في غفلة من الزمن ووسط ظروف الغياب الأمني التي تشهدها البلاد انتهبت في منطقة أسكوت بحي المنتزة عشرات العمارات السكنية فجأة.. تلك العمارات أقيمت علي أرض زراعية مغتصبة من أصحابها الذين قد لا يعلمون حتي الآن بجريمة الاغتصاب ليس هذا فقط بل انها معيبة "مائلة" ويتهددها خطر السقوط. نسبة الميل كما يقول المهندسون الاستشاريون تتراوح بين 10% و15% وذلك لأن المقاولين الذين قاموا ببنائها لم يراعوا الاشتراطات الهندسية المطلوبة.. من ثم فإن الميل واضح ويصل أحيانا إلي 40 سنتيمترا لأن الأرض المقام عليها المباني رخوة. أهالي المنطقة يبلغ عددهم 30 ألف نسمة تتهددهم المخاطر أو التشريد في أهون الأحوال لولا قدر الله وحصل مكروه. بعض أهالي المنطقة يشيرون إلي أن ما حدث ببساطة هو قيام بعض المقاولين بوضع أيديهم علي مساحات من الأراضي الزراعية تبلغ 70 فدانا مستغلين عدم وجود أصحابها واستغل آخرون الظروف الراهنة واشتروا قطع أراض برخص التراب. وقال خبراء هندسيون ان ما قام به هؤلاء المقاولون يعتبر جريمة لابد من معاقبتهم عليها.. لأن جميع المباني التي شيدوها لم تراع الشروط البنائية المعروفة نظرا لأن الطبيعة الزراعية للأرض طينية.. لا تصلح لأي أعمال بناء إلا بعد معالجات هندسية ودق خوازيق ميكانيكية بنسب معينة والمسافة لاتقل عن 30 مترا أسفل سطح الأرض. أوضحوا ان المباني علي الأراضي الرملية والصحراوية والطينية تختلف اختلافا كليا وجزئيا.. عن بعضها البعض.. في حالة البناء علي الأراضي الطينية لابد من عمل طبقات إحلال وتجديد للتربة.. وهذا الاحلال والتجديد وعمل المقايسات والمجسات والخوازيق الميكانيكية تتكلف مبالغ طائلة وهو ما لم يقم به المقاولون الذين قاموا بالبناء المباشر لأنهم يريدون تقليل المصاريف الخاصة بالبناء وانشاء المساكن بسرعة فائقة وبيع الوحدات السكنية والهروب من المسئولين. الغريب ان هذه البنايات العشوائية والتي أقيمت علي منطقة أسكوت شمال الطريق الدولي بمنطقة 45 تتبع وزارة الزراعة وقد تم شراؤها بعقود مسجلة بالجمعيات الزراعية وهناك آخرون تولوا بيعها بسعر 2000 جنيه للمتر بعد تقسيمها إلي قطع وشوارع.. وتم الاستيلاء علي هذه الأراضي في غيبة من أصحابها الذين يعيشون في محافظات أخري لاطمئنانهم لعقود ملكيتها. مهندس بمديرية زراعة الإسكندرية رفض ذكر اسمه اكد ل"المساء الأسبوعية" ان هذه المساحات الزراعية بتلك المنطقة ملك أشخاص بعقود مسجلة إلا ان مافيا الأراضي استولت عليها وتم تقطيعها وبيعها بالمتر للمقاولين الذين سارعوا بالبناء. قال المهندس انه تم الاكتفاء بتحرير محاضر لكل هذه العمارات لكنها محاضر علي الورق فقط. اللواء سعد عرفة - رئيس حي المنتزة - توعد بإزالة تلك العمارات ولو بعد 100 سنة علي حد قوله مشيرا إلي ان الحي غير مسئول عن توفير مساكن لهم لانهم عندما اشتروا هذه الوحدات كانوا يعلمون انها مخالفة وأن الأراضي غير مملوكة لمن باعوها. الأهالي والمزارعون بالمنطقة أبدوا استياءهم الشديد لاغتصاب كل هذه المساحات الزراعية. يقول بدوي علي - عامل - نحن في أشد الحاجة إلي كل شبر أرض زراعية مطالبا بمعاقبة لصوص هذه الأراضي الذين قاموا بالتشييد والبناء مستغلين حالة عدم الاستقرار للتربح دون النظر إلي المصلحة القومية. وتضيف غزالة عبدالقادر - عاملة - ان هذه الأراضي كانت الأجود لإنتاج الذرة والشعير والبطاطس وكانت تغطي نصف احتياجات سكان الإسكندرية. كما حسن - موظف - متوسط انتاجية الفدان من هذه الأراضي كانت تصل إلي 18 أردبا علي الأقل وبالنسبة للمحاصيل الأخري كان يصل الانتاج لأكثر من 10 أطنان طماطم في الزراعة الواحدة. ويتساءل المهندس رامي عاشور أين أصحاب هذه الأراضي؟ لقد سرقت منهم. ويجيب عادل عبدالشهيد محمد - عامل - فيقول: أعرف بعض أصحاب هذه الأراضي حيث قاموا ببيعها إلي مقاولين عديمي الضمير بمبالغ باهظة وقد وصل سعر ال300 متر لأكثر من 600 ألف جنيه وسعر الفدان من هذه الأراضي عندما قاموا بشرائها وصل ل40 ألف جنيه ولكن عملية التقسيم وصلت السعر ل8 ملايين جنيه. المهندس رزق ماجد يحذر من خطورة هذه المباني لميلها الشديد مؤكدا انه لو حدث هزة بسيطة ستقع كارثة في أقل من الثانية!! ويتساءل جورج عبدالشهيد أين سيذهب شاغلو هذه المساكن عند وقوع الكارثة؟ خاصة وليست هناك مساكن بديلة؟