كثيرة جدا تلك الافلام السينمائية التي صورت حياة ادولف هتلر "20 ابريل 1889- 30 ابريل 1945". لم يختلف صناع هذه الأعمال كثيرا حول تقييم دور الديكتاتور المدمر لشعبه ووطنه وللإنسانية بشكل عام. تباينت وجهات النظر أحيانا حول السنوات الأولي من حياته. وكانت مرحلة صعبة جدا وحول المرحلة المبكرة من شبابه حينما حاول أن يصبح فنانا تشكيليا وبالفعل رسم لوحات عديدة محدودة القيمة ولم يفلح في الالتحاق بأكاديمية الفنون في فيينا ومع ذلك كان يعشق موسيقي فاجنر ويجد فيها إلهاما قويا لطموحاته. ركزت الأفلام علي نزعاته العنصرية. وعدائه لليهود وللشيوعية. وإيمانه المطلق بالتفوق وبالانتماء إلي جنس جدير بحكم العالم.. وركزت الأفلام بصورة أخص علي جريمته "الهوكولست". من أقواله التي اقتبستها الأفلام التي تناولت حياته: لا تقارن نفسك بالآخرين. لو فعلت ذلك إذن أنت تهين نفسك". ومن أقواله أيضا التي مثلت درسا ربما لحكام فاشيين حاولوا أن يستفيدوا منه "اجعل الكذبة كبيرة. اجعلها بسيطة كررها باستمرار وفي النهاية ستجد ان الناس يصدقوها"!! ادولف هتلر ديكتاتور عظيم. أحب بلاده وآمن بأنها أقوي وأرقي بلاد الدنيا وان شعبها أكثر الشعوب تفوقا. وهو محارب شجاع شارك في الحرب العالمية الأولي وحصل علي نياشين واعترك ميدان السياسة وتدرج حتي ترأس حزب العمال الألماني الاشتراكي القومي وحكم المانيا في الفترة من "1933- 1945" وكان خطيبا مفوها قوي الحضور وراقي الهيئة أنيق. آمن جدا بماكينة الدعاية واختار وزيرا لها يعتبر أشهر من تولي هذه المهمة "جوبلز" في التاريخ ومن هنا كانت جماهيريته. وعشق الشباب الألماني له وانضباطه الصارم الذي ظهر في الفيلم التسجيلي "انتصار الإرادة" 1935 للمخرجة الألمانية ليني رايفستاهل وقد شارك هتلر نفسه في انتاجه والفيلم يعتبر أحد أهم الأفلام التسجيلية. كتالوج "الديكتاتوريات" يضم موديلات وأحجاماً وأوزاناً تاريخية تتفاوت في قيمتها واهميتها وثقلها التاريخي ومن سوء حظ البشرية ان مصنع انتاجهم لا يتوقف والكارثة الكبري ان الشعوب نفسها هي من تتعهد برعايتهم. الأفلام السينمائية الأكثر تأثيرا التي صورت ادولف هتلر باعتباره الشر المطلق. هي تلك التي تناولت تراجيديا "الهولوكست" ومعسكرات الإبادة التي أسسها النازيون أثناء الحرب الثانية "1939- 1945" وجمعوا فيها عددا كبيرا من اليهود إلي جانب القوميات والديانات الأخري من دول العالم أوروبا الشرقية التي كان يحاربها وبصفة خاصة بولندا. فيلم "صعود الشر" 2003 "the rise of EVIL" للمخرج كريستيان دوجواي وبطولة الممثل الاسكتلندي روبرت كارلايل يستحضر السنوات المهمة في حياة هتلر وان لم يلتزم الدقة حسب شهادة بعض النقاد.. قام الممثل كارلايل بدور عظيم في تصويره لشخصية هتلر. وايحاءات صادقة تعكس صورة واقعية لهذا الرجل الذي ذاق مرارة الفقر. وعرف معني الكفاح ووصل إلي أعلي مراتب السلطة والنفوذ في ألمانيا ولكنه رغم ذلك وبسبب طموحه الجنوني وتعصبه الأعمي وانحيازه لأفكاره أصبح مسئولا أمام التاريخ عن مصرع الملايين الذين جرهم إلي الحرب والذين أبادهم في أفران الغاز ومسئولا عن هزيمة بلاده وتمزقها. كثير من الأفلام الروائية والتسجيلية تنتمي إلي جنسيات مختلفة ورؤي وزوايا نظر تعطي دارسي التاريخ بورتريهات للشخصيات المؤثرة فيه ودروسا حول الجوانب الموضوعية والذاتية والنفسية وأيضا عن الظرف التاريخي. والاجتماعي والأشياء الخاصة المتفردة التي ساهمت في تكوين الشخصية وتأهيلها للدور الذي تؤديه في توقيت بعينه وسياق خاص محلي ودولي. من الأفلام المهمة هنا فيلم "ليل وضباب" للمخرج الفرنسي آلان رنيه وفيلم السقوط "Down FALL" الذي يقدم دراما واقعية مؤثرة جدا عن الحرب العالمية الثانية. يقول هتلر في هذا الفيلم الذي وصفه النقاد بأنه الأكثر قوة في كشفه عن العنصر الإنساني والذاتي لدراما الحرب وللزعيم الذي أشعل