أسماء محفوظ الفتاة التي لا يزيد عمرها علي 26 عاما دخلت تاريخ مصر من أوسع أبوابه وخلدت اسمها في وجدان الناس مثلما خلد محمد بوعزيزي اسمه في تاريخ تونس.. ولكن أسماء لم تحرق نفسها كما فعل بوعزيزي وإنما أطلقت صرخة عبر موقع "اليوتيوب" أحدثت تحولاً تاريخيا ليس في مصر وحدها ولكن في المنطقة العربية والعالم كله. بالتأكيد لم تكن أسماء تتوقع أن تتحول دعوتها للشباب ولجميع المواطنين بالنزول إلي الشارع والتظاهر السلمي يوم 25 يناير تتحول إلي ثورة عارمة يشارك فيها ملايين المصريين في كل المحافظات.. ويسقط بعدها النظام وتبدأ مصر عهداً جديداً ديمقراطية حقيقية. استطاعت أسماء من خلال لغتها البسيطة والمؤثرة أن تعرف جيدا ما تريد ورغم أن رجال الأمن استدعوها واستدعوا أهلها وحققوا معهم قبل الموعد الذي حددته لمظاهرة 25 يناير ووجهوا لهم تحذيرات عنيفة.. إلا أنها تحدت الخوف وقالت بلغة عامية بسيطة: "لو انا خفت وغيري خاف حنفضل زي ما احنا ومش حنتغير ولا هنعمل أي حاجة ويبقي عليه العوض في البلد دي". وظلت تحرض الناس بلغتها البسيطة ولكن بقدرة هائلة علي شرح الأوضاع مؤكدة أنها تدعو الشعب إلي التحرك لانقاذ مصر مما غرقت فيه من فساد هائل. ولم تتوقع أبدا أن يستجيب لها حوالي 8 ملايين مواطن معظمهم من شباب "الفيس بوك" الذي كنا نطلق عليه شباب "سوسو" و "ولولو" ولكنه اثبت أنه شباب قوي الإرادة استطاع أن يغير وجه الحياة في 18 يوما فقط بعد أن فشلت كل القوي السياسية المعارضة في تغيير هذا الواقع المؤلم في سنوات طويلة. تحية تقدير وإعزاز إلي أسماء محفوظ وإلي كل شباب ثورة 25 يناير. وسيذكر التاريخ بحروف من نور هذه الفتاة المصرية البسيطة التي حطمت حواجز الخوف وعبرت عن وعي جيلها كله بمسئوليته عن رسم مستقبل أفضل لمصر.