لا تزال حركة 6 أبريل الأكثر مثاراً للجدل في مصر بحكم التاريخ والمواقف الأكثر اثارة في مصر وتفاعلا مع الأحداث وتحريكها.. ولا يزال أحمد ماهر المنسق العام مثار حديث الناس.. فقد بات مادة إعلامية غزيرة.. تارة يكون منبعا لأخبار طبيعية وأخري بتصريحاته علي الأحداث وثالثة بالهجوم عليه وبشراسة خاصة مع اتهامه بالحصول علي تمويل يراه البعض مشبوها خارجيا. وخلال الفترة الماضية قاد أحمد ماهر ومعه العديد من الحركات توجها جديدا بفكر جديد ولكنه ليس بعيدا عن كونه حركة ثورية في ثوب جديد.. يناسب المرحلة والفترة والفكرة. والمثير هو إصرار هذه المجموعة علي فكرة الحركة وليس غير ذلك.. هذا التوجه بجانب الكثير من القضايا المثارة في مصر حاليا دفعنا لهذا الحوار الذي أجريناه مع أحمد ماهر وهو حوار كشف عن كواليس كل ما يدور داخل الحركة الجديدة وتوجهاتها باعتبارها كما قلنا سلفا من أهم الحركات المؤثرة في العمل السياسي في مصر. في البداية سألنا أحمد ماهر: ** لماذا الاصرار علي الحركة؟ * لأن مفهوم الحركة أهم عندنا هذه الفترة من أي شيء آخر.. فالحركة مصدرها التحرك في كل مكان والقيام بالمظاهرات المشروعة والمعبرة عن الرفض لكل ما يحدث من أخطاء دون أن يكون لنا أطماع في منصب.. وهذه الفترة المهتزة تحتاج منا لضغط مستمر لكي تنتظم الأمور. ** وهل هذا مختلف عن عمل الحزب؟ * بالتأكيد.. فالفارق بين الحزب والحركة هو الفارق بين السياسة التقليدية والسياسية غير التقليدية.. فالسياسة التقليدية سياسة الأحزاب تعتمد علي الوصول للمنصب لتطبيق أفكارها ورؤيتها تخطط لذلك بشكل جيد واقتحام الأوضاع مهما كانت لتحقيق مآربها.. أما الحركة وهي غير التقليدية فهدفها الضغط فقط علي السلطة لتحقيق أحلام وطموحات الشعب بمختلف طوائفه. ** هل الأفضل ان نضغط في فترة مهتزة تربك القائمين علي أمور البلاد أكثر أم نضغط والأمور مستقرة؟ * الغاية من الضغط هي التي تحدد الأفضلية.. ونحن لا نضغط للإرباك ولكن لضمان الانضباط وعدم التحول للأسوأ في الفترات المرتبكة.. وخلال الفترة الماضية فترة ما بعد 25 يناير ضغطنا علي المجلس العسكري عندما وجدنا تجاهلا للمحاكمات أو للتطهير أو البحث عن مطامع خاصة والإعلان الدستوري الذي صار في اتجاه تأييد أو رفض بنعم أو لا أو استمرار لنظام مبارك.. وكان لابد من التظاهر وبالفعل حدث التراجع لبعض الشيء من قبل المجلس العسكري.. وفي فترة مرسي لم نجد أي تغيير بل استمرارا لما سبق فكان ضروريا الضغط قبل أن نجد أنفسنا أمام استبداد جديد.. ونحن الآن نرقب الموقف ولم نتحرك انتظارا لما تسفر عنه المرحلة الانتقالية. ** وماذا عن الحركة الجديدة طريق الثورة؟ * هي جبهة تم تكوينها من عدة حركات ثورية وأحزاب وشخصيات مستقلة.. جميعها توافقت معنا في الفكرة والشعور بخطورة الموقف..