انتهي شهر رمضان وانتهي معه ماراثون الدراما التليفزيونية الذي تنافس المؤلفون من خلاله هذا العام في ابراز أكبر كم من الجرائم بداية من النصب والسرقة مرورا بالدعارة والاتجار في المخدرات والسلاح والشعوذة وانتهاء بالقتل.. فما أن يتجول المشاهد بين محطات التليفزيون إلا ويفاجأ بمشهد لارتكاب جريمة ما وكأن مصر تحولت إلي بؤرة اجرام ولم يعد يوجد بين اهلها أي علاقات محبة أو تعاون كما كانت تظهر الدراما في السابق. قديما كنا نري في الفيلم الأبيض والأسود أو المسلسل أن أهل الحتة جميعهم متعاونون ويقفون مع البطل أكثر من الأقارب.. أما الآن فإن الغالب علي المسلسلات والافلام هو كيف ينتقم المصري من جاره أو صديقه أو زميله في العمل وكأن الدنيا اصبحت مليئة بالسواد في كل شيء.. حتي الاعلانات تزيد الطين بلة واصبحت هي الأخري تتسابق في استعطاف المشاهدين وحثهم علي التصدق والانفاق وكأنها تتسول منهم في مشاهد يندي لها الجبين سواء من خلال شخص يأكل من صناديق القمامة أو اطفال مصابون بالسرطان وغيرها مما يوجع القلب. كذلك الحكومة والشرطة والأطباء وغيرهم من اصحاب الرسائل النبيلة لم ينج أحد منهم هم الآخرون من مقصلة المؤلفين فقد شوهتهم مسلسلات هذا العام حيث شاهدنا الضابط والوزير والمسئول الكبير يتلقون رشاوي أو ينصبون من أجل الحصول علي المال أو الانتقام أو البحث عن المتعة الحرام مع نساء ساقطات وغير ذلك من هذه الصور السلبية التي اظهرتها الدراما علي أنها ظاهرة وليست حالات فردية استثنائية. الفن رسالة ورسالته أن يبرز الوجه المشرق للأمة وليس فقط التركيز علي المشاكل التي يعج بها المجتمع.. نحن لا ننكر أن هناك سلبيات لابد من ايجاد حلول لها ولكن علي النقيض نرفض تماما ان تكون مصر بهذه الصورة الفجة المشوهة التي تزرع الخوف والقلق في نفوس السياح وتبعدهم عن زيارة بلادنا. إن اعلام الغرب المسيس يحاول أن يشوه من صور دول الربيع العربي ويضعها في اطار العنف والإرهاق وعدم وجود الأمان نتيجة الثورات التي مرت بها.. وللأسف نحن بدورنا نساعد علي ذلك من خلال مسلسلاتنا المشوهة في تأكد تلك الصورة المغلوطة.. فالنساء ليست كلهن ساقطات ولا الأطباء مجرمون ولا ضباط الشرطة بلطجية ولا الحكومة فاسدة ومرتشية. ليت الرقابة علي المصنفات الفنية قبل أن تسمح بعرض أي مسلسل أن تبحث بروية واسلوب علمي مدي تأثيره علي البلاد من كافة الجوانب خاصة السياحة.. فالدراما في معظم الدول تركز علي الوجه الحضاري حتي تجذب المشاهدين وإذا ظهر مشهد سلبي يكون بالمقابل له مشهدان ايجابيان. إشارة حمراء خدعوك فقالوا إن مقررات التموين سوف تصرف كاملة في شهر رمضان.. وانتهي الشهر الكريم ولم يصرف أصحاب البطاقات إلا عينات من مستحقاتهم.. ليت وزير التموين يكف عن تصريحاته الوردية ويعيش مع الناس علي أرض الواقع.