤمنين بأن هذا اللقاء فرصة سنوية لتعزيز قدرتنا على أداء الرسالة الوطنية التى يحملها جهاز الشرطة المصرية على كاهله؟ الرئيس :أود فى البداية أن أهنئ جهاز الشرطة بعيده وأن أشد على أيدى قياداته وضباطه وصفه وجنوده إن أعيادنا الوطنية ليست مجرد أيام فى التاريخ تستحق أن نتوقف لاستعادتها والاحتفاء بها لما تحمله من أحداث وذكريات ، فقيمتها الحقيقية فى أنها علامات وطنية فى تاريخ مصر تضىء الطريق لأجيالنا الجديدة وتطرح أمام شبابنا نماذج لقيم الفداء وروح التضحية والبذل التى واكبت مسيرة مصر وشعبها ينطبق هذا تماما على يوم الخامس والعشرين من يناير فهو يوم برهنت فيه الشرطة المصرية على وطنيتها وصلابتها وانحيازها لشعبها ، حين اختارت أن تخوض معركة غير متكافئة مع قوات الاحتلال البريطانى ، وضحى رجال الشرطة بأرواحهم ودمائهم دفاعا عن كرامة الوطن لقد أسعدنى الاطلاع على موسوعة " الشرطة المصرية عبر التاريخ الوطنى "، فقد أثبتت بالوثائق أن الشرطة المصرية لم تنفصل يوما عن معارك مصر ، وأنها ظلت فى قلب العمل الوطنى فى أوقات الحرب والسلام وما تزال على إيمانها وعقيدتها ، تُحدّث قدراتها ، وتُعظّم جهودها ، وتُضاعف طاقتها وإمكاناتها ، وهى تحرس أمن وطن عريق يواجه أنماطا مستحدثة من أشكال الجريمة المنظمة والعديد من التحديات والتهديدات والمخاطر سيادة الرئيس يلاحظ المتابعون لأحاديث سيادتكم تأكيدكم المستمر على قضية الأمن القومى ، وهو ما يعنى أنكم تعطونها أولوية خاصة بين أولويات العمل الوطنى .. فكيف ترون الوضع الراهن للأمن القومى على مختلف دوائره ومحاوره ؟ الرئيس :أمن مصر القومى بمختلف هذه الدوائر والمحاور يمثل أولوية قصوى أمس واليوم وغدا وبعد الغد .. فهو قضية وطن وشعب ووجود ومصير ،مصر دولة فاعلة فى محيطها الإقليمى ، ومؤثرة فى الإطار الدولى الأوسع لاعتبارات الدور والتاريخ والجغرافيا واعتبارات أخرى عديدة مصر تمارس دورها فى بيئة إقليمية ودولية مليئة بالأزمات والمتغيرات والمشكلات والتحديات ، وتتحرك لحماية أمنها القومى بمفهومه الإستراتيجى الشامل وعلى كل دوائره العربية والإفريقية والمتوسطية وبكل أبعاده بما فى ذلك ما يتعلق بأمن إمدادات المياه وأمن الطاقة والأمن الغذائى نبذل أقصى جهودنا لتعزيز النظام الإقليمى العربى ، من أجل علاقات عربية -عربية متينة وراسخة ، فى وجه محاولات قوى إقليمية لشق الصف العربى ، وإضعاف العمل العربى المشترك ، والهيمنة على المنطقة العربية وهويتها ومقدراتها ما أريد أن أؤكده أننى عندما أتكلم عن الأمن القومى ، فلا أقصد بذلك فقط تأمين الحدود والدفاع عن الأرض المصرية ، فحدودنا مؤمنة بدرع قوية هى "جيش مصر" الذى يشكل الدعامة الأساسية فى حماية أمننا القومى ، وسيبقى إيماننا راسخا بأن حماية السلام لا تتحقق إلا بقوات مسلحة قوية وقادرة على ردع العدوان ، ولهذا ظل فى قلب أولوياتنا توفير أفضل الإمكانات لجيشنا تدريبا وتسليحا وعتادا هناك سعى محموم لاختراق جبهتنا الداخلية ، ومحاولات مستمرة للإرهاب لزعزعة الاستقرار آخرها ما حدث بالإسكندرية فى أول أيام العام الجديد، وهناك تحدى التطرف والجماعات السلفية التى تريد العودة بنا إلى الوراء ، وهناك الأزمات والصراعات بمنطقة الشرق الأوسط وتداعياتها على أمن الوطن.. ما بين تعثر جهود السلام، واستمرار محاولات ضرب الاستقرار فى العراق واليمن، والغيوم التى تتجمع فى سماء لبنان ، والتطورات فى السودان ، وهناك التصاعد فى المواجهة بين الغرب وإيران بما تمثله من مخاطر على أمن الخليج والبحر الأحمر وكلاهما جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومى ، وهناك من يحاول الوقيعة بيننا وبين دول حوض النيل، وشق الصف بين مسلمينا وأقباطنا تحديات الأمن القومى عديدة ومتشعبة .. لكننا لا نغفل عنها للحظة ونتعامل معها بتحرك فاعل ونشط ،نكشف عن بعض جوانبه ،ولا نكشف عن البعض الآخر سيادة الرئيس..