مازالت أبواب "جمهورية طرة" مفتوحة لاستقبال الصفوة وكبار المسئولين السابقين في أجهزة الدولة والمحظوظين ممن أخذوا ما ليس لهم الحق فيه من أراض وأموال أو من الذين كان لهم دور في إحداث الفساد سواء السياسي أو الاقتصادي. وأكثر من وقع عليهم الظلم في هذه الأحداث المتلاحمة هم مأمور سجن طرة والضباط الذين لا ينامون الليل أو النهار يعيشون حالة من الطوارئ وهم مستعدون لفتح دفاترهم لتسجيل القادمين من مكتب النيابة العامة أو الكسب غير المشروع خاصة وأن التحقيقات تستمر أحيانا إلي الساعات الأولي من الليل وعلي الرغم من أن السجون لا تستقبل النزلاء في الأمور العادية بعد الساعة الخامسة إلا أن ما يحدث هو ظرف استثنائي لما تمر به البلاد من أحداث. داخل مزرعة طرة وعلي وجه التحديد في المنطقة الواقع فيها عنبر التأديب كما يطلقون عليه وهو المكون من مجموعة من "الزنازين الانفرادية" يجمع كل مجموعة منها باب مختلف الصورة لأن السجناء فيها ليسوا من الأشخاص العاديين فجميعهم من كبار المسئولين ابتداء من د.أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق ومعه رئيس مجلسي الشعب والشوري السابقين د.فتحي سرور وصفوت الشريف والوزراء السابقين أحمد المغربي وجرانة وأنس الفقي وحبيب العادلي ومعهم د.زكريا عزمي وأحمد عز وجمال وعلاء مبارك ومرتضي منصور وعمرو عسل وإبراهيم كامل. وما تم رصده بالأمس اختلف كثيرا عن سابقه فقد شهدت الفترة ما بعد الظهيرة مناقشات ساخنة كان أطرافها د.سرور والشريف وحبيب العادلي احتدم فيها النقاش حول مسئولية وزير الداخلية الأسبق عما حدث ونجاح الشباب في إحداث الثورة لعدم قدرته علي تقدير الموقف الحقيقي لما يدور في الشارع وعدم اتخاذه الاجراءات الكافية للسيطرة علي ميدان التحرير والمواقع التي تجمع فيها الشباب في المحافظات الأخري. حاول العادلي الدفاع عن نفسه فيما تدخل هشام طلعت مصطفي لينهي هذه المشادة بينما حرص علي جمال وعلاء مبارك علي المتابعة دون الاشتراك وكان قد بدا عليهما أمس الهدوء النسبي والتماسك والاستجابة للمحاولات التي بذلها معهم باقي النزلاء لجذبهما تجاه الاشتراك في الحديث وإن كان شغلهما الشاغل هو بذل الجهد لمتابعة أخبار والدهما الصحية من خلال المراقبة الدائمة لشاشة التليفزيون الموجودة في كافتيريا السجن. وعلي الرغم من تواجد كل من المغربي وعز وجرانة في نفس الموقع إلا أنهم لم يشاركوا في المناقشات بل كانت تدور بينهم أحاديث جانبية جاء بعضها لمناقشة ما يحدث علي الساحتين الليبية واليمنية وأيضا المناقشة حول ترشيح مصر للدكتور أنس الفقي لأمانة الجامعة العربية خلفا لعمرو موسي وقد استحوذ خبر تعيين عدد من المحافظين الجدد الذي بثه التليفزيون المصري أمس علي جزء من المناقشات. كانت النيابة قد سمحت لعدد من المحامين بمقابلة النزلاء المذكورين وفقا للقانون للاستفسار منهم علي بعض المعلومات التي تفيدهم في التحقيقات أمام النيابة والقضاء. كما تم السماح لأسر السجناء بادخال الأطعمة وبعض الأدوات التي يحتاجها النزيل من ملابس بيضاء وملابس داخلية والأدوية ويتم التفتيش الدقيق لكل ما يتم ادخاله من تلك الأشياء ولا يوجد بحوزة جمال أوعلاء مبارك أي تليفون محمول. حرص كبار المسئولين المتواجدين في سجن المزرعة علي رياضة المشي إلا المستشار مرتضي منصور الذي فضل الجلوس حتي لا تعود إليه الأزمة القلبية مرة ثانية. أما إدارة السجن فقد أعلنت حالة الطوارئ داخل مستشفي السجن وإلغاء الأجازات للضباط والأطباء أوالأطباء المدنيين العاملين في المستشفي لأن الكثيرمن هؤلاء السجناء من كبار السن وبعضهم مصاب بأمراض مزمنة اضافة إلي الحالة النفسية غير المستقرة التي تسيطر عليهم كما تم تزويد السجن بعدد من سيارات الاسعاف لتكون جاهزة لنقل أي سجين يصاب بأزمة يصعب علي مستشفي السجن التعامل معها. ويتلاحظ لمن يعرف منطقة سجن طرة جيدا أن هناك زيادة كبيرة في المشاركين في عملية التأمين للسجن من الداخل والخارج والتي تتم بالتنسيق بين القوات المسلحة التي وضعت عددا كافيا من الآليات العسكرية المدرعة حول جميع الأسوار فيما ضاعفت وزارة الداخلية أعداد رجال الأمن المشاركين في حراسة هذا السجن.