منذ عشرات السنين والمصريون يحلمون بمشروع قومي يجمعهم ويلتفون حوله لينهض بهذا البلد ويخرجهم من دائرة الفقر والعوز حتي جاءت اللحظة الحاسمة يوم الخامس من أغسطس الجاري ليعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن تدشين مشروع تنمية محور قناة السويس والبدء في حفر قناة سويس جديدة بسواعد وأموال المصريين حيث أعلن الرئيس أن حفر القناة الجديدة الذي يتكلف 29 مليار جنيه سيتم بتمويل مصري مائة في المائة. لقد تزامن الإعلان عن حفر قناة السويس الجديدة مع الذكري الثامنة والخمسين لتأميم قناة السويس بقرار من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.. وهي رسالة شديدة البلاغة لمن يريد أن يفهم.. وهي أن مصر ليست للبيع ولن تكون أبدًا للبيع وأنه إذا كان عبدالناصر أذهل العالم بقرار تأميم القناة فها هو الرئيس السيسي يذهل العالم مرة ثانية بمشروع وطني المصريون فيه هم أصحاب الكلمة وهم الممولون والمنفذون في نفس الوقت. شتان بين مشروع تنمية قناة السويس الذي أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسي وبين المشروع الإخواني الذي كان سيبيع أهم ممر مائي للملاحة التجارية في العالم مقابل الأموال القطرية والتركية ويجعل من تنمية الإقليم دولة داخل الدولة حيث كان المشروع الإخواني يمنح الرئيس المعزول محمد مرسي سلطات واسعة يعين ويقيل أعضاء مجلس إدارة هيئة تنمية القناة وقتما يشاء وحسبما يرغب مكتب الإرشاد.. فضلا عن أن المشروع الإخواني لم يكن يراعي اعتبارات الأمن القومي. لقد ظلت منطقة القناة عاجزة عن التنمية لعدة عقود نتيجة الحروب المصرية الإسرائيلية منذ عام 1956 وحتي نصر أكتوبر العظيم عام 1973 وفي أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات ظهرت مشاريع ودراسات لتنمية القناة ظلت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك حبيسة الأدراج لم تفكر أي من الحكومات المتعاقبة في تحريكها أو الاهتمام بها حتي عاد الحديث عنها أيام حكومة عصام شرف وهنا حاول الإخوان اختطاف هذا المشروع ونسبه إليهم تماما مثلما كانوا يحاولون اختطاف مصر!! انه لمشهد شديد البلاغة حين أمسك الرئيس السيسي الفأس بيده محاطا بأيدي أطفال مصر ليضرب أول ضربة لشق قناة السويس الجديدة وهذا هو ما عبر عنه في كلمته خلال الاحتفالية الكبري بالإسماعيلية حين قال "هنشيل بلدنا علي أكتافنا ومصر لن تنهض إلا بأبنائها" مطالبا كل المصريين بشراء أسهم القناة الجديدة حتي يشارك الجميع في تنمية وطنهم. إن قناة السويس الثانية ستنقل مصر بعد أقل من عام إلي دولة رائدة في مجال التجارة العالمية ومركزا صناعيا ولوجستيًا عالميا وسيزيد دخل القناة من 5 مليارات دولار إلي 13 مليار دولار فضلا عن توفير مليون فرصة عمل.. والأهم من كل ذلك هو خلق مجتمعات عمرانية جديدة في منطقة القناة وسيناء بعد أن ظلت تلك المناطق بلا تنمية حقيقية.. والأكثر أهمية هو قطع الطريق أمام إسرائيل وإحباط مشروعها الذي كان يهدف إلي سحب بساط التجارة العالمية من قناة السويس.. إن ما فعله السيسي حقًا "ضربة معلم".