الرئيس السيسى يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" للأبناء القصر للشهداء    سعر الحديد اليوم الأحد 15-6-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    الرقابة المالية تقرر مد مهلة توفيق أوضاع شركات التأمين لمدة عام    رئيس الوزراء: رؤيتنا للمستقبل ترتكز على الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص    الرئيس السيسى يؤكد لنظيره القبرصى رفض مصر التام توسيع دائرة الصراع بالمنطقة    العراق: نرفض بشدة اختراق أجوائنا فى الحرب الإيرانية الاسرائيلية ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    في نفس اليوم.. الشناوي يرسخ عقدته لسواريز بكأس العالم مع الأهلي والمنتخب    وزير التربية والتعليم يطمئن على الحالة الصحية لعدد من الملاحظين بعد تعرضهم لحادث سير بسوهاج.. ويوجه بالتنسيق مع المحافظة لتوفير سبل الرعاية لهم    وكيل الأزهر يشكل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    إحباط تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    محمد فضل شاكر يشارك شيرين عبد الوهاب حفل ختام مهرجان موازين    وزير الأوقاف: الإمام الليث بن سعد قامة علمية ووطنية ملهمة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    وزير التموين يتابع مخزون السلع الأساسية ويوجه بضمان التوريد والانضباط في التوزيع    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    رئيس قبرص: إيران طلبت منا نقل رسالة إلى نتنياهو بإنهاء الحرب    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    الداخلية تضبط 6 ملايين جنيه من تجار العملة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس مجلس النواب يحيل قرارات جمهورية ومشروعات قوانين للجان النوعية    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    الداخلية تواصل استخراج المستندات لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    9.5 مليار جنيه ل«مُربى البتلو»    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عجوز في البدروم
نشر في المساء يوم 23 - 06 - 2014

في أوائل هذا العام انتقلت وأسرتي إلي مسكن جديد وراعني تلك السيدة العجوز التي تتحامل علي نفسها وتصعد يومياً خمسة أدوار لتتولي مهمة تنظيفها.. في البداية ظننت أنها مسئولة عن أبناء أو أحفاد صغار تسعي علي احتياجاتهم.. لكن زوجتي أخبرتني أنها لم تلجأ إلي هذا العمل الشاق إلا لكي تضمن موافقة السكان علي أن تبيت آخر الليل في بدروم العمارة!!
وذات يوم وجدتها تطرق باب شقتي وكانت زوجتي في زيارة لاحفادها بالقاهرة.. جاءت العجوز تطلب مياهاً لكنني وبحكم طبيعتي الاجتماعية وحبي للناس أخذت أسألها عن أبنائها.. أجابتني: "كانت حياتي معهم جميلة يملؤها الود حتي مات الأب فالتقوا حولي حتي أنتهي من توزيع الارث عليهم ومن بينهم بيع الشقة التي أقيم فيها علي وعد منهم كعادة معظم الأبناء في مثل هذه الحالات بأن يتناوبوا رعايتي وإقامتي لديهم.
وتواصل العجوز كلامها وهي تحاول مغالبة دموعها باختصار بعد أن نالوا مرادهم علي داير مليم بدأوا في اعطائي الوجه الآخر.. فزوجة ابني الكبير كانت تنتظر خروجه من البيت لكي تذيقني من العذاب ألوانا بارغامي علي تنظيف المنزل وتهديدي بالطرد في حال ما أبلغت ابني بأي شئ حتي سقطت مريضة ودخلت المستشفي وبعد قليل خرجت علي بيت ابني الثاني فاستقبلتني زوجته شاكية من الغلاء ومطالب الأولاد.. فقلت لها: يكفيكم معاشي فردت: "مفيش مانع".. وذات مساء جاءني حفيدي ليسألني أحقاً أنت مجنونة "ياتيتة" ومصابة بمرض معدي!!.. كلمات زلزلتني ودفعتني إلي حمل حقيبتي والتوجه إلي بيت ابنتي التي ما أن رأتني حتي صاحت في وجهي "ياهلا.. ياهلا أخذوكي لحماً وألقوكي عظماً".. ثم.. ثم اصطحبتني من يدي لأقرب دار للمسنين لكن مديرة الدار حينما علمت أنها ابنتي "وبختها" بشدة ورفضت قبولي بحجة أن "العدد كامل".. هنا واصلت الطريق معي حتي بيت ابنتي الصغري التي وبكل سخرية راحت تقول: "كنت متوقعة مجيئك".. وعند أول ليلة فوجئت بها تفرش مرتبة وبطانية بجانب سرير الأولاد لأبيت عليها!!.