كثر الحديث عن الاحتقان الطائفى ومحاولات ضرب الوحدة الوطنية وترددت أصوات فى بعض دوائر السياسة والإعلام بعد الاعتداء الإرهابى فى الإسكندرية تدعو لحماية الأقباط وتزعم وجود اضطهاد دينى فى مصر .. كيف تنظرون سيادتكم إلى ذلك ؟ الرئيس :الذين يدعون ذلك إما أنهم يجهلون طبيعة مصر وخصوصية شعبها ، فيتحدثون بسوء فهم ، وإما أنهم يعمدون إلى إشاعة هذا الزعم المغلوط فيتحدثون بسوء نية تنفيذا لمخططاتهم الذى لا شك فيه هو أن مصر مستهدفة بمسلميها وأقباطها وهناك من يحاول ضرب الوحدة الوطنية لشعبنا الذين يروّجون لوجود اضطهاد دينى فى مصر ، يصدرون وينشرون تقارير لا تستند إلى حقائق ، وإنما إلى أكاذيب وأضاليل وشائعات دون سند أو دليل نعم .. هناك من يروج للطائفية ، ولكنها ليست نبتا طبيعيا للبيئة والثقافة المصرية ، وتأتى على خلاف مشاعر وقناعات الغالب الأعم من المسلمين والأقباط ، ومظاهر ذلك واضحة فى كل أنشطة الحياة الاجتماعية اليومية ، وهذا ليس أمرا مستجدا، وإنما هو تراث وطنى راسخ للعيش المشترك الآمن يمتد لقرون طويلة هناك بالتأكيد تجاوزات طائشة مرفوضة من الجانبين ، تحاول أن تشعل الفتنة هنا أو هناك ، وهناك بالتأكيد عقول متعصبة ومتطرفة على الجانبين، تحاول أن تفتعل الأزمات ، وهناك – أيضا– خارج الحدود من لا يريد لمصر خيرا ، ويسعى إلى اختراقها ، وزرع الفتنة بين جناحى نسيجها الوطنى الواحد ، سعيا لزعزعة وحدتها الوطنية والنيل من استقرارها أنا على اقتناع بأن هذه المحاولات أيا كانت أدواتها أو أساليبها وأيا كان المخططون لها ومنفذوها لن تستطيع أن تحقق أهدافها ومكائدها لأن المصريين هم أكثر الشعوب اعتصاما بوحدتهم الوطنية فى وجه المخاطر والتهديدات ، ويدركون أن هذه الحقيقة تشكل مصدر قوتهم عبر التاريخ الدولة مسئولة عن التصدى لمحاولات المساس بالوحدة الوطنية ، ولن تتهاون فى تطبيق القانون على الجميع بكل الحسم ودون تردد هذا فضلا عن مسئوليتها فى تعزيز مبدأ المواطنة قولا وعملا وتطبيقا وعلى المستويين التشريعى والتنفيذى فالدين لله والوطن للجميع والمساواة فى الحقوق والواجبات مكفولة بأحكام الدستور والقانون بين كل المصريين -مسلمين كانوا أو أقباطا- وكل حق يقابله واجب وكل حرية تقابلها مسئولية دور ومسئولية الدولة لابد أن يصاحبه دور ومسئولية من جانب العقلاء والمثقفين والكتاب ورجال الدين من الجانبين وعمل دءوب ومنظم عبر كل أجهزة الإعلام والثقافة والتعليم وغيرها ، وهو واجب ومسئولية وفريضة وطنية لا تحتمل الانتظار أو التأجيل سيادة الرئيس.. فى ضوء الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما حققته أحزاب المعارضة المصرية من نتائج ، وما أفرزته من ردود أفعال ، كيف ترى سيادتكم تأثير ذلك على مفهوم التعددية وحياتنا السياسية بوجه عام ؟ الرئيس : لقد قلت وأؤكد من جديد أننى كنت أتمنى من موقعى كرئيس للجمهورية أن تحقق أحزاب المعارضة حضورا أكبر داخل البرلمان ، وقلت إن المشاركة، لا المقاطعة هى الطريق الصحيح لاستكمال أركان الديمقراطية وترسيخها ، وهى السبيل لتقوية الأحزاب وتطوير أدائها وتدعيم فاعليتها فى المجتمع أؤكد مرة أخرى أن أحزاب المعارضة هى جزء من حياتنا السياسية ، ولا شك عندى فى أنها جميعها تستهدف مصالح الوطن رغم تعدد رؤاها لما يحقق ذلك من سياسات وبرامج وهذا التعدد هو أساس التعددية كهدف نشجعه ونسعى إليه على طريق تجربتنا الديمقراطية سأظل مع التعددية الحزبية وتدعيم ممارستها، ومع تطوير أطر العمل السياسى وتوسيع دائرة المشاركة السياسية لكل الأحزاب ، وأدعوها لتطوير هياكلها وبرامجها وإلى دمج أجيال مصرية جديدة من شبابنا تفتح أمامهم الأبواب وتتيح لهم الفرص، كما أدعوها للتواصل مع الناس فى الشارع المصرى والتعامل مع همومهم وتطلعاتهم فالشعب هو مصدر الشرعية والسلطات وعلى كل من يشتغل بالعمل السياسى أن يحترم إرادته باعتباره الفيصل والحكم سيادة الرئيس.. لقد تحول موقع " ويكيليكس" إلى ظاهرة ، فقد تدفقت الوثائق واحتلت الموقع الأول فى اهتمامات الرأى العام العالمى ، ومعها تعددت الآراء والتقييمات ووجهات النظر.. فما الزاوية الصحيحة فى تقديركم لرؤية ذلك ؟ الرئيس : ما يهمنا هو ما أثبتته هذه التسريبات من صدق مواقفنا فليس لدينا ما نخفيه أو نخشاه وما نقوله فى العلن هو ما نقوله وراء الأبواب المغلقة.. ليست هناك ازدواجية فى مواقف مصر ، وسياستنا لم تكن يوما بوجهين ولن تكون ليست لدينا أجندات خفية وتلك هى شخصية مصر القائمة على الصراحة والوضوح فى اتصالاتها الإقليمية والدولية سيادة الرئيس..ما الذى ترصدونه سيادتكم من ظواهر وتحديات تواجه الاستقرار والنظام الدولى ؟ الرئيس :إننا أمام عالم يواجه أزمات وتحديات وصراعات وأشكالا جديدة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود ، وجميعها تمثل تهديدا لاستقرار دول منطقتنا وتؤثر بشدة على النظام الدولى ، ويشكل الإرهاب أخطر هذه التحديات على المستوى الإقليمى والدولى لا يستطيع أحد أن يزايد على موقف مصر من الإرهاب ، فقد قدمت مصر فى مواجهتها معه العديد من التضحيات ، وشهداء وجرحى من رجال أمنها الأوفياء كما أنها استبقت الجميع بتقديم تصور متكامل لمواجهته منذ سنوات الثمانينيات ، مقترحة عقد قمة دولية، تتصدى لأبعاد ظاهرة الإرهاب المختلفة، ولقد أثبت الوقت وحصاد ما أطلق عليه " الحرب ضد الإرهاب "، صحة موقف مصر وصواب رؤيتها وحكمة قرارها ، فبعد سنوات طوال من هذه الحرب ، اتسعت رقعة الإرهاب ، وتطورت أساليبه وأدواته ، وزادت مخاطره وتهديداته ولم تعد أى دولة بمنأى عن ضرباته وشروره وبالإضافة إلى مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة هناك تحدى اضطراب النظام الدولى الراهن الأحادى القطبية ، واختلال التوازن المطلوب فى مؤسساته الاقتصادية والتجارية والمالية ، وأزماته المتتالية مثل أزمة الغذاء عام 2008 والأزمة المالية والاقتصادية العام التالى ، واتساع الفجوة بين الدول الغنية والنامية بما تمثله من تهديد للسلام الاجتماعى بالدول الفقيرة هذا فضلا عن القضايا العالقة مثل القضية الفلسطينية التى طال انتظارها لحل عادل والتى تؤجج الإحساس بالظلم ومشاعر اليأس والإحباط وتغذى الإرهاب والتطرف سيادة الرئيس.. وسط أعباء جسام بادرتم إلى عقد قمة مصغرة فى الخرطوم الشهر الماضى جمعت شريكى الحكم فى الشمال والجنوب ما هو تقييمكم للموقف بعد أن تم الاستفتاء ، وما هى رؤية مصر للمرحلة المقبلة فى تاريخ السودان ؟ الرئيس : لقد سعينا إلى أن تكون الأجواء إيجابية فى بحث مستقبل العلاقة بين شمال السودان وجنوبه قبل الاستفتاء وخلاله والفترة التى تليه ، فالقمة كانت معنية بتأكيد الروابط الأخوية بين الشمال والجنوب وضمان عدم العودة للمواجهة وإراقة الدماء أيا كانت نتيجة الاستفتاء وبالنسبة لنا فقد حرصنا على أن نمارس جهدا ودورا متوازنا للغاية فى كل القضايا العالقة بين الشمال والجنوب ، وهو دور وجهد استبق توقيع ( إطار ماشاكوس ) واتفاق نيفاشا " ، كما تواصل بعدهما وحتى الاستفتاء ، وسوف يتواصل خلال المرحلة الانتقالية المقبلة والمحددة بستة أشهر وفيما بعدها كان دافعنا هو الحرص على الشمال والجنوب منذ البداية دون إنحياز ودون افتئات على مصالح وحقوق أى من الطرفين ، كما كان غاية وقصد جهدنا هو أن يتم الاستفتاء بعيدا عن المواجهة والعنف ، وأن نحافظ على علاقة قوية ودائمة بين الشمال والجنوب ، تدعيما للثقة المتبادلة وحرصا على الراوبط والعلاقات بين أبناء السودان والحمد لله أن الاستفتاء قد مر فى سلام فيما عدا المواجهات المحدودة التى وقعت فى منطقة ( أبيى ) لقد قلنا منذ البداية إننا نعمل من أجل وحدة السودان ولأن يكون خيار الوحدة جاذبا عند إجراء الاستفتاء لم نكن لنعارض حق الجنوب فى تقرير المصير بعد أن اتفق عليه الجانبان فى اتفاق ( ماشاكوس ) الإطارى وبعد أن أكداه فى اتفاق ( نيفاشا ) لم نكن لنعارض هذا الحق وقد سبق لمصر أن منحته للسودان فاختار الاستقلال عنها عام 1956 ، ولم نكن لنستطيع أن نصادر إرادة شعب الجنوب فى البقاء داخل إطار السودان الموحد أو فى اختيار إطار سياسى مستقل ، وأكدنا أننا سنحترم ما تقرره هذه الإرادة مع تأمين العلاقة المستقبلية لشعب واحد ، حتى لو اختار جانب منه أن يشكل كيانا سياسيا مستقلا ، ولكنه فى كل الأحوال كيان مجاور ، بامتداد الأرض ومجرى النيل والتاريخ إن السودان يمثل البعد الجنوبى لأمن مصر القومى وتربطنا به علاقات تاريخية وثيقة مع أبنائه فى الشمال والجنوب ، وهناك حرص متبادل على تعميق وتطوير كل صيغ التعاون سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وستظل مصر حريصة على دعم علاقاتها وتعاونها مع الشمال والجنوب وعلى أمن واستقرار الأشقاء فى الخرطوم وجوبا سيادة الرئيس.. لا تزال التطورات الأخيرة فى تونس مثار اهتمام سياسى وإعلامى واسع النطاق بمنطقتنا العربية وخارجها ..فكيف ترون هذه التطورات ؟ وهل صحيح ما تردد عن توقف طائرة الرئيس السابق بن على بمطار شرم الشيخ ورفض مصر لجوءه إليها ؟ الرئيس : أبدأ بنفى الجزء الأخير من السؤال وحقيقة الأمر أننى أبلغت فور دخول الطائرة المجال الجوى المصرى ، وتم إبلاغى بأن الطائرة طلبت الإذن بعبور الأجواء المصرية دون أن تطلب ترخيصا بالهبوط فى أى من مطاراتنا واستمرت متابعة سلطات الطيران المدنى لعبور الطائرة إلى حين هبوطها بمطار ( جدة ) أعلنا منذ اليوم الأول أن مصر تحترم إرادة الشعب التونسى وخياراته ، الشعب المصرى يحمل مشاعر الود و الاعتزاز لشعب تونس الشقيق ، وكل ما نتمناه هو أن تعبر تونس هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها فى أسرع وقت وأن تستعيد الهدوء والاستقرار ، تحقيقا لتطلع شعبها للديمقراطية والتنمية والتقدم سيادة الرئيس.. باسم جهاز الشرطة ، نتوجه لسيادتكم بالشكر والامتنان على هذا الحديث وهذه الرؤية الشاملة وفى نهاية لقائنا هل لنا أن نطلب من سيادتكم توجيه كلمة خاصة إلى رجال الشرطة المصرية فى عيدهم ؟ الرئيس : بقدر ما تكون المسئولية يكون الالتزام ، وأقول لرجال الشرطة المصرية إنكم تضطلعون بإنفاذ القانون وبرهنتم دوما على شجاعتكم والتزامكم بأداء واجبكم ومسئوليتكم بصدق وأمانة وحس وطنى رفيع وفى مواجهة كل المخاطر والتحديات، لقد قدمتم شهداء من خيرة رجالكم فداء لمصر فى مواجهة الإرهاب ، وقدمتم شهداء آخرين فى تصديكم للجريمة بكل صورها وأشكالها.. يأتمنكم الوطن على جبهته الداخلية، ويأتمنكم أبناء الشعب على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم ، لكم جميعا مشاعر التقدير والاعتزاز، وكل عام وأنتم ومصر وشعبها بخير.