أنا رجل علي مشارف الستين من العمر.. مطلق وأب لثلاثة أبناء بنتين وولد.. ومنذ سنوات قليلة أنهيت سنوات خدمتي بالحكومة لألحق بالمعاش المبكر نتيجة لإصابتي بمرض مزمن.. وفي الحقيقية من خلال متابعتي لنافذتكم وجدتني أستعيد قراءة الماضي لا من باب الخصم منه أو الإضافة أو من باب اجترار الآلام والذكريات المحبطة إنما من منطلق إسداء النصيحة لكل شاب أو فتاة ما يزالا في مرحلة البحث عن الطرف الآخر وهي نصيحة من كلمتين: "مهلاً عند الاختيار" تلك التي كنت بحاجة لسماعها حينما قررت الزواج وأنا في مقتبل الشباب فاخترت "الجميلة" دون أن يشغلني البحث عن أسلوب تفكيرها في الحياة وطموحاتها.. وبعد الزواج وقدوم الأبناء وجدتني أنظر إلي الدنيا بشكل آخر مقتديا بقوله صلوات الله عليه وسلامه "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" لذلك حرصت علي أن أمضي في تعليم أولادي لا فرق عندي بين البنت والولد حتي أعلي المراحل وحلمت لابنتي الكبري بكلية الطب.. والابنة الوسطي بالهندسة أما الولد "آخر العنقود" والذي رزقنا الله به بعد 9 سنوات فمازال يخطو في سلم التعليم من نجاح لنجاح وما كان له ذلك لولا أن عاش معي.. ولم ينتقل للإقامة مع أمه التي استحالت معيشتي معها ليس بسب عصبيتها وسخريتها مني فحسب بل لأسلوب تربيتها لابنتينا.. وطريقة تفكيرها حيث تري أن البنت ليس لها سوي البيت والزواج..!! لقد حاولت علي مدي العشرين عاما التي أمضيتها مع "أم أولادي" إقناعها بأن مستقبل البنت في تعليمها العالي وحدثتها عن أحلامي بالنسبة لابنتينا فلم أجد منها سوي السخرية والاستهزاء تلك اللهجة التي اعتدتها منها في كل مشكلة تقابلنا وما يصاحبها من شجار تُصم له الآذان.. حتي.. حتي وصلنا إلي طريق مسدود ليقع الطلاق.. ويمضي كل منا إلي حال سبيله هي معها الابنتان.. وأنا معي الولد. وحقًا عسي أن تكرهوا شيئا وفيه خير كثير.. فعلي الرغم من مرارة ابتعادي عن ابنتي بقدر سعادتي بوجود ابني الوحيد بجواري لأشمله بكل رعايتي وأحقق فيه ما عجزت عن تحقيقه لشقيقتيه اللتين لم تبلغا ما كنت أتمناه لهما.. فالكبري أنهت تعليمها الجامعي لكن تخرجت في التمريض وليس الطب كما كنت أحلم لها.. والصغري اكتفت بالدبلوم الصناعي وهي التي قدراتها تؤهلها للهندسة..!!و لقد دفعت بولدي إلي مصاف المتفوقين فجاء ترتيبه الثالث علي مستوي المحافظة في المرحلة الاعدادية وهو الآن يستعد لمواصلة نجاحه بالثانوية ليلتحق بالكلية التي أحلم معه بها.. "الطب". أما ابنتاي فقد سارتا وفق الخطة التي رسمتها والدتهما لهما ليس فقط بالنسبة للتعليم إنما في الزواج أيضا.. فالأولي أخفقت في زيجتها الأولي وعوضها الله في الثانية. أما الصغري فتزوجت من "صاحب صنعة"!! وكم كانت المفاجأة حينما جاءتني البنتان لتصارحاني بما ظلتا تكتمانه عني طوال فترة إقامتهما مع والدتهما عقب انفصالنا قالتا: لقد أخطأنا في حقك يا بابا وأدركنا بعد فوات الأوان كم كنت لا تبغي سوي مصلحتنا!و كلماتهما هزتني بعنف وجعلتني أمسك بالقلم وأكتب إليك متوجها لكل شاب مقبل علي الزواج لا تبحث عن الجميلة فقط.. فالجمال وحده لا يصنع حياة ناجحة.. كما أقول لكل زوجة متشبثة برأيها.. اقتربي أكثر من "أبوأولادك" ولا تجعلي العناد والسخرية هما "سيد الموقف" فأنتما في النهاية في مركب واحد.. والألم أيضا واحد.. ا.ا.ا الإسكندرية * المحررة: جميل أن نستخلص من تجاربنا في الحياة ما ينفع أن نقدمه نصيحة للآخرين.. ومن المؤكد انك لم تلجأ إلي الانفصال عن أم أولادك إلا بعد أن ضاقت مساحات التفاهم بينكما واتسعت دوائر الشجار والسخرية. وفي الحقيقة أن أم أولادك وإن تعجلت بعصبيتها وفارق الطموح في تمزيق جسد هذه الأسرة إلي نصفين إلا أنها حاولت قدر استطاعتها مواصلة تعليم البنتين وإن جاء أقل من طموحك لهما. وما لا أستطيع تبريره هو عدم اشراكك في مسألة زواج الابنتين مما أدي بالكبري أن تفشل في زيجتها الأولي وما جعل الصغري تتزوج بالأقل منها اجتماعيا.. ويكفيك ما أسرته إليك كل منهما وإدراكهما وإن جاء متأخرا بأن خلافاتك مع والدتهما ما كان سوي خلاف علي الأصلح والأنفع لكل فرد من أفراد الأسرة. أما مناشدتك للزوجات ألا يستبد بهن العناد خاصة ما يتعلق بأسلوب تربية الأبناء فهي مناشدة أري توجيهها للطرفين معا الزوج والزوجة: "قليل من التنازل من أجل الأبناء الذين يستحقون منا كل التضحية حتي يمضي المركب بالجميع ولا يتخلف منه أحد".