والموقف الخطير الذي نعيشه يبرز في حالة الانقسام التي سيطرت علي الشعب المصري ما بين من هم مع الإخوان أو مع الجيش وضد الإخوان.. نعم هناك من هم ضد الإرهاب وضد عودة مرسي أو النظام القديم ونحن معهم.. ولكننا في الوقت نفسه لا نقبل الخطأ وضد سياسة القمع والقتل العشوائي والتعذيب وإلقاء التهم جزافا. الجبهة أيضا تضم العديد من اللجان المعنوية تشارك في أكثر من فاعلية كحملة حقوق المصريين من عدالة اجتماعية للحفاظ علي الحريات وحرية التعبير والإعلام والدستور الذي يخدم الشعب بكامله وحقوق المتهمين بمنحهم حق الحصول علي محام خاص للدفاع عنهم لكي يطمئن الجميع علي العدالة الحقيقية. ** لنتجه إلي الحديث عن أهم القضايا المثارة حاليا وأولها الإخوان فما هو رأيك في كونها عادت جماعة محظورة قانونيا وسياسيا ونفسيا؟ * من الناحية القانونية المحكمة قالت كلمتها وباتت حسب القانون محظورة.. أما سياسيا فالحظر أو العزل غير مجد لسببين.. الأول ان التاريخ يقول ان الحظر يزيدهم قوة ولا يخيفهم.. حدث ذلك في عهد جمال عبدالناصر وفي عهد حسني مبارك كما انك من الصعب أن تفرض الحظر علي أيديولوجية ما يقرب من مليون إخواني. السبب الثاني هو ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية.. فمن المستحيل أن تقوم الدولة علي الكراهية والعنف.. ولذلك لابد من حدوث توافق بين كل الأطراف يبدأ باعتراف من اخطأ بالخطأ ونبذ العنف.. وإذا كان الإخوان اخطأوا فلابد من الاعتراف بالخطأ.. فهذه المرحلة الانتقالية تحتاج لعبور كل الأزمات بأقل الخسائر.. فهي مرحلة تضميد الجراح مثلما حدث في جنوب إفريقيا. أما الجانب النفسي فمن الوارد ان يأتي الحظر بنتائج عكسية لأنه سيولد رغبة دائما في الانتقام والثأر.. لذلك أنا أري انه من الأفضل الابقاء علي الجماعة ولكن مع وضع محاذير وتقنين أوضاع وتحسين سلوك. ** قبل أن نترك الإخوان كيف تري القرار القادم بعدم قيام الأحزاب علي أساس ديني؟ * أنا مع هذا القرار تماما ومقتنع به لأنه أدي إلي انقسام داخل المجتمع.. والأحزاب التي أقيمت علي أساس ديني مارست السياسة بطريقة خاطئة وتسببت في هذا الانقسام لأن المفاهيم تختلف والمعالجة تختلف بين الأحزاب الدينية وغير الدينية والدولة المدنية لا تستقيم مع فكر الأحزاب الدينية. فقد كنت أري الإخوان يطالبون بدولة مدنية ولكن بخلفية دينية وانهم لا يسعون للسلطة ثم تغيرت الأوضاع بعد ذلك وراحوا يستشهدون بأمثلة لأحزاب مسيحية في دول عديدة ولكن لم ير أحد ان هذه الأحزاب المسيحية تغير في الدستور ولم يكفروا أحدا مثلما فعل الإخوان عند كتابة دستور 2012 ولكن كانت هناك قيم دينية تم الحفاظ عليها دون تغيير في فكر أحد أو فرض فكر بعينه ولذلك ما روج له الإخوان خالفوه مع وجودهم في السلطة وأرادوا تطبيق أشياء مختلفة. الإخوان أنفسهم استشهدوا بتجربة طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا الذي قال: ان تركيا دولة علمانية بمرجعية دينية ولم يحافظوا علي ذلك.. والحقيقة ان هناك الكثيرين علي مستوي العالم اعترفوا ان الإخوان أفسدوا الكثير من المشروع الإسلامي بتصرفاتهم. ** بوجه عام كيف تري المشهد في مصر حاليا؟ * أري كراهية وحروبا وانقساما.. وأري ان هذا المشهد سيستمر بعض الوقت وقد استمر هذا المشهد في الجزائر قرابة العشر سنوات ولم ينته إلا بالحوار.. ونحن في هذا التوقيت نحتاج بشدة للعقلاء في الطرفين لكي نختصر هذا الوقت.. الجمود في التفكير أسلوب مرفوض تماما والشعور بأنك علي الصواب وغيرك علي الخطأ شيء مرفوض فلابد من الاعتراف بالآخر والتعامل معه. * كلنا يعلم ان حزب النور غير صدامي وتلك طريقته حتي أيام مبارك وقد كان يتبني فكرة عدم الخروج علي الحاكم وكان ضد حركة 6 أبريل ورغم ذلك يجب ان توفر لهم الحماية الطبيعية كأي حزب وعلينا ان نتعامل معهم من هذا المنطلق ولا نرسم لهم شخصية أخري. ** والحديث مستمر حول المتغيرات هناك شخصية إسلامية حيرت الناس وهو الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح؟ * الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح كان يمثل خط الاصلاح داخل الإخوان ولذلك تم استبعاده والاطاحة به بعد 25 يناير وأنا أري ان مواقفه ثابتة هو وحزبه ولم يتغير كما يدعي البعض هو لا يريد العنف ولا الكراهية. ** وماذا عن الارتباك الذي اصاب جبهة الانقاذ وانتقاد بعضهم للبعض الآخر والخلافات التي قفزت للسطح؟ * جبهة الانقاذ كان لها دور كبير معنا في 30 يونيه ولكن لا أعرف أين هم الآن فموقفهم غير واضح لنا ولكن ربما يكونون في مرحلة تحضير للانتخابات البرلمانية أو الرئاسية. أما فيما يخص الاختلاف فهذا وارد وطبيعي لاسيما وانهم أكثر من حزب بأكثر من توجه وفكر.. ولذلك فاروع من اختلافهم تجمعهم حتي الآن. ** قبل أن نخرج من لجنة الخمسين والانتخابات هل تريد النظام رئاسياً أم برلمانياً أو مختلطاً؟ * المختلط أفضل بكثير وقد حاربنا في اللجنة السابقة علي نظام المختلط ولكن جاءت صلاحيات الرئيس أكثر بكثير مما كنا نريد وهو ما نتمني عدم وجوده في الدستور القادم. ** والانتخابات البرلمانية فردية أم قوائم؟ * الفردي يسمح بسيطرة رجال المال والقبلية ان تفرض نفسها علي المشهد ومن يملك المال يستطيع ان يفرض نفسه ولكن القوائم أفضل بكثير. ** بكل صراحة ووضوح أين المعارضة في مصر؟ * لا توجد معارضة حيث لا يوجد نظام والنظام غير واضح الملامح والدستور لم يظهر للنور ولا يوجد ما يعترض عليه الناس وعندما يصبح لمصر سلطة واضحة وكيان طبيعي ودستور ستكون هناك معارضة قوية وواضحة. ** هل في ناس خايفة؟ * ليس الخوف بالمعني الذي يظنه الناس ولكن هناك محاولات للحفاظ علي الاستقرار في هذه الفترة وصوت المعارضة سيظهر في الوقت المناسب. ** بعد 30 يونيو ظهرت أصوات تقول ان 25 يناير كانت انتفاضة بعض الشباب وانضم لها الشعب والثورة الحقيقية هي 30 يونيو؟ * 25 يناير و30 يونيو موجات ثورية لأن الثورة مستمرة ولكن 25 يناير كانت ضربة البداية أو بداية الثورة وليست انتفاضة وليس من حق أي أحد أن يعتبرها انتفاضة لأنها تسببت في ثورة 30 يونيو وقد تكون هناك موجات أخري. * للأسف الحملة المدبرة في هذا الاتجاه من بعض الشخصيات تحمل الكراهية والتخوين الذي يشبه تهمة التكفير وهي التهمة التي أطاحت بنظام مرسي أو لعبت دوراً كبيراً في غضب الشعب تجاه الإخوان والجماعة الاسلامية وهؤلاء لا يدركون خطورة ما يرددونه علي الشخص الذي يتهمونه دون دليل والخطر يمتد عليه وعلي أسرته ويولد العنف ضده بل إن كثرة الكلام في هذا الشأن تسبب جرحاً لأسرة المتهم البرئ.