اكتشاف جمال وأصالة الألحان العربية من خلال فقرات غير متداولة في الفرق ويتم إختيارها وفق رؤية واعية وتقديم أصوات جديدة للساحة مع إجادة في الأداء هذه بعض سمات حفل فرقة "الأحلام" الذي أقيم علي مسرح الجمهورية وشهده عدد كبير من عشاق الموسيقي والغناء وشارك فيه أيضاً مجموعة من نجوم فرق الموسيقي العربية بالأوبرا.. وفرقة "الأحلام" تعد أول فرقة خاصة أنبثقت من الفرق الكبري ثم توالت بعدها الفرق المختلفة أمثال "كنوز" و"روائع النغم" و"الليل والموال" وغيرها.. الفرقة أسستها أحلام أحمد والتي تعد من رواد الغناء تتلمذت علي يد نويرة وكانت نجمة فرقة الموسيقي العربية ثم أنتقلت إلي فرقة التراث لتعد من أبرز نجومها.. البرنامج تتضمن حوالي 22 فقرة معظمها أغاني فردية كل منها يحمل فكرة موسيقية وبعضها يمثل تطورا في تاريخ الأغنية العربية وهذه ميزة تضاف لإيجابيات هذا الحفل.. البداية كانت مع أغنية "عدي النهار" وتفوق في أدائها محيي صلاح نجم فرقة التراث وكان إختيارها موفقاً حيث جاءت مناسبة للواقع الذي نعيشه الآن فالظروف التي صدرت فيه هذه الأغنية عقب نكسة 1967 وكتبها عبد الرحمن الأبنودي بشكل رمزي يصف حال مصر وإنكسارها ولكنه يعطي الأمل في الإنتصار وتخطي العقبات وقد أنفعل الجمهور معها خاصة عندما قال مقطع "أبدا بلدنا ليل نهار بتحب موال النهار" الأغنية تمثل تطورا في ألحان بليغ حمدي الوطنية وأيضاً في التوزيع حيث تبدأ بالوتريات وبغناء في صيغة الموال يختلف تماماً عن الأسلوب الحماسي المعتاد في هذا النوع من الأغاني والذي يعتمد دائماً علي آلات النفخ والإيقاع.. اختتم هذا الفاصل بالموسيقي حيث كان ضيف الحفل عازف العود سيد منصور الذي ببراعته المعهودة وبأسلوبه الطربي ومهارته في التقاسيم عزف لنا مجموعة من ألحان موسيقار الأجيال حازت علي الإعجاب وأعطت ثراء وتنوعاً لهذا الحفل.. بين بداية الفاصل ونهايته تفوق مجموعة المشاركين من النجوم الذين قدموا أغاني اشتهروا بغنائها في فرقهم ولكن لمجموعة مختلفة من الملحنين مما أعطي تنوعاً جميلاً غنت نهي حافظ أغنية "طب وأنا مالي" لبليغ وشدا مازن عادل بلحن منير مراد "بأحلم بيك" وقدم أحمد محسن "عل الحلوة والمرة" من ألحان محمود الشريف ومن ألحان حلمي بكر غنت دينا سراج "علي جري".. قدم الحفل موهبتان الأول المطرب الشاب مصطفي جمال الذي أدي أغنية "أهواك" كلمات حسين السيد وألحان عبد الوهاب وهو طالب في اكاديمية السادات وفاز علي مدي عامين متتاليين بالمركز الأول في مسابقة الغناء وادئه يؤكد ان لديه موهبة واحساس عالي ووسامة النجوم ولكن مازال يحتاج إلي الثقة في النفس لمواجهة الجمهور.. أما الموهبة الثانية فكان حسام غريب الذي وصل إلي التصفية النهائية في برنامج "صوت الحياة" ويملك صوتا قوياً وعريضاً لديه حضور علي المسرح واضح أنه سبق له التدريب الجيد وقد كان موفقاً في اختياره لأغنية وديع الصافي "علي رمش عيونها" التي أوضحت إمكانياته الصوتية... نجمة الحفل أحلام قدمت بمفردها 13 أغنية منهم 5 أغاني لفيروز "سألتك حبيبي- وطير الوروار- حبيتك بالصيف- اعطني الناي وسهر الليالي" وأحلام تعد أول من قدمت أغاني فيروز علي الساحة وكان ذلك منذ عدة سنوات علي مسرح الساقية حيث أدت 30 لحناً بإتقان كبير وبدأ يطلق عليها الجمهور لقب فيروز مصر ويعود نجاحها أن غناءها يجمع بين الدقة وإتقان اللهجة اللبنانية وحفظ تفاصيل اللحن مع إمتلاكها إمكانيات صوتية تجعلها تؤدي النغمات العالية والمنخفضة بنفس الجودة وهذا ساعدها في اختيار الأغاني بشكل عام فقدمت في هذا الحفل من ألحان بليغ "يا أم الصابرين" والموجي "أكدب عليك" ولحن فريد الأطرش "أحبك ياني" الذي يعد اكتشافاً لكنوزنا وأدته صباح في احد الأفلام في خمسينيات القرن الماضي وفيه تأثر فريد بالنغمات الغربية كما غنت أيضاً أغنية ليلي مراد ولحن محمد فوزي "أنا قلبي خالي" والتي تمتاز بتوزيع جديد وإعتماد علي آلة البيانو وتعد أيضاً من علامات التطور وهذا ينطبق علي الأغنية التعبيرية "كل شيء راح وانقضي" التي غنتها نجاة في فيلم "الشموع السوداء".. غنت أحلام من ألحان السنباطي "دليلي أحتار" واري إنها من إيجابيات الحفل حيث تعد من الألحان الصعبة والجديدة علي الجمهور حيث إنها غير متداولة ويعد تقديمها جرأة ومجازفة لأنها تعتمد بشكل كبير علي مصاحبة موسيقية متميزة وهنا تبرز مشاكل الفرق الخاصة منها قلة الإمكانيات وتتمثل في قلة العازفين والكورال ولكن في هذا الحفل كان عازف الأورج المعروف مصطفي سند بطل العرض واستطاع أن يعوض غياب بعض الآلات وبخبرته وحسه الموسيقي استمعنا إلي هذه الأغاني التي تعتمد علي التوزيع الموسيقي الفريد ومعظمها لديها فكرة وذات ألحان صعبة وتحتاج إلي فرق موسيقية متكاملة ولكنها تمثل إضافة للساحة الموسيقية وخروجاً عن المألوف وتحقق رسالة للأسف الفرق الكبري والتي لديها كل الإمكانيات تناستها..