بعد التعيين بالشيوخ، النواب يوافق على استقالة 4 نواب ويعلن خلو مقاعدهم    ارتفاع أسعار الذهب في مصر بقيمة 70 جنيهًا    وزير الخارجية يبحث مع نظيرته البريطانية سبل تعزيز العلاقات الثنائية    مقتل رئيس هيئة الأركان اللواء محمد عبد الكريم الغماري بجماعة أنثار الله الحوثية    مدرب منتخب السودان: سننافس على لقب كأس أمم أفريقيا في المغرب    تعرف على التهم الموجهة لسائق الميني باص المتسبب في سقوط مسن على الأرض    المسلماني: فرق عمل عابرة للقطاعات لتوحيد رؤية ماسبيرو وتعزيز قدرته على المنافسة    أعراض حساسية الأنف عند الأطفال وطرق التعامل معها    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    رئيس الوزراء: الأمن المائي ليس مجالًا للمساومة.. والنيل بالنسبة لمصر قضية وجود لا تقبل المغامرة    الهيئة الإنجيلية تشارك في دعم المتضررين في غزة    طالبان الأفغانية تلقي باللوم على باكستان في هجومين بطائرات مسيرة على كابول    الكرملين: روسيا مستعدة لتقديم كل المساعدة اللازمة للشعب الفلسطينى    روما يقترب من استعارة زيركيزي لاعب مانشستر يونايتد في يناير    علاء عبدالنبي بعد تعيينه بالشيوخ: ملف الصناعة على رأس أولوياتي    وفد بيراميدز يجري جولة تفقدية لملاعب التدريب في قطر قبل مباريات الإنتركونتيننتال    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة ال 11    محامي زيزو ل"اليوم السابع": أدلة مستحقات اللاعب في اتحاد الكرة    إزالة 6 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية خلال حملات في كفرالشيخ    غسيل أموال وفيديوهات خادشة.. قرار جديد بشأن البلوجر أوتاكا طليق هدير عبدالرازق    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    حملات مكثفة لفرض الانضباط وإزالة الإشغالات بشوارع بورسعيد التجارية    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    مايا دياب ل يسرا: محظوظين بأسطورة مثلك    آمال ماهر نجمة افتتاح مهرجان ومؤتمر الموسيقي العربية    محمد رجب ينضم لنجوم دراما رمضان 2026 ب«قطر صغنطوط»    تطورات جديدة في الحالة الصحية للإعلامية آيات أباظة.. اعرف التفاصيل    يروى تاريخ الإمارات.. متحف زايد الوطنى يفتح أبوابه فى 3 ديسمبر    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    جامعة أسيوط تجري أول جراحة باستخدام مضخة «الباكلوفين» لعلاج التيبس الحاد    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    كلمة مؤثرة في ختام مهمته.. "رئيس النواب": خدمة الوطن شرف لا يدركه إلا من خدمه بقلب نقي ونية خالصة    فرقة دمنهور المسرحية تعرض ها أم مللت في ملتقى شباب المخرجين على مسرح السامر    رجال يد الأهلي يواجه البوليس الرواندي في بطولة إفريقيا    «حظهم وحش».. 3 أبراج تفشل في العلاقات والحب    بطلها حسام عبد المجيد.. صفقة تبادلية بين الزمالك وبيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    انطلاق منافسات ثمن نهائي بطولة مصر الدولية للريشة الطائرة بنسختها العاشرة    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    طنطا تستقبل عشرات الزوار من السودان للمشاركة في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    بيان عملى وتوعية ميدانية.. الحماية المدنية تستقبل طلاب مدرسة بالمنوفية    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    الأمن السوري يلقي القبض على ابن عم بشار الأسد    وكيل الأزهر: حرب أكتوبر ملحمة تاريخية أعادت للأمة كرامتها وللشعب المصري ثقته بنفسه    بعد ملاحظات الرئيس.. النواب يؤجل تطبيق قانون الإجراءات الجنائية إلى 2026    الداخلية تكشف ملابسات فيديو سائق ميكروباص بالبحيرة رفع الأجرة وحمّل ركابًا أكثر من المقرر    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    شوقي علام: سأنضم للجنة الشئون الدينية بالشيوخ لمواصلة الجهد الوطني في مجال الدعوة    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    ترامب يعتزم لقاء مودي خلال قمة آسيان    مشكلة الميراث    .. ورضي الله عن أعمال الصالحين الطيبين لاغير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكري مرور 40 سنة علي وفاته أخطر معارك طه حسين !!
