أحمد الله وأتضرع إليه شاكراً أن عشت لأري ثورات كل بلادي التي جرت خلال النصف الثاني من القرن الماضي.. وأعيش الحروب بداية من حرب 48 وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. حيث كنت صبياً حتي ثورة يونيه ..2013 غير أن ما جري خلال الأيام القليلة الماضية بداية من مظاهرات 30 يونيه حتي إعلان خارطة المستقبل التي أطلقها الفريق أول عبدالفتاح السيسي. القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي جعلتني أستعيد الذاكرة مباشرة إلي ما حدث في يوليو 1952. نفس الأسباب.. نفس السيناريو.. نفس النتائج.. واسمحوا أن نعود معاً بالذاكرة خاصة شباب العواجيز أمثالي.. فقد بدأ التخطيط لثورة يوليو في أعقاب حرب فلسطين 1948 عندما أعقبها تغييرات مختلفة في الوزراء والحكومات. حتي أن عام 1952 نفسه شهد تغيير أكثر من حكومة. وكانت حرائق القاهرة الشرارة التي عجلت بقيام الثورة بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت مجموعة من الشخصيات الكبري والوزراء. نصل إلي بيت القصيد والساعات الأخيرة لإطلاق شرارة الثورة عندما شرع الثوار في ذلك الزمان في عملية تحضيرية منظمة.. ومخططة بالقبض علي كل قادة الجيش.. وتحديد إقامة الملك. حتي أنه لم يستطع الاتصال بوزير حربيته الفريق حيدر باشا. وحصار كل المنشآت الحيوية المدنية والعسكرية بعد أن كان الثوار قد جهزوا البيان الهام الذي أذاعه عضو مجلس قيادة الثورة أنور السادات قبل أن يتولي رئاسة البلاد فيما بعد. أقول: اطمأن قادة الثورة إلي أن كل الأمور باتت تحت السيطرة. وعندها أطلقوا قنبلتهم التي انتظرها الشعب الذي كان يعيش علي فوهة بركان. فكان البيان الذي أضاءت بعده الدنيا علي وجه الكرة الأرضية بأن في مصر ثورة. نفس الموقف.. ونفس الظروف التي أحاطت بمصر قبل قنبلة 2 يوليو ..2013 فاض الكيل بالشعب كله. وضاق ذرعاً بأحوال بلاده المعيشية في الداخل. وحتي علي المستوي الخارجي بعد أن هبطت أسهمه في كل أنحاء الدنيا وبات اسم مصر مرتبطا بالتخبط والانهيار والانكسار. اقتصاد منهار.. جميع عملات العالم باتت أعلي من الجنيه المصري. حتي الجنيه السوداني الذي كان الجنيه المصري يملأ به كيساً كبيراً. وكان أعلي من جميع العملات العربية. ومن الدولار الأمريكي والجنيه الانجليزي.. انخفض وبات الجنيه تسبقه علامات عشرية كثيرة. ليصل إلي رقم صحيح. ثم كانت أوضح صورة لثورة 1952 وأقربها تشابهاً هي الخطة التي انطلقت فيها ثورة يونيه 2013. وهي الدراسة المتأنية والكتمان التام.. والمهم والأهم التحضيرات بشأن التحفظ علي قادة الإخوان. والتحفظ علي رئيس الدولة ومنعه من السفر ومعه كل رفاقه وعشيرته. ثم السيطرة علي نواحي الحياة والمنشآت حتي باتت الأرض ممهدة بإطلاق صيحة ثورة التصحيح التي أطلقها عبدالفتاح السيسي. لتدوي في سماء الكرة الأرضية لتعيد مصر وشعبها إلي الوضع الطبيعي الذي عاشوا وتربوا عليه آلاف السنين بعد أن حاول السابقون الرجوع بها إلي عهد الظلام والجهل.. ليتأكد الجميع من طبيعة هذا الشعب الذي إذا انطلق فلن يستطيع أن يقف أمامه أحد.