شرارتها يقول: لقد خسرنا الحرب. ولكن أي واحد منكم يعتقد انني سأترك برلين فهو خاطيء. فأنا أفضل أن أطلق رصاصة علي رأسي قبل أن أفعل ذلك. الفيلم يصور حكاية شعب كان يحكي النكتة. ويشرب الخمر ويمارس حياته الاجتماعية ويسمع الأغاني ويرقص وهو نفسه الذي يعتنق القومية الاشتراكية باخلاص بالغ إلي الدرجة التي تجعله يرتكب اخطاء شنيعة كتلك التي قام بها! ان هؤلاء الناس كما يصورهم الفيلم لن يصدقوا انهم ارتكبوا خطأ فادحا والسبب انهم كانوا يؤمنون انهم يمهدون الطريق إلي مستقبل مجيد والنتيجة هزيمة مدوية وملايين القتلي.. الفيلم يصور أيضا ولاء النازيين الأعمي لمبادئهم واهدافهم وان ذلك الولاء والتعصب أدي إلي سقوط الحزب والوطن والبشر. "السقوط" أحد أهم الأعمال التي تعطي صورة دقيقة عن حياة ومصير أحد أهم رجال القرن العشرين وأكثرهم سقوطا في براثن الخطأ والخطيئة. أوغاد مغمورون يخطيء من يتصور ان الافلام السينمائية تعبر عن وجهات نظر محايدة أو صادقة بنسبة مائة بالمائة. وهذا الفيلم الذي قام ببطولته توم كروز عام 2009 يصور مغامرة خيالية من صنع مخرجه اتسمت أعماله بالدموية وبالعنف الصادم وهو كونتين ترانتينو "كلاب الحراسة". المغامرة يقوم بها تسعة من اليهود الأمريكيين يقول الفيلم انهم شاركوا في خلع ادولف هتلر!! وسقوط الرايخ الثالث. وهتلر كما يعرف الجميع مات منتحراً. المغامرون الأمريكيون لم يسقطوا هتلر فقط وإنما ايضا وزير دعايته جوزيف جوبلز ومارتن بورمان وعدد من الرجال الألمان الذين احتلوا أعلي المراتب في صفوف الجيش والبوليس الألماني. وكأن المخرج أراد أن يقدم انتقامه الشخصي السينمائي المتوهم من هتلر بسبب "الهولوكست". التاريخ السينمائي يسجل قائمة طويلة من الأفلام التي تناولت معسكرات الإبادة ويشهد نفس هذا التاريخ ان اليهود والصهاينة برعوا في استغلال الحادثة وفي ابتزاز العالم الغربي بصفة خاصة من أجل دعم إسرائيل التي ساعدها الغرب نفسه في إقامة دولتها لأسباب سياسية استعمارية يعرفها الجميع.. أهم هذه الأفلام فيلم "قائمة شندلر" لستيفن سبليرج. وقدمت استديوهات هوليوود نوعية خاصة عرفت بأفلام الهولوكست تلفت النظر إلي الجرائم المروعة التي قام بها النازيون في ألمانيا ضد اليهود وساقوا أرقاما مبالغ فيها جدا حول عدد الضحايا والواقع ان عدد الضحايا من العرب في فلسطين الذين تم تعذيبهم وابادتهم علي يد اليهود في إسرائيل طوال أكثر من 65 سنة يتجاوز عشرات المرات اعداد اليهود ضحايا الهولوكست.. لكن هوليوود الشرق "مصر" ظلت في غفلة. الديكتاتور النازي يعتبر الأكثر شهرة وحضورا في التاريخ وهو يحتل دون غيره مساحة معتبرة في التاريخ السينمائي. بعض الافلام ركزت علي الحياة الخاصة لهتلر وعلاقته المعروفة بايفا براون ومن هذه الأفلام فيلم "Moloch" الذي يصور العلاقة الخاصة ليس فقط بين هتلر وايفا براون ولكن أيضا بينها وبين جوبلز وزير الدعاية وزوجته ماجدة ومارتن بورمان بينما يقضون اجازة قصيرة بعيدا عن السياسة. يقدم الفيلم شخصية هتلر من خلال اداء الممثل الذي لعبها "ليونيد موزجونوزير" شخصية قلقة. عصيبة. مستغرقة في ذاتها وأحيانا ضعيفة. لا يلتفت للعلاقات المشدودة حوله بما فيها علاقته هو المضطربة مع ايفا براون التي لعبت دورها الممثلة يلينا روفانوفا. يعتقد النقاد ان هذا الفيلم يعتبر نقطة ارتكاز سينمائية بسبب تصويره الدقيق لشخصية هتلر والذي يظهر لأول مرة في تاريخ الفيلم الروائي كشخصية إنسانية الأمر الذي يعني ان المخرج استند علي تقييم فني وموضوعي لا ينحاز للفهم الشائع الذي روجت له الافلام وإنما اعتمد علي فهم القوي السياسية التي اقتربت منه. لا يستطيع أحد أن يحكم عن مدي دقة المعلومات التي جاءت في كتاب السيرة الذاتية "كفاحي" Mein KampF الذي تحول إلي فيلم سينمائي خصوصا ان هتلر يؤمن بأن الكذبة الكبيرة التي يتم ترديدها دوما يصدقها الناس!