نشر في المساء يوم 02 - 11 - 2013

إذا كان طه حسين قد خاض العديد من المعارك السياسية والفكرية والأدبية . فإن أخطر معاركه هي التي كادت تفضي به إلي السجن . وإلي فصله من عمادة كلية الآداب.
في 12 سبتمبر 1926. أي بعد عام بالتحديد من صدور كتاب "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبدالرازق - وهو الكتاب الذي أحدث رجة عنيفة في المجتمع المصري - تقدم النائب عبدالحميد البنان ببلاغ إلي النيابة ضد طه حسين . للتحقيق فيما ورد بكتاب في الشعر الجاهلي" . كما قدم بلاغاين آخراين . أحدهما لشيخ الأزهر "عن كتاب ألفه طه حسين المدرس بالجامعة المصرية . أسماه" في الشعر الجاهلي " كذب فيه القرآن صراحة . وطعن فيه علي النبي صلي الله عليه وسلم وعلي نسبه الشريف. مما أثار المتدينين . كما أتي فيه بما يخل بالنظم العامة. ودعا الناس للفوضي . وطلب البلاغ اتخاذ الوسائل القانونية الفعالة الناجعة ضد هذا الطعن علي دين الدولة الرسمي. وتقديم الكاتب للمحاكمة . واقترح النائب البنان مصادرة كتاب طه حسين . واتخاذ الخطوات اللازمة لاسترداد المبلغ المدفوع إليه من الجامعة ثمنا للكتاب .وتكليف النيابة العمومية برفع الدعوي علي طه حسين لطعنه في الدين . وإلغاء وظيفة طه حسين في الجامعة . ومع أن طه حسين كتب إلي مدير الجامعة . يشهده أنه مسلم يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . فإن الصحف الحزبية والسلفية ظلت تهاجمه بعنف . مما كاد يؤثر علي هيكل الجامعة نفسه . وكانت آنذاك في بداية عهدها..
بدأ التحقيق في 19 أكتوبر 1926 بواسطة محمد نور رئيس نيابة مصر آنذاك . كان رأي طه حسين أن الغالبية مما يسمي أدباً جاهلياً ليست من الجاهلية في شيء" إنما هي منتحلة مختلفة بعد ظهور الإسلام . فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين . وما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جداً . لايمثل شيئاً ولا يدل علي شيء ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي".
وكان رأية أن قصة إبراهيم وإسماعيل تعاني التكلف والصنعة . وقد دعت إليها حاجة في عصور متأخرة . وورودها في الكتب الدينية يعني تأكيد صحتها التاريخية . وكانت الأرضية التي وقف عليها طه حسين في مقولته هي " أن نستقبل هذا الأدب وتاريخه . وقد برأنا أنفسنا من كل ما قيل فيهما من قبل . وخلصنا من كل هذه الأغلال الكثيرة الثقيلة التي تأخذ أيدينا وأرجلنا ورءوسنا. فتحول بيننا وبين الحركة العقلية الحرة أيضاً "وقال طه حسين:" للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل . وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً . ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لايكفي لإثبات وجودهما التاريخي . فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلي مكة. ونشأة العرب المستعربة فيها . ونحن مضطرون إلي أن نري في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة . وبين الإسلام واليهودية من جهة أخري ". لم يثر كتاب من الجدل والنقاش حوله - والتعبير لرابح لطفي جمعة - كما أثار كتاب طه حسين . صدرت ضد الكتاب بضعة كتب تناقشه . وتهاجمه . وتقذف بمؤلفه بتهم عدة . أقلها الزندقة .فثمة "تحت راية القرآن" لمصطفي صادق الرافعي . و"الشهاب الراصد" لمحمد لطفي جمعة . و"نقد الشعر الجاهلي "لمحمد فريد وجدي . و"نقض الشعر الجاهلي "لمحمد الخضر حسين . و"النقد التحليلي لكتاب في الأدب الجاهلي "لمحمد أحمد الغمراوي .و" نقض ومطاعن في القرآن الكريم " لمحمد أحمد عرفة . بالإضافة إلي عشرات المقالات والدراسات في نقد الكتاب . نشرت في صحف الفترة كالأهرام والسياسة وكوكب الشرق والمكشوف والمشرق والعرفان والصراط المستقيم والمقطم وغيرها . وقد عني محمد لطفي جمعة في كتابه" الشهاب الراصد" û1926‎ بأن يستخدم منهج النقد التاريخي نفسه الذي استخدمه طه حسين في كتابه . واقتصر نقاشه علي الجوانب العلمية والأدبية . دون أن يتعرض للمسائل الدينية . باعتبار أن علماء الدين هم الأجدر بأن يناقشوا تلك المسائل .