هنا لم تتمالك العجوز نفسها وأخذت تبكي في مرارة وهي تتذكر حفيدتها وهي تجذبها من يدها لتصعد بجانبها علي السرير ثم تذهب لتحتضنها وتعتذر لها عن تصرف أهلها ومضت الأيام وذات مساء وعند عودتها من الخارج وجدت البيت مغلقاً فطلبت من الحارس الاتصال بهم فأخبروه بأنهم عند شقيقهم الكبير لكن القلق ساورها وأصرت علي الذهاب إليهم فاستقلت سيارة تاكسي واتجهت إلي هناك لتجد من يخبرها بأن الجميع اتجهوا إلي جزيرة الورد.. حتي الأن لم تكن تعرف العجوز ماذا يحدث حتي قابلتها حفيدتها الحنون لتخبرها بأن كل شئ تمام وأن حموات أبنائها وبناتها كلهن بالداخل للاحتفال بعيد الأم.. وعندما حاولت الحفيدة تكريم جدتها بهدية بسيطة ثارت غضبة زوج ابنتها وبدلاً من أن تتنظر تدخلاً من إبنتها فوجئت بتماديها هي وزوجها في البطش بها.. وبعد أن كانت تبيت بجوار سرير حفيدتها قررا نقلها إلي غرفة الغسيل أعلي سطح العمارة وهو مالم تتحمله إبنتهما الرقيقة لتسقط مريضة.. أيام عصيبة عاشتها العجوز بين بيوت أولادها فلم تجد سبيلاً سوي الخروج بلا رجعة لتأتي إلي منطقتنا وتسكن عمارتنا.
وفي الحقيقة لم أنه كلامي معها قبل أن أطلب منها عناوين أبنائها جميعاً لعل وعسي يراجعون مواقفهم المؤسفة في حق أمهم فحصلت علي وعود مغلظة منهم بأنهم سيوفرون لها مسكناً بديلاً لكن لم يتحقق منها شيء لتظل المسكينة قابعة في البدروم بعد أن تنكر لها الجميع باستثناء الحفيدة التي أصابها الاكتئاب بسبب مالحق بجدتها علي يد أبيها وأمها!!
إنها ليست قصة من خيال.. بل واقع مرير تعيشه ساكنه البدروم منذ شهور طويلة ماجعلني أشعر أننا صرنا بحق في آخر الزمان ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الكابتن رضا حجازي المنصورة
**المحررة:
في الحقيقة لولا تواصلي المباشر مع الحالات التي يحملها إلي نافذتنا "الكابتن رضا" لظننت وليسامحني في ذلك أنها من محض خياله وبنات أفكاره حيث لا يمكن لأحد أن يتصور أن يصل جحود الأبناء تجاه أبويهم إلي هذه الدرجة من العقوق التي معها تحل لغة الأرقام محل البر والعطف بهم.
وبقدر الألم الذي يعتصرنا إزاء هذه الحالات.. بقدر ما أنني لا أستطيع اعفاءها كاملاً من المسئولية فقد شاركت العجوز بانصياعها التام لرغبات أولادها في توزيع الارث بما فيها الشقة التي تؤويها في وقوع المأساة في حين لو كانت قد تمسكت بأبسط حقوقها في العيش في بيتها ما تركت لأبنائها وزوجاتهم حرية التحكم فيها والتهرب من وعودهم لها بحس الرعاية والاهتمام مثلما تنكروا لوعدهم للكابتن "رضا" حين أكدوا له أنهم سيوفرون لها المسكن البديل ثم عاد ليجد العجوز قابعة بالبدروم.
وبعد لايبقي سوي التذكير بعاقبة العقوق التي يعجل الله بها في الدنيا قبل الآخرة باعتبارها كبيرة من الكبائر فأفيقوا أيها العاقون قبل فوات الأوان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.