وفي تقدير تشارلز آدمز أن طه حسين لم تشغله النواحي الدينية في كتابه . لكنه استهدف تطبيق منهج البحث العقلاني علي الشعر الجاهلي . لقد وضع في كتابه أسس المناقشة الحرة للتاريخ الأدبي في العصرين الجاهلي والإسلامي . فلم يعد ذلك التاريخ يرتفع فوق النقد والتحليل بدعوي انتسابه إلي السلف الصالح . وكتب طه حسين مقالاً بالفرنسية . نشره في باريس . أكد فيه أن كتابه وكتاب علي عبدالرازق " قد نجحا في إرساء دعائم الفكر الحر في الإسلام بصورة حاسمة "ومع أن النيابة أصدرت قراراً في صالح طه حسين "فلكل إنسان إذن حرية الاعتقاد بغير قيد ولاشرط. وحرية الرأي في حدود القانون . فله أن يعرب عن اعتقاده وفكره بالقول أو بالكتابة . بشرط ألا يتجاوز حدود القانون "فإنه اضطر - خوفاً من غضبة الجماهير التي أثرت فيها صرخات القوي الرجعية - إلي إرسال كتاب لمدير الجامعة . أذيع في الصحف و يؤكد فيه أنه لم يرد إهانة الدين . ولم يخرج عليه . وما كان له أن يفعل ذلك وهو مسلم يؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر . وهدأت حدة الأزمة شيئاً ثم بدأت تجد سبيلها إلي الحل . ومع ذلك فإن الحل كان مؤقتاً عندما اشترت الجامعة كل نسخ الكتاب لمنع تداوله في الأسواق . ثم حذف طه حسين من الكتاب فصلاً . وأضاف فصولاً . وأعاد كتابته بعنوان جديد هو "في الأدب الجاهلي " - 1927- وإن لم يتحول طه حسين عن رأيه . حتي إنه كتب في أواسط الأربعينيات أن المعركة التي خاضها انتهت إلي أن "صحة الشعر الجاهلي في عداد الأساطير " وأن الآراء التي وردت فيه أصبحت أموراً مقررة . ولكن المشكلة أثيرت - للمرة الثانية - في مجلس الشيوخ. في العام التالي . وكونت وزارة المعارف لجنة جديدة لفحص النسخة المعدلة . وإبداء الرأي فيها . وانتهت اللجنة في تقريرها إلي تحديد اثني عشر اتهاماً ضد الكتاب ومؤلفه . يكفي أحدها ليضعه في موقف المارق من الدين . ولجأ البوليس إلي وضع حراسة دائمة علي بيت طه حسين لمدة شهرين كاملين . خوفاً علي حياته . ثم تجدد طرح القضية - للمرة الثالثة - داخل البرلمان في 29 يوليو 1927 . ثم في 5 مايو 1930 . ثم في عهد وزارة صدقي عام 1932. حين أراد إسماعيل صدقي أن يستخدم طه حسين لدعم سياسة الحكومة . وأغراه براتب ضخم مقابلاً للمقال الرئيس في جريدة "الاتحاد" الحكومية . لكنه رفض احتراماً لموقفه السياسي . فدفعت الحكومة نوابها إلي إثارة القضية مرة ثانية في البرلمان . لكن توالي الأعوام كان قد أحدث تغيراً لاشك فيه . في نظرة الرأي العام إلي تطورات الأحداث . وإلي السلطة الحاكمة . وإلي بواعث توجيه الاتهامات واتخاذ القرارات . وإلي حقيقة الرجل طه حسين - الذي كان قد أصبح آنذاك عميداً لكلية الآداب - ونقل طه حسين الي وزارة المعارف . ثم صدر قرار تال في 20 مارس 1932 بفصله من وزارة المعارف . لكن القرار كان له رد فعله : قدم مدير الجامعة - لطفي السيد - استقالته . وأكد في خطاب الاستقالة أن فصل طه حسين هو أمر يمس كرامة البحث العلمي وكرامة الجامعة . يمس حرية التفكير وحرية الرأي . وعبر أحمد أمين ومحمد عوض محمد وعبدالرزاق السنهوري عن غضبتهم لمصادرة حرية الفكر . ووقف الرأي العام آنذاك - وهو ما قد يبدو غريباً - مع طه حسين . أدرك الناس أن الحكومة تريد أن تستخدمه كأداة لها . أو تفصله . فوقف بأيحابية . وأطلقت صحف المعارضة علي طه حسين لقب عميد الأدب العربي . ولينص عميد كلية الآداب